في ذكرى ميلاده… الوطن يفتقد رفيق الحريري

تالا الحريري

رفيق الحريري تلك الشخصية التي مرت على إغتيالها 17 عاماً ولا يزال ذكر إسمه يرعب كارهيه. 

رحل رفيق الحريري غدراً لكنه لا يزال شوكة في عيون الكثيرين الذين ظنوا أنّه سيغيب من ذاكرة اللبنانيين. ولو كان بيننا اليوم لكنا نحتفل معه بعيده الـ78…

ولد رفيق الحريري في 1 تشرين الثاني 1944 لأب مزارع في مدينة صيدا، بعد تخرجه من جامعة بيروت العربية. سافر إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل مدرساً، لكنه بعد سنوات، بدأ العمل في مجال الصناعة الإنشائية. 

وفي عام 1969 أنشأ شركته الخاصة في مجال المقاولات والتي برز دورها كمشارك رئيس في عمليات الاعمار المتسارعة التي كانت المملكة تشهدها في تلك الفترة.

وفي أواخر السبعينيات اشترى “شركة أوجيه” الفرنسية ودمجها في شركته ليصبح اسمها “سعودي أوجيه”، لتصبح من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي، واتسع نطاق أعماله ليشمل شبكة من البنوك والشركات في لبنان والسعودية. وفي مطلع الثمانينيات أصبح واحداً من بين أغنى مائة رجل في العالم، وعمل كمبعوث شخصي للعاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز في لبنان، ولعب دوراً مهماً في صياغة اتفاق الطائف.

تولى رئاسة الحكومة الأولى من 1992 حتى 1998 ثم عاد وتسملها من 2000 حتى 2004 حين قدم استقالته بعد خلاف مع الرئيس إميل لحود استفحل بعد تعديل الدستور لتمديد فترة رئاسته ثلاث سنوات إضافية.

أثناء توليه الحكومة ساهم في إعاده بناء بيروت، فارتفعت نسبة النمو في لبنان إلى 8% في العام 1994، وانخفض التضخم من 131% إلى 29%، واستقر سعر صرف الليرة اللبنانية. 

اغتيل الرئيس الحريري بإنفجار مدبّر في 14 شباط 2005 لدى مرور موكبه بجانب فندق “سان جورج” في بيروت. وأنشئت اثر ذلك المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أصدرت هذا العام مذكرتي توقيف بحق عضوين من “حزب الله” هما حسن مرعي وحسين عنيسي، بعد إدانة عضو آخر في الحزب هو سليم عياش بتهمة القتل عمداً في 2020 وحكمت عليه غيابياً بالسجن مدى الحياة.

رسالة نازك الحريري 

ولمناسبة ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد، وجهت السيدة نازك رفيق الحريري بياناً قالت فيه: “بعد مرور سنوات عدة على استشهادك، ما زلنا نبحث عنك، عن حكمتك، عن قلبك الذي خفق بالمحبة، عن يدك البيضاء التي بقيت بصماتها في شوارع بيروت الغالية، وفي كل زاويةٍ من زوايا لبناننا، بلدك الحبيب… نتذكر عمراً قضيته بيننا بالخير والمحبة والعطاء، وبتحقيق الإنجازات والنجاحات الإستثنائية، حتى صدق فيك الوصف رجل الظروف الإستثنائية”. 

أضافت: “عمّرت، علّمت، قرّبت بين الشعوب والأوطان، فكنت الأقرب إليهم. صنعت أيام سلامٍ ومجدٍ واستقرارٍ وازدهار، وسيبقى التاريخ شاهداً على إنجازاتك الإنسانية والوطنية والصحية والتربوية والثقافية الـمشرقة. وضعت المعادلة الأساسية للتساوي والعدل بين الطوائف كافة. صغت الـمبادرات وابتكرت الحلول. ساهمت في وقف حروبٍ، شاركت بوضع اتفاقياتٍ وتشريعاتٍ ودساتير. رسخت اتفاق الطائف ورعيته، هذا الاتفاق الذي وضع خريطة طريق لبناننا لتعميم ثقافة المحبة والسلام والتسامح والانفتاح والازدهار بعيداً من الاصطفافات والتجاذبات السياسية التي أودت بنا الى الهلاك . ينتقدون دستورنا من خلال اتفاق الطائف فلو قرأوه بحذافيره لوجدوا أنه شامل بمواصفاته الايجابية بعيداً من السلبية التي وصلنا اليها في أيامنا هذه والتي تنسب دائماً الى ما بعد اتفاق الطائف”.

داود الصايغ يستذكر الرئيس

واستذكر مستشاره داود الصايغ عبر “لبنان الكبير” الرئيس الحريري الذي “أعاد الثقة الخارجية إلى لبنان واللبنانيين في ما بينهم، وكان شعاره لبنان أولاً. فلا أحد أخذ لبنان الى هذا المدى العربي والدولي كما أخذه رفيق الحريري. وكان يقول ما حدا أكبر من بلده”.

وأشار الى أنّ “رفيق الحريري بدأ نشاطه العام الاجتماعي على صعيد المجتمع اللبناني بتوزيع المساعدات قبل اتفاق الطائف حتى، من خلال إنشاء مؤسسة الحريري التي علّمت أكثر من ٣٢ ألف طالب وطالبة. لم يكن هناك مسؤول منذ أيام الاستقلال حتى الآن تحدّث عن العيش المشترك كما تحدّث رفيق الحريري. رأينا مقدار تمسكه بهذه الثوابت لأنه تربى في هذه الأجواء في بيئته العائلية والصيداوية”. 

أضاف: “ولا ننسى حدث زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني للبنان أثناء حكم الرئيس الحريري، الذي اعتبر إنجازاً يفتخر به. وكان الرئيس الحريري محاور الفاتيكان اللبناني والعربي والاسلامي، وصديق المقررين من فلاديمير بوتين وغيره”.

بعض من إنجازاته

نال الرئيس الشهيد عدداً من الجوائز أبرزها جائزة المواطن العالمي من الأمم المتحدة لمساهماته في العلاقات الدولية. كان له دور في صياغة اتفاق الطائف عام 1990، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية بعد إستمرارها 16 عاماً، وأصبح في العام 1992، أول رئيس لحكومة لبنانية بعد الحرب. أقام العديد من المشاريع الخيرية وأحدث تغييراً هائلاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في لبنان. لعب دوراً كبيراً في إعادة لبنان إلى الخارطة الاقتصادية بإقراره السندات الأوروبية التي حافظت على قيمة العملة اللبنانية، كما مكنته من اقتراض الأموال اللازمة لاعادة الإعمار. قدم العديد من الإعفاءات الضريبية، إضافةً إلى القروض منخفضة الفائدة التي كان يقترضها لبنان. قام بمشروع تجديدي Horizon 2000 الذي حاول من خلاله تطوير المشهد اللبناني بعد الحرب، وأسس وحدة المقاولات “سوليدير” Solidere. ومن أبرز إنجازاته السياسية حث مجلس الأمن الدولي على إصدار القرار 1559، الذي دعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.

شارك المقال