عودة دا سيلفا تحيي “المد الوردي”

حسين زياد منصور

عاد لولا دا سيلفا الى حكم البرازيل بعد الفوز على خصمه اليميني المتطرف جايير بولسونارو في الجولة الثانية بنسبة 50.8% من الأصوات مقابل 49.1%، بعدما حظيت هذه الانتخابات باهتمام دولي كبير خصوصاً أن المرشحين يتناقضان في اتجاهاتهما. وتعتبر هذه الولاية الثالثة للرئيس دا سيلفا، بعد أن قضى فترتين رئاسيتين بين ٢٠٠٣ و٢٠١٠، فيما تسجل لبولسونارو أنه أول رئيس برازيلي يخسر انتخابات ولايته الثانية.

من هو لولا دا سيلفا؟

ولد في ٢٧ تشرين الأول عام ١٩٤٥، في مدينة سيتيس شمال شرقي البرازيل، وفي أسرة فقيرة عاش حياة قاسية بعد انفصال والديه في صغره وكان ترتيبه بين اخوته السابع من أصل ثمانية.

بسبب الظروف الصعبة، أوقف تعليمه وانخرط في مجال العمل لإعانة عائلته وهو بعمر الـ ١٢، فعمل في محطات الوقود وبيع الخضار والفاكهة ومسح الأحذية، كما عمل في الميكانيك وتخصص في التعدين بعد تلقي دروس في هذا المجال وفقد احدى أصابع يده اليسرى.

عام ١٩٦٧ تولى منصب نائب رئيس نقابة عمال الحديد جنوبي ساوباولو، ثم عام ١٩٧٨ انتخِب رئيساً لها وخلال تلك الفترة دخل السجن عدة مرات إثر اضراباته ومواقفه، ليؤسس ويترأس حزب العمال ويصبح نائباً عام ١٩٨٦.

عام ١٩٨٩خاض الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى وخسرها، ليكرر المحاولة من جديد في انتخابات ١٩٩٤ و١٩٩٨ ليخسر أيضاً. اما في انتخابات تشرين الأول ٢٠٠٢ ففاز بنسبة 61.2% ليكون أول رئيس يساري للجمهورية منذ قيامها عام ١٨٨٩. في عام ٢٠٠٦ أعيد انتخابه بنسبة أكثر من 60%، لتنتهي ولايته الثانية عام ٢٠١١.

إنجازاته

عندما تسلم السلطة للمرة الأولى كانت البرازيل تعاني من تداعيات الأزمة المالية الآسيوية عام ١٩٩٧، واضطرارها لاقتراض ٣٠ مليار دولار من صندوق النقد الدولي ثم ٦ مليارات بعد عام على انتخابه رئيساً.

عمل على محاربة الفقر والتضخم، وتقوية الاقتصاد وزيادة النمو وتحقيق فائض قياسي، حتى تمكنت الحكومة من سداد الديون الأجنبية قبل استحقاقها، وكذلك عام ٢٠٠٥ قروض صندوق النقد الدولي بالكامل ليقرضه ١٠ مليارات دولار عام ٢٠٠٩.

ومن خلال برامجه الاجتماعية الشاملة بهدف مكافحة الفقر ورفع مكانة الطبقة العاملة في البلاد تمكن من انتشال ٣٠ مليون برازيلي من خط الفقر، وحقق طفرة اقتصادية في البرازيل جعلتها عاشر دولة اقتصادية عالمياً وأكبر دولة اقتصادية في أميركا الجنوبية، ودخلت في عهده مجموعة البريكس للقوى الاقتصادية الكبرى.

وعلى صعيد العلاقات الخارجية كان له دور أساس في جعل موقع البرازيل مهماً عالمياً، وكانت له مواقف مؤيدة للفلسطينيين اذ اعترفت حكومته رسمياً بدولة فلسطين، فضلاً عن تشجيعه على إنهاء النظام العالمي ذي القطبية الواحدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

فترة السجن

عام ٢٠١٨ لم يتمكن من خوض الانتخابات كونه مسجوناً، اذ أدين بالفساد وغسيل الأموال، واتهم بتلقي رشوة من شركة بناء برازيلية، مقابل عقود مع شركة النفط البرازيلية “بتروبراس”، وحُكم عليه بالسجن ٩ سنوات ونصف السنة، وسجن في نيسان ٢٠١٨ لمدة ٥٨٠ يوماً، ليتم بعدها ابراؤه واعفاؤه وإعادة حقوقه السياسية اليه ليكون مؤهلاً لخوض الانتخابات الرئاسية.

حملته الانتخابية

خلال حملته الانتخابية الأخيرة، تعهد بإعادة البرازيل دولة سعيدة واستكمال سياسته الاجتماعية وتعزيز النمو الاقتصادي، فضلاً عن مكافحة تدمير غابات الأمازون.

عودة داسيلفا الى حكم البرازيل، وهي أكبر دولة في أميركا الجنوبية، أطاحت بالحكم اليميني المتطرف، وانضم الى التشيلي والبيرو وكولومبيا والأرجنتين والمكسيك وبوليفيا والهندوراس، ليشكلوا كتلة يسارية في أميركا اللاتينية، وبذلك تعود الخارطة السياسية التي تواجدت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للحكومات اليسارية، ووصفت بـ”المد الوردي”، ويعتبر دا سيلفاً جزءا منه، الى جانب عدد من القادة اليساريين أمثال هوغو شافيز في فنزويلا ورافائيل كوريا في الاكوادور وإيفو موراليس في بوليفيا وميشيل باتشيليت في تشيلي.

وتجدر الإشارة الى أن مصطلح “المد الوردي” أُطلق على صعود الحكومات الاشتراكية في دول أميركا الجنوبية والوسطى خلال العقد الأول من القرن الجديد.

شارك المقال