الانهيار بوابة وصاية سورية جديدة؟

المحرر السياسي

بعد عشر سنوات من حرب عاصفة داخل سوريا، فاز بشار الأسد بولاية رئاسية رابعة من سبع سنوات، ليحكم قبضته مجدداً على هذا البلد ونظامه بدعم روسي إيراني وتسوية سياسية لإعادة إعمار سوريا والاستثمار في مجالات متعددة فيها.

انتصار الأسد جاء وسط تدهور اقتصادي ومالي وأزمة معيشية ترزح سوريا تحتها بفعل الحرب والعقوبات، حيث أصبح 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وفق تقارير الأمم المتحدة. وأفادت مصادر مطلعة موقع “لبنان الكبير” بأن معاش الموظف بات يشتري فقط صفيحة بنزين واحدة وذلك في حال وجدت.

وفي ظل دعم دولي محدود من بعض الدول الحليفة لسوريا وبيانات صادرة عنها، كالصين وروسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الديمقراطية والتي صبت معظمها في إطار الدعم والمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا والاستثمارات المربحة، تمحورت برقية لبنان التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون حول التمنيات بتواصل الجهود في المرحلة المقبلة لتثبيت الاستقرار في سوريا وإعادة اللحمة بين كافة أرجائها، لينعم الشعب السوري بالأمن والازدهار، وتترسخ عملية عودة النازحين إلى وطنهم ليشاركوا في مسيرة نهوضه. فيما اكتفى “حزب الله” ببيان جاء فيه: “نأمل أن تشكل السنوات المقبلة فرصة كبيرة لعودة سوريا إلى لعب دورها الطبيعي والطليعي في العالم العربي وعلى المستوى الدولي”.

كل ذلك لم يحجب الضوء عن زيارات لشخصيات لبنانية من مثقفين وإعلاميين وحزبيين من قوى الممانعة، لا سيما من الصف الثاني في “حزب الله” وحركة “أمل” والحزب “القومي السوري الاجتماعي” اضافة الى مفكرين وإعلاميين من روسيا وإيران، تزامنت مع الانتخابات الرئاسية السورية، وكانت لها لقاءات أبرزها مع مستشارة الأسد بثينة شعبان التي شرحت لهم في اجتماع مغلق ماهية الانتصار الذي حققه الأسد بفوزه الجديد في الانتخابات.

وأشارت مصادر متابعة لهذه اللقاءات لـ”لبنان الكبير” أنها تمحورت حول “مصير سوريا والمنطقة في المرحلة المقبلة والتي سترسم على شاكلة هذا الانتصار. وذلك بدعم روسيا كقوة دولية بالاشتراك مع إيران بوجه المشاريع الأخرى في المنطقة لجهة مخططات الأتراك والإسرائيليين. وربطت المصادر تحقيق ذلك بشكل أكثر إيجابية بعد الانتخابات الإيرانية والمفاوضات الأميركية – الإيرانية في فيينا حول الملف النووي، حيث ستظهر ملامح جديدة تكرس بشار الأسد قائداً سيحسب له حساب في المعادلات التي ستفرض لاحقاً.

ورأت المصادر أن لبنان بعد هذه المستجدات لم يعد منعزلاً عن محيطه في ظل التفاهمات الجديدة، ووسط اختبارات حذرة من دول عربية لا سيما بين السعوديين والسوريين من جهة، والسعوديين والإيرانيين من جهة ثانية، وذلك بعدما حصل بين ممثّلين عن الرياض وطهران في بغداد، واللقاء السعودي السوري الأمني في دمشق، إضافة الى عودة افتتاح بعض السفارات الغربية أبوابها في دمشق مجدداً وعودة العلاقات الديبلوماسية وقنوات التواصل، والحديث عن عودة سوريا الى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها منذ العام 2011. كما ستشكل مسألة اللاجئين السوريين والعودة الطوعية الآمنة بوابة للاستثمار في المفاوضات مع دول اللجوء ومنها لبنان الذي يرزح تحت عبء أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري.

وهذا ما يؤكده بحث صادر عن مركز “كارنيغي للدراسات” في واشنطن، اعتبر أيضاً أن التصعيد المحتدم في الأزمة اللبنانية سببه الصراع بين فريق يعمل لإبقاء النفوذ الإيراني، وآخر لاستبداله بنفوذ سوري يكون نسخة منقحة عن الوصاية السورية التي استمرّت ثلاثين عاماً على لبنان.

إزاء كل هذه التطورات والصراع السياسي في لبنان بين محورين، والتآكل والانهيار الاقتصادي والمالي، الذي يعزز الاقتصاد السوري في الوقت عينه عبر تهريب المواد الأولية والغذائية والنفط الى سوريا في ظل العقوبات عليها، فإن النظام السوري وبحسب المصادر قد يطلب في المقابل استعادة نفوذه في لبنان، ليس من خلال عودة قواته إلى الأراضي اللبنانية، لكن عبر رفع درجة التعاون مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية من خلال معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين عام 1991، وإتفاقية الأمن والدفاع اللبنانية – السورية.

هذا السيناريو بوضع اليد على لبنان الضعيف مجدداً بعد خروج السوري منه منذ العام 2005 قد يكون مطروحاً في حال فشل المسؤولين اللبنانيين من إنقاذ بلدهم وتشكيل حكومة انتقالية من أجل القيام بإصلاحات مالية واقتصادية والتحضير للانتخابات النيابية وثم الرئاسية… فهل من يتعظ؟

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً