هل ينجح بري حيث فشلت الجلسات الانتخابية؟

هيام طوق
هيام طوق

طُويت صفحة ولاية الرئيس ميشال عون مع كل ما تضمنته من اخفاقات لينتقل الى اكمال المسيرة وتياره من الرابية، أما البلد المشلع والمفتت، فسيواجه مرحلة من الشغور غير واضحة المعالم والمصير في ظل القلق من ارتفاع وتيرة التصادم بين الجهات السياسية على خلفية صلاحيات حكومة تصريف الأعمال الدستورية. والهاجس الأكبر اليوم في الداخل من أحداث أمنية أو فوضى في الشارع، وهذا ما تحذر منه جهات دولية وأممية وتكرر دعواتها الى ضرورة الاسراع الى انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة لوضع البلد على السكة الصحيحة، وحينها ستكون الدول الصديقة جاهزة للمساعدة.

وفي ظل الانقسام في البرلمان، وتعدد التكتلات النيابية، لم ولن تتمكن أي جهة من ايصال أي شخصية الى سدة الرئاسة، وجلسات انتخاب رئيس الجمهورية خلال المهلة الدستورية خير دليل ما جعل المشهد الرئاسي معقداً، ومصيره مجهولاً في ظل انهيارات غير مسبوقة بحيث أن البلد عاجز عن تحمل عبء الشغور. هذا الواقع، دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري الى القيام بمبادرة يسعى من خلالها الى استمزاج آراء الكتل النيابية وقادة الأحزاب حول الدعوة الى حوار يكون عنوانه: انتخاب رئيس الجمهورية بعد تأمين أوسع تأييد نيابي لانتخاب رئيس توافقي، وقطع الطريق على شغور مفتوح، ووقف الانهيار للانتقال الى مرحلة التعافي.

وفيما يتم التحضير للحوار المنتظر، وبغض النظر عن المشاركين أو المقاطعين، فهناك قوى سياسية، وخبراء ومحللون يعتبرون أن المرحلة الحالية يمكن اعتبارها مرحلة اضاعة الوقت، وتمريره بأقل أضرار ممكنة الى حين الوصول الى تسوية أو طبخة تأتي من الخارج على ايقاع المستجدات والتطورات الاقليمية والدولية. ويرى آخرون أن الانتخابات الرئاسية لبنانية ذات تأثيرات خارجية محدودة ما يعني أن الكرة في ملعب الجهات السياسية والنواب الذين إن صفت نواياهم يمكنهم انتخاب الرئيس المقبل خلال وقت قصير.

على أي حال، وسط هذه الوقائع، لا بد من التساؤل: هل سيتمكن الرئيس بري من جمع الجهات السياسية تحت سقف واحد، والتداول في أسماء يمكن أن يشكل أحدها نقطة التقاء وتوافق بين الحاضرين؟ واذا صحت التحليلات بأن انتخاب الرئيس سيتم على ايقاع تسوية أو طبخة خارجية، فما الجدوى من الحوار بين اللبنانيين؟

في هذا الاطار، أوضح النائب قبلان قبلان أن “الرئيس بري يجري مشاورات مع الكتل النيابية، للاعلان عن الخطوة اللاحقة في الوقت المناسب”، مؤكداُ أن “ليس هناك من أسماء في الحوار انما مواصفات وتفاهم على ضرورة انتخاب الرئيس، ونعوّل على ارادة الكتل، والتلاقي بين الجميع وصولاً الى صيغة مشتركة، للخروج من المأزق”.

وشدد على “أننا لا ننتظر أي تسوية، لذلك ندعو الى التفاهم، ومن ينتظر تسوية من الخارج فليقدم، تنازلاً له، ونحن نقول فليكن التنازل لبعضنا البعض على أمل الوصول الى نتيجة ايجابية”.

ولفت النائب وليد البعريني الى أن “مبادرة الرئيس بري لم تشهد حتى اليوم ترجمة فعلية”، مشيراً الى أن “النغمة نفسها متبعة عبر التاريخ في انتخاب الرئيس بحيث ننتظر تقاطع توافقات داخلية وخارجية، ويبدو أن نضوج التسوية يحتاج الى بعض الوقت على أمل ألا تتعدى مرحلة الشغور الأشهر”.

وقال: “اننا ككتل نيابية، نحاول تدوير الزوايا للوصول الى صيغة توافقية لأن لا أحد يريد الشغور. يجب أن نعمل انطلاقاً من أن انقاذ البلد بيدنا، ولا يجوز انتظار التدخلات الخارجية. على أي حال، علينا الاستمرار والصمود الى حين الانفراج”.

أما النائب فادي كرم، فرأى أن “الحوار والنقاش بين الكتل يجب أن يحصلا في الجلسات الانتخابية المتتابعة والمتتالية وصولاً الى انتخاب الرئيس، ويكون هناك نوع من تفاهم وطني بعدم الانسحاب قبل الوصول الى انتخاب الرئيس حتى لو تطلب الأمر جلسات متعددة “، معتبراً أن “هناك أفرقاء يحاولون تأجيل الانتخابات وتطييرها ليفرضوا أنفسهم كمرشحين، أي الوصول الى الرئاسة بالتفاهم مع قوى اقليمية من خلال تسوية على حساب الشعب اللبناني، لكن نحن نرفض هذا المنطق ونحاول مواجهته”.

وأوضح النائب عبد الرحمن البزري أن “المجلس النيابي مسؤول عن انتخاب رئيس الجمهورية، والتأم مرات عدة في هذا السياق، ولم يتوصل الى النتيجة المرجوة. لذلك، الحوار بين مكونات المجلس من أجل تذليل العقبات، خطوة ايجابية”، معتبراً أن “الرئيس النتخب ليس بالضرورة أن يحظى بتوافق كل أعضاء البرلمان انما بأكثرية وازنة. ولا يمكن أن نكون طوباويين بحيث أنه تاريخياً، هوية الرئيس اللبناني تتأثر بالمزاج الاقليمي والدولي على أمل تحصين وضعنا الداخلي.المهم ملء الشغور خصوصاً أننا أمام ظرف استثائي، عبر أي طريقة أو أي آلية، وهذا ما يجب أن نتفق عليه”.

شارك المقال