أزمة الكهرباء إلى حل؟

لينا دوغان
لينا دوغان

لا كهرباء في لبنان منذ أن وُعدنا بها ٢٤ على ٢٤ حتى وصلنا الى صفر كهرباء وقبلنا فرحين بساعة كل ٢٤، وبتنا نستنير بالمولدات التي لا تعطي إلا لتأخذ بالدولار الفريش ويصل معدل تكلفة ١٥ أمبير الى ٣٥٠ دولاراً شهرياً.

يعتبر ملف الكهرباء أحد أهم ملفات الفساد في لبنان، ومن أكبر الملفات التي راكمت مديونيته لما يحمل من خفايا في صفقاته المشبوهة.

تكمن المشكلة الأساسية في ضعف الكفاءة والهدر الداخلي إضافة الى عوامل أخرى توازيها أهمية القرارت السياسية.

طُرح العديد من الحلول وقُدم الكثير من المشاريع لاصلاح الكهرباء، ومن بين هذه الطروحات التي لم تنفذ وتحديداً بعد إنشاء معملي دير عمار والزهراني في العام ٢٠٠٢، إشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء من خلال تعيين هيئة ناظمة للقطاع عبر قانون تم إصداره، الهيئة لم تُعين والقانون لم يُطبق وكل هذا وقتها كان كيداً سياسياً في وجه سياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورؤيته لمشاريع الخصخصة.

قدم وزير الطاقة وقتها جبران باسيل تصوراً يحتاج الى فترة أربع سنوات، واتخذ القرار باستئجار البواخر لحين التنفيذ واعطاء وزارة الطاقة ملياراً و٢٠٠ مليون دولار لبناء المعامل وتعيين الهيئة الناظمة ومجلس إدارة للكهرباء، غير أن كل ذلك لم يحصل ومنذ ذلك الحين والبلد يتكبد سنوياً نحو ملياري دولار عجزاً للكهرباء.

يهتم اللبناني بتأمين يومياته وعلى رأسها الكهرباء لكن البديلة عبر المولدات الخاصة التي يشترك فيها وهو كأي إنسان عادي ليس من واجبه التفكير في “الكهرباء” لو أن وزير الطاقة جبران باسيل لم يرفض عرض الصندوق الكويتي لحل هذه الأزمة أو عرض شركة “سيمنز” الألمانية، وقد أتى في ذلك الوقت رئيس الشركة الى بيروت رفقة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل!

في المقابل، فإن موضوع توقيع عقود استجرار الطاقة والغاز من مصر والأردن عبر سوريا يبدو أن دونه عقبات سياسية واضحة، ولا يمكن أن نقبل لا النفط ولا الغاز من ايران كهبة لأنها خاضعة للعقوبات، وصعب على لبنان قبول الهبة من دون الحصول على استثناء من وزارة الخزانة الأميركية على غرار ما يحصل مع العراق.

في كواليس الفيول العراقي الكثير من الأحاديث عن عودة التيار الكهربائي من ٨ الى ١٠ ساعات يومياً، واجتماعات تجري في هذا الخصوص بين الأطراف المعنية آخرها في عين التينة بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي.

في التفاصيل، فإن اجتماعاً بين المعنيين في السراي الكبير أفضى الى حاجة مؤسسة “كهرباء لبنان” إلى تمويل لشراء كميات كبيرة من الفيول تسمح بزيادة ساعات التغذية إلى عشر ساعات يومياً. أبلغ مندوب مصرف لبنان الحاضرين أن المجلس المركزي للمصرف يرفض منح تفويض للحاكم ليقدم ضمانات مالية على مسؤوليته أو على مسؤولية المجلس المركزي، وأن الأمر يحتاج إلى تغطية مباشرة من الحكومة والمجلس النيابي، ما يعني الحاجة إلى إقرار قانون سلفة خزينة لمصلحة مؤسسة “كهرباء لبنان” والوصول الى هذه الخطوة يحتاج الى غطاء سياسي شامل من كل القوى في البلاد. وأجمع الحاضرون على أن الرئيس بري يستطيع الدفع في هذا الاتجاه كما في اتجاه حل مشكلات المياومين، وبامكانه أيضاً ادارة الاتصالات والضغط لازالة التعديات وتعزيز الجباية.

وفي اللقاء الذي جمع بري وميقاتي صرح الأخير: “إتفقنا على صيغة بشأن تمويل الكهرباء”.

عندما تتحدث الدول عن الكهرباء يكون طرحها تقنياً بحتاً إلا في لبنان يبدأ الحديث في هذا الملف بالتقني لينتهي بأن حله سياسي. لعل القرار برفع اليد السياسية عن هذا القطاع قد اتخذ لننعم على الأقل بـ ٨ ساعات من التغذية ونخفف تلوث المولدات… ولعلنا نستطيع أن نحلم بـ ٢٤/٢٤.

شارك المقال