نقابة “الجشع” ونقابة “الضمير”

لبنان الكبير

بات الجشع وقلّة الضمير مستشريين في معظم الدوائر الرسمية والنقابات، وهذا ليس بجديد. فالمسؤولون في البلد “مكفيين وموفيين” لكن الوقاحة أن يكون النقيب عديم الأخلاق والانسانية وهمه الوحيد زيادة الأموال في صندوق نقابته. وهذا ما حدث مع أطباء الأسنان في نقابة بيروت الذين يريدون تقديم أوراقهم من أجل الانتساب الى نقابتهم بصورة رسمية وعلنية.

ومن البديهي زيادة تكلفة الانتساب والاشتراك على مر السنين، خصوصاً أن الغلاء والأسعار في البلد لم تعد تُحتمل ولكن على الأقل يجب أن تكون هذه الزيادات منطقية وأن لا يكون الهدف منها تعجيز الأطباء وجعلهم غير قادرين على مزاولة مهنتهم التي تعبوا وناضلوا وتكبدوا الأعباء والمصاريف من أجل الحصول على شهاداتهم ونجاحهم في الكولوكيوم والبدء بمشوارهم الطبي.

الأزمات العاصفة في البلد طالت أطباء الأسنان الجدد الذين يحاولون بشتى الطرق تخطي مشكلاتهم اليومية. فهم بحاجة الى مبلغ الانتساب والتجهيز لعياداتهم بعد تأدية قسم مزاولة المهنة، وكل هذه الأمور تحتاج الى مبالغ ضخمة قبل البدء بممارستها. والمؤسف أن الكثير من الأطباء حاولوا الذهاب الى نقابة بيروت للتأكد من أوراقهم المطلوبة وتقديمها، لكن الجواب كان صاعقاً من الجهات المعنية: “لا يمكننا إستقبال طلباتكم في هذه الفترة لأن التعرفة ستزداد”.

والمعروف أن يوم غد الأحد سيكون هناك إجتماع من أجل البت بموضوع زيادة التعرفة والانتساب، وبدلاً من مساعدة الأطباء الجدد ومساندتهم وجعلهم يستفيدون من التعرفة القديمة البالغة 14 مليوناً و700 ألف ليرة، قررت نقابة الأسنان في بيروت إغلاق أبواب الانتساب والافادة من التعرفة الجديدة والتي يحكى أنها ستكون عبارة عن ألف دولار.

وأمام إنعدام الضمير والانسانية في نقابة بيروت، نرى في المقلب الآخر نقابة أطباء الأسنان في الشمال وتحديداً في طرابلس تواكب كل طبيب لديها ولم تتخذ قراراً بإقفال أبوابها في وجه أحد، بل على العكس سمحت لكل طبيب جديد يريد أن ينتسب اليها بتقديم طلبه ودفع ما قيمته 14 مليوناً و700 ألف ليرة، وأبلغت الأطباء الجدد أن التعرفة ستزيد يوم غد الاثنين والفارق لن يكون كبيراً. والملفت أن عدد أطباء الأسنان في طرابلس لا يتعدى الألفي طبيب، بينما العدد الحالي في نقابة بيروت يتجاوز الـ 6 آلاف طبيب.

حفار: لا نريد منع أحد من الانتساب الحالي

ومن أجل توضيح ما يحدث، أكد نقيب أطباء الأسنان في طرابلس ناظم حفار في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “ليس بامكاننا اغلاق الأبواب أمام كل من يريد الانتساب حتى لو على التسعيرة الحالية ولم نر أن هناك ما يدعو الى اقفال النقابة، ولا نريد أن نحرم أحداً أو نمنعه من الانتساب، وهذه التسعيرة ستتغير يوم الاثنين وأعتقد أنها ستكون قليلة ومنطقية لأن العام الماضي كانت هناك زيادة ايضاً وبصورة تدريجية”.

يبدو أن الانسانية تكاد تنعدم في أيامنا هذه، والطمع وزيادة الأموال والجشع هي عناوين المرحلة المقبلة. فاذا كان الأطباء الذي عنوانهم الوحيد “الانسانية” يتعاملون بهذه الطرق الملتوية، فليس من المستغرب أن نشهد المزيد من قلة الأخلاق في القطاعات الأخرى.

شارك المقال