نصر الله لباسيل: إلزم حدك

رواند بو ضرغم

لولا “حزب الله” لتشظى “التيار الوطني الحر” الى تيارات وطافت انقساماته الى العلن. ولولا مصلحة أمينه العام السيد حسن نصر الله بإبقاء حليفه المسيحي قوياً في وجه تكتل “الجمهورية القوية” وتكتل “التغيير”، لاضمحلّ جبران باسيل وعاد الى حجمه الطبيعي.

كشفت الاستحقاقات الدستورية حجم الانقسامات داخل تكتل “لبنان القوي”، ووقع باسيل بين المرّ والأمرّ. بقاؤه في موقع المعطل للموقع المسيحي الأول واستمراره في إطالة الشغور يطعن حضوره في الشارع المسيحي، أما استفزاز “حزب الله” عبر تسمية أي مرشح والتغريد خارج سرب الورقة البيضاء فيعني انتهاءه سياسياً، لتسليمه رأس المقاومة الى خصومها وجعلها عرضة لابتزاز المعارضة واستراتيجياتها الدفاعية.

داخل التيار مرشحون للرئاسة، رئيس التيار البرتقالي يزكي النائبة ندى البستاني على اعتبار أنها أثبتت تابعيتها وتنفيذها لأوامر باسيل منذ منصبها الاستشاري، ثم بعد توزيرها، وعبرها يصبح باسيل من جديد رئيس الظل. ويلعب باسيل ورقة ندى البستاني وصولاً الى المرشح فريد البستاني. أما الحرس القديم فيطالب بالنائب شربل مارون، ويبقى الاسمان المطروحان داخل التيار: آلان عون وابراهيم كنعان. فأي إسم عوني مطروح لن يحصل الا على جزء من تكتل “لبنان القوي”، أي أن التشرذم والطموح الرئاسي لدى العديد من أعضائه، أضعفا باسيل وجعلاه يمون على ثلاثة عشر نائباً فقط من تكتله في الحد الأقصى، لذلك فإن ورقة الثنائي الشيعي البيضاء تحفظ ما تبقى من ماء وجه باسيل وتخفي حجمه الحقيقي.

ولإعادة باسيل الى رشده السياسي وتذكيره بحجمه، أوفد السيد نصر الله اليه مسؤول الأمن والارتباط وفيق صفا ليلتقيه بهدف تنسيق الموقف قبيل الجلسة الخامسة لانتخاب رئيس للجمهورية، والاستفهام منه عن حقيقة تلويحه بتبني مرشح وعدم تطيير نصاب الدورة الثانية. فأوجد الحليفان مخرجاً يحفظ موقف التيار ويُبعد المفاجآت السلبية عن “حزب الله”. ولكي لا يضطر باسيل الى تطيير نصاب الدورة الثانية جهاراً بالخروج من القاعة، غيّب ستة نواب من تكتله عن الجلسة بدورتيها، وهو على رأسهم، بالاضافة الى النواب جورج عطا الله، نقولا الصحناوي، شربل مارون، آغوب بقرادونيان وجورج بوشكيان. هذا العدد، بالاضافة الى بعض المتغيبين الخصوم والحلفاء جعل من عملية تطيير النصاب تتطلب خروج نواب الثنائي الشيعي فقط.

يدرك “حزب الله” أن جنون باسيل ناجم عن انعدام حظوظه في الرئاسة، في حين تتقدم حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. فنصر الله لا يثق بخيارات باسيل التي لطالما انقلبت عليه، ومثال ذلك قائد الجيش جوزيف عون ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، وحتى الوزراء الذين عيّنهم باتوا عند رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. لذلك لن يتهاون “حزب الله” في اختيار رئيس للجمهوربة، يكون مطمئناً للمقاومة ولا يتآمر عليها، ولن ينجرف السيد في ولدنات حليفه، لأن مراوحة باسيل قد تفتح باباً لايصال قائد الجيش، وسيبني عون الجديد شعبية على ظهر الباسيليين، فمن سيكون المتضرر أكثر؟

وفي يوم الشهيد، سجل السيد نصر الله لأول مرة كلاماً واضحاً بخصوص عدم انحيازه الى وصول العماد جوزيف عون الى سدة الرئاسة، من باب أن الأميركيين لا يخجلون من الاعلان عن أنهم يدعمون الجيش اللبناني لأنه مؤهل لمواجهة المقاومة، والمقاومة تريد رئيساً لا يطعنها في ظهرها ولا يُباع ولا يُشترى.

وعلى فائض المواصفات هذه، تطير الرئاسة ويطول الشغور، فلا سليمان فرنجية اختمرت حظوظه الرئاسية داخلياً وخارجياً، ولا النائب ميشال معوض يستطيع الوصول الى أكثرية الخمسة والستين على الرغم من اختراقه القوى التغييرية والمستقلين وكتلة “الاعتدال”. كما أن باسيل لن يستطيع أن يأخذ “حزب الله” الى خيارات لا يستسيغها وتجعله غير مطمئن طوال ست سنوات… فالرئاسة شأن وطني، لا مسيحي أو باسيلي، الرئاسة لبنانية تجمع ولا تقسّم أو تلغى. فمن يسبق، التوافق الداخلي أم الحل الخارجي؟

شارك المقال