إستقلال 2022

د. نسب مرعب
د. نسب مرعب

تأتي ذكرى الاستقلال في أجواء مكفهرّة، تسودها المرارة الشعبية. فقد توالت الأزمات التي جعلت من وطننا ينزف بدون مبادرات فعلية لانقاذه. كما تُحكم بعض القوى قبضتها على لبنان، وهي لا تفقه صيغة “لا غالب ولا مغلوب”، بل تمعن في الإستئثار والإستكبار، وتصرّ على وسم لبنان بمحور ما يسمّى “الممانعة”.

في حين، يتجلّى جوهر الاستقلال في الشراكة الحقيقية بين مكوّنات البلد، والحياد عن المحاور. وبذلك، تتجسّد عراقة لبنان كجسر عبور بين الشرق والغرب. وتعود إرهاصات الاستقلال الحقيقي إلى فكرة لبنان السيد الحر، فتسقط كل الولاءات الخارجية أمام الهوية الوطنية الجامعة والفريدة.

لقد سبق لبنان محيطه بإعتماده الديموقراطية في تداول السلطة، وسبقه بالإنفتاح الحضاري والثقافي. أمّا اليوم، فبلد الأرز يعاني الويلات، ومواطنه عاجز عن تأمين حتى الخبز والماء. والاستقلال يتطلبّ توافر الأمن الغذائي والمائي، فنحن بأشدّ الحاجة إليهما، لأنّ أسعار الغذاء تحلّق، ومياهنا ملوّثة، وسدودنا فاشلة.

والاستقلال يعني أن تكون رواتب عناصر القوى الأمنية كافية لتأمين عيش لائق وكريم لهم، فهم الساهرون لينعم الوطن بالاستقرار. ويعني كذلك، السيادة الكاملة، بحيث يكون قرار السّلم والحرب بيد الدولة حصراً، لا بيد فصيل مسلّح يدّعي أن سلاحه موجّه الى العدو، بينما يستخدمه عند كل مفترق ليفرض سطوته.

في 2005، تحقق الاستقلال الثاني بدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي حرّرت الوطن من الوصاية السورية. واليوم نعيش إحتلالاً فارسياً مقنّعاً، ونحلم بأن نستعيد لبنان منارة للحرية ونموذجاً للتنوّع.

شارك المقال