“صار الوقت”… تُكشف ميليشيات باسيل

آية المصري
آية المصري

خلع “التيار الوطني الحر” بزة الرئاسة وعاد الى البزة العسكرية، ولكن ليست تلك الخاصة بالجيش التي استغلها عندما انقلب زعيمه على الشرعية، بل هذه المرة بزة الميليشيات، التي تحالف معها في مار مخايل منقلباً على كل المبادئ التي كان يعظ بها، وبدل أن يجد حلاً للسلاح غير الشرعي انغمس فيه وأصبح يمتلك ميليشيا خاصة به، انتشرت صور عناصرها بعتادهم المسلح مع النائب العوني شربل مارون الذي كان ضيف حلقة “صار الوقت” أول من أمس. وبينما كان ميشال عون يطمح الى أن يصبح نبيه بري سياسياً، يبدو أن طموح جبران باسيل أن يصبح حسن نصر الله عسكرياً، وبعد نهاية العهد، “أستودع الله هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب”، كما قال الرئيس سعد الحريري عندما علق العمل السياسي، لأن التيار على ما يبدو يطمح إلى ٧ أيار خاص به، يعيد أمجاد الحالة العونية في أواخر الثمانينيات.

حالة مرضية عونية بائسة يائسة بعد خروج ولي نعمتها ميشال عون من القصر الجمهوري فتكت وعاثت خراباً وتدميراً في استديو “صار الوقت” ومحطة “إم تي في”.

ميليشيات باسيل إنكشف أمرها علي يد الزميل مارسيل غانم، وطريقة نبش القبور والاعتداءات عادت لتذكرنا بالقمصان السود وبأنها خيرُ حليف لـ”حزب الله” الذي إنتشر في العاصمة بيروت وحاصرها عسكرياً وأمنياً علناً في العام 2008. كما أن هذه الميليشيات أكدت مقولة “انكم أمام خيار اما القبول بما أمليه عليكم أو أرغمكم بالقوة على ذلك”، وهكذا تحول الفتية الباسيليون بعد العهد غير المأسوف عليه، فحدث ما حدث في ليلة “صار الوقت” التي لم تنتهِ قبل ساعات فجر يوم الجمعة.

هذه الحالة المرضية العونية عززها الرئيس السابق ميشال عون أكثر فأكثر قبل مغادرته القصر الجمهوري عندما توجه الى مناصريه بكلمة حرّضهم فيها على الانتفاضة، مؤكداً على محاربتهم طوال السنوات السابقة من أجل الاصلاح وبإنجازاتهم الوهمية التي عجز مصباح علاء الدين عن تطبيقها على أرض الواقع. كما ضرب عرض الحائط بسيادة الدولة واعتبرها مهترئة، قبل نزوله عن العرش الرئاسي، فأي رئيس يقول مثل هذا الكلام؟

حالة عونية بلطجية يصعب وصفها نتيجة تفلت الحرس القديم والصبية الجدد لـ “الوطني الحر” والهجوم على كل الحضور والضيوف بمختلف إنتماءاتهم الطائفية والمذهبية. عقل عوني وإفلاس سياسي وأخلاقي لم نره يوماً في البرامج التلفزيونية المحلية، ولكن لا يمكن إستغراب هذا الواقع فهم عونيون وباسيليون يفقدون أعصابهم عندما يحاورهم الآخر بعقلانية وببراهين وأدلة.

يريدون شتم الآخر والتعدي عليه وإتهامه بالشعبوية والخيانة، ويقاطعون كل فكرة وحجة لأنهم عاجزون عن تصديق حالة الانحدار المهيمنة عليهم. “نزل التيار على الأرض والسيادة هي حدوده، وصلت الحالة لحدا والعونية ما وقفوا عندا… انتو جنود القضية وقفتوا على خط النار وصرتوا حديث الأخبار…”، بهذه الكلمات والأغاني الحماسية يزرع عون وباسيل الفقر السياسي في عقول حاشيتهما وأنصارهما، وفي المقابل يمكننا تصحيح هذه الكلمات، فعن أي جنود يتحدثون؟ جنودهم الذين يتدربون في المخيمات السنوية التي يجرى من خلالها إشهار القوة والأسلحة بصورة علنية، أم عن جنودهم في ولاية الفقيه؟ اما عن “وقفتوا على خط النار وصرتوا حديث الأخبار” فهذه صحيحة لأن ما حصل في “صار الوقت” ضجت به كل مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الاعلامية نتيجه التخلف العوني والهمجية السياسية.

واللافت إستخدامهم بصورة واضحة من دون حياء أو خجل الحرس القديم في “الوطني الحر” ولجوؤهم الى وسائل القتل والعنف بعدما كان هدفهم الوحيد بسط نفوذهم سياسياً ونيابياً ووزارياً داخل أحشاء السلطة، فهل سنشهد مجدداً تنظيمات باسيلية تهاجم الآخر وتعرض سلاحها وقوتها العسكرية أمام أعين الجميع في المرحلة المقبلة؟ وهل سنرى هذه الميليشيا التي سمحت لـ”حزب الله” بالكشف عن كل ذخائره والتجول في مختلف المناطق، تتجول بالأسلوب نفسه؟ وهل يريد باسيل إحداث الفوضى تنفيذاً لأجندة توأم روحه في المؤتمر التأسيسي؟

أبو فاضل: الأمور نحو التصعيد

أكد المحامي والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “من يستمع الى خطاب الرئيس السابق ميشال عون الوداعي ويرى الحشد الذي شهدته بعبدا يومها يدرك جيداً أن الأمور تتجه الى التصعيد في المنطقة على طريقة أنا أو لا أحد وتحديداً في الشارع المسيحي”، مشيراً الى أنه “بعد الخطاب الأخير والتحضيرات التي قام بها النائب جبران باسيل، وبعد شعور العونيين أنهم سيتركون السلطة قاموا بتنظيم هذا الفريق الذي يدعى بالحرس القديم وحمل السلاح وتصوّر مع النائب شربل مارون. ومنذ أحداث 13 تشرين 1990 أثناء اجتياح المنطقة نتيجة حروب ميشال عون العبثية مرة ضد السوريين ومرة ضد القوات اللبنانية، نرى أين أصبحنا تحت شعار توحيد البندقية والحفاظ على الشرعية، وبالتالي بتنا في هذا المكان الذي يدفع باسيل الى العقلية والنهج نفسه كي يتمكن من السيطرة على المنطقة لأنهم يبدأون بالسلاح ثم يتحدثون بالسياسة”.

ورأى أبو فاضل أن “الوطني الحر يعتبر أن هذه معركة وجوده لأن التعويض عن خروجه من السلطة من دون سلطة تنفيذية بيده هو خيار الشارع، ومن الممكن أن يؤدي هذا الخيار الى تأجيج الفتنة”، متسائلاً: “لو وقعت ضحية واحدة أو جرح أي مسلم أو مسيحي في استديو صار الوقت ماذا سيكون رد فعل المسلمين أو المسيحين؟ ولو تعرض الصحافي محمد نمر أو النائب وضاح الصادق لأي ضرر ماذا سيكون التصرف آنذاك؟”.

ولاحظ أنه “فور اشتداد الأوضاع رأينا النائب شربل مارون يخرج بسرعة خارقة وكأنه انسحب من الموضوع وقام بواجباته المطلوبة، اذ كان يدرك جيداً ما سيحدث. والوطني الحر يعتبر اما هو أو الفوضى، والنائب مارون من المتحمسين جداً وخطواته مدروسة بناءً لما يخطط له باسيل، فهو من المقربين اليه وما يطلبه منه ينفذه وقليل منهم على نسقه”.

ما حدث يؤشر الى أن هذا السرطان العوني – الباسيلي سيتفشى أكثر في المرحلة المقبلة، وسيسعى باسيل بكل ما لديه من نفوذ وسلطة ليصبح الأقوى عسكرياً، فهو يريد إنهاء لبنان لأنه لن يتمكن من لمح القصر الجمهوري مرة أخرى. وهذه البلطجية العونية لا تريد الاعتراف بكل تجاوزاتها الدستورية اضافة الى أنها تصنّف رئيس الخراب السابق بأنه الرئيس القوي، وبالتالي هذه الميليشيات الباسيلية إنكشفت في “صار الوقت” فهل ستتنشر في مقابلات أخرى أم أن عنوانها المقبل الشارع؟

شارك المقال