لجنة تقصّي في حادثة طرابلس: طي صفحة الاهمال أم “إبرة مورفين”؟

إسراء ديب
إسراء ديب

يُبدي الكثير من الطرابلسيين شكوكهم بعد إعلان رئيس لجنة الأشغال العامّة والنقل والطاقة والمياه النائب سجيع عطية تشكيل لجنة تقصي حقائق نيابية في وفاة التلميذة ماغي محمود بانهيار سقف صفها عليها، إذْ لا يُخفي المواطنون هذه الشكوك المرتبطة غالباً بعلاقتهم “المعدومة” بالأجهزة الرسمية والأمنية المختلفة التي اعتادت إهمال مختلف القضايا والملفات الشائكة التي زجّت بعض أبناء المدينة في السجون من جهة، أو جعلتهم “أسرى” لروايات أمنية فاسدة وغير قابلة للتصديق من جهة ثانية، وهذا ما تلفت إليه “التجربة” التي عاشها الطرابلسيون مع المعنيين سياسياً وأمنياً.

يُمكن القول إنّ هذه الحادثة المروعة التي تحتاج إلى تحقيق دقيق كي لا تذهب دماء هذه الطفلة هدراً وظلماً بسبب إهمال الدّولة، كان لا بدّ ومنذ اللحظة الأولى المباشرة به مع مختلف المعنيين لكشف تفاصيلها، بدءاً من الطاقم الاداري مروراً بالمهندسين ووصولاً إلى وزارة التربية التي غاب وزيرها عباس الحلبي عن الاجتماع، الأمر الذي أغضب النائب عطية والحاضرين نظراً الى المسؤولية التي ربما يتغافل عنها الحلبي في هذا الملف الذي لا يرتبط بجبل محسن فحسب، بل بكلّ مدارس لبنان الرسمية وطلابها.

وفي التفاصيل، يُشدّد عطية على تقرير نقابة مهندسي الشمال الذي يُفيد بأنّ “نحو 600 مبنى في الشمال مهدّدة بالسقوط على رؤوس الناس”، طالباً من كلّ بلديات لبنان ومن وزارة التربية أن تحصي وتدقق وتفتش، “حتّى نرى فعلاً أين يوجد تهديد لسلامة أرواح أطفالنا”. وإذْ يُؤكّد محاسبة المهملين عبر الادّعاء الشخصي على كلّ منهم، تمنّى على الوزير تحمّل مسؤولياته، إذْ “من المعيب الاستهانة والاستهتار بحياة الناس”.

إنّها المرّة الأولى التي تشكّل فيها لجنة لتقصي الحقائق في طرابلس، مع العلم أنّ الكثير من الأحداث، القضايا والجرائم المعروفة أو تلك التي تحصل يومياً كانت تُتيح للمعنيين تشكيل لجان مشابهة لها خوفاً من تداعياتها وانعكاساتها على المدينة، ومع أنّ الملفات كانت كثيرة وتستدعي التدخل العاجل والمباشر من الدّولة، إلا أنّ كلّ الاتهامات أو الملفات التي تعرض إعلامياً أو حكومياً، كانت تقتصر على إعلان خلية إرهابية تارة، أو الكشف عن ملف خطير ثمّ إغلاقه بدهاء وهذا ما بات معروفاً ومكشوفاً للغاية تارة أخرى.

ويُؤكّد مصدر قانوني لـ “لبنان الكبير” أنّ هذه اللجنة لن تحصد أيّ نتيجة إيجابية تُسهم في البحث عن الحقيقة ولن تصل أساساً إلى أيّ نتيجة كما لن تفي بالتوقّعات. ويقول: “إنّ لجاناً كهذه تحتاج إلى تمويل كبير وثقة أكبر بها وهي مفقودة وكذلك التمويل، وبالتالي إنّ تكليفها بهذه المهمّة حالياً لن يصبّ في مصلحتها بل سيكون هناك جمود وتسويف، ثمّ إهمال لمصير هذا الملف الخطير، ويكفي أن نذكّر بملفات شائكة لم تفتح الدوّلة بسببها تحقيقاً ملائماً أمام الرأيّ العام لتبيان الحقيقة والواقع أبرزها ملف الهجرة غير الشرعية وغرق الزورق مثلاً… والكشف عن المرتكبين ومحاولة الحدّ من هذه الجريمة التي تُرتكب بحقّ الإنسانية، إذ كان (أضعف الإيمان) الاهتمام بهذه القضايا التي تُعنى بحقوق الانسان وتُؤثر على صورة الدّولة إقليمياً ودولياً”.

ولا يُخفي هذا المصدر المحاولة مراراً وتكراراً تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بعد جريمة التلّ التي ذهب ضحيتها ابن جبل محسن محمود خضر منذ فترة وجيزة، “لكن الأجهزة الأمنية، التي تظهر أصوات مختلفة ترفض ممارساتها غير المرضية بحقّ أبناء طرابلس، مع بعض الأبواق الاعلامية (المأجورة) تدفع الناس غالباً إلى التشكيك بأيّ قرار يُحدّد مصير هذا الملف الذي سنذكّر به الدّولة بعد فترة لنؤكّد أنّه لا يزال في مرحلة (مكانك راوح) وذلك لأنّ المعنيين عاجزون عن القيام بأيّ خطوة، وإذا قاموا بها تبقى ناقصة، مجهولة، غير قابلة للتنفيذ وغير صالحة للتداول لأنّها غالباً ما تكون نيتها تشويه المدينة وتكبيل أبنائها بسلاسل حديدية داخل السجون أو خارجها”.

شارك المقال