إيران… الانتفاضة المُستعرة تهدّد العمامة

راما الجراح

ماذا بعد؟ تساؤل يطرحه الجميع هذه الأيام لمحاولة فَهم تبعات وتداعيات الانتفاضة المستمرة في إيران منذ ثلاثة أشهر بعد مقتل الشابة مهسا أميني، والتي أشعلت حادثتها فتيل القهر والظلم الذي يعاني منه الشعب الايراني. العوامل الاقتصادية من حيث الغلاء وإرتفاع الأسعار، أفقدت الناس الأمل بمستقبل مزدهر خصوصاً في حالة الغموض التي تحيط بالاتفاق النووي والعقوبات والحظر الاقتصادي على إيران، وما زاد الطين بِلة أن الدين كان في مقدمة هذه الاحتجاجات لأن السلطة في البلاد مرتبطة حُكماً برجال الدين وحُكامها مُعممون إما بالعمامة البيضاء والتي تخص العوام أمثال حسن روحاني، أو العمامة السوداء والتي تصنّف صاحبها على أنه “سيد” أمثال خامنئي، محمد خاتمي والرئيس الأخير إبراهيم رئيسي ما يؤكد إصرار السلطة الحاكمة على المُضي بالنهج نفسه.

عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، والعمامة في إيران كانت الأداة الأولى التي استعملها المحتجون في وجه السلطة الايرانية المستبدة حتى دينياً، وعبّروا عن استيائهم من النظام الذي لا يعمل لأجلهم. وأكد مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “ما يحصل في إيران أساسه حرمان الشعب من حقه في تقرير مصيره ومشاركته في القضايا السياسية، وأن القرارات التي تُتخذ داخلياً وخارجياً صادرة عن مصادر ليست منتخبة من الشعب أساساً، إضافة إلى أن الدور الديني ضعيف جداً في المجتمع الايراني والتربية الدينية منعدمة وليس كما يروّج البعض عن الالتزام والتشدد، فجميعها أمور ظاهرية لا أكثر”.

وفي حديث مع رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين، قال: “في إيران هناك أمور لها رمزية معينة، على سبيل المثال كان موضوع نزع الحجاب أحد العناوين الأساسية للانتفاضة ولكن كنا نرى في الوقت نفسه ضمن المظاهرات التي تحصل في إيران أن هناك محجبات متظاهرات ومؤيدات لفكرة عدم إلزامية نزع الحجاب، وهناك أيضاً مسألة العمامة التي لها رمزية معينة واستهدافها من البعض، وهذان الرمزان علاقتهما المباشرة بالنظام والسلطة الموجودة”.

أضاف: “الشعب الايراني بطبيعته شعب مسلم وينتمي الى هذه الحضارة، ولكنه يقف اليوم ضد الاستبداد والسلطة الفاسدة ولو كانت سلطة دينية، فالاستبداد غير مبرر بالدين، وهو مرفوض في كل الأحوال، ومن يعرف إيران يعلم أن هناك كُثراً من رجال الدين يتجنبون النزول إلى طهران وتحديداً باللباس الديني لأن هناك استياءً منهم، بحيث أن رجال الدين في طهران يرمزون إلى السلطة ونعم هناك استهداف لهم، وهذا الاستهداف له علاقة بالوعي الايراني في النظام القائم في السلطة، ولا شك في أن هذه التصرفات تُصنّف كحالة اعتراض، وهناك أصحاب عمائم لا دخل لهم بكل ما يحصل ومعارضون للنظام، ولكن ذهبت الأمور إلى أن اللباس الديني أصبح مستفزاً لما يرمز اليه في النظام الإيراني وليست المسألة بشخص أصحاب العمائم”.

ومن الناحية الاعلامية، اعتبر الأمين أن “ما يحصل يعكس أن الدولة الاسلامية التي قامت منذ ٤٠ سنة تفقد شيئاً فشيئاً شرعيتها الشعبية وحجم المؤيدين لها يتراجع، والاعتراض كبير على هذا النظام. والاعلام العربي عموماً مُقصر في معرفة الداخل الإيراني وليس مُطّلعاً عليه، ومن ناحية أخرى نرى أن الايرانيين متواجدون في جميع الدول العربية بتغطياتهم ومحطاتهم، ولكن نحن نفتقد لمراكز دراسات كافية لذلك، وخصوصاً أن قضية إيران ليست محصورة ضمن دولة، بل هي دولية”.

أما الشيخ عباس يزبك فأكد عبر موقع “لبنان الكبير” أن “هناك حكماً دينياً في إيران، وهو حكم استبدادي وتحول الدين إلى طائفية وأصبح يرمز الى السلطة الظلامية والفاسدة من جميع النواحي، والحاكم في إيران هو رجل دين وحتى لو قيل عنه سياسي وديني وغيره، ولكن هذه الفئة من المعممين الذين يمثلون الدين الاسلامي أصبحت هي في واجهة الفساد بسبب ارتباطها بشخصية حاكم النظام، وللأسف هذا النظام يمارس كل أنواع الظلم بصورة الدين”.

“تحولت الثورة الايرانية على مر التاريخ من ثورة للناس وثورة شعبية وتحسين الحياة العامة إلى ثورة قهرية وقمعية حتى وصلنا إلى ولاية الفقيه” بحسب يزبك، الذي رأى أن “هذه الولاية تعتبر نفسها وكيل الله على الأرض، وللأسف حتى شاه إيران الذي قامت الثوره ضده لم يصل إلى ما وصلت إليه ولاية الفقيه المستبدة”.

وفي ما يخص الأوضاع المعيشية وانعكاساتها في إيران، قال: “وصل الشعب الايراني الى مرحلة أن أكثر من ٨٠٪ منه أصبحوا تحت خط الفقر، حتى كفروا بكل شيء وللأسف الدين مرتبط بنظام السلطة في إيران ما جعل الفورة العفوية تستهدفه، لأنه بدل أن يكون الدين هو العدل والأمان بالنسبة اليهم، جعله هذا النظام (طربوش) الجهل والفساد والاستبداد والقهر والمخدرات والاغتيالات وغيرها، واليوم هناك رد فعل على الدين نفسه الذي أنتج هذه الطبقة”.

شارك المقال