إفتاء البقاع بين التوافق والتعيين… و”تسريبات” خبيثة حول المرشحين!

راما الجراح

قبل خمسة أيام من موعد إنتخابات المفتين في البقاع وزحلة وراشيا، شُرّعت الأبواب أمام جميع الأسلحة الانتخابية من برامج، جولات، تسريبات، مصادر وطوابير فتنة، هذا في العلن، أما باطنياً فالنوايا طيبة وليس كما يُشاع عن دعم سياسي من جهات مختلفة الرؤية للمرشحين الأربعة. التوافق سيد الموقف حتى اللحظة، وفي المجالس الضيقة تطرح الفكرة بصورة جدّية لما يشكله هذا المنصب من أهمية في منطقة البقاع خصوصاً. أكثر من ذلك، هناك طرح آخر يمكن الذهاب إليه في اللحظات الأخيرة، فحواه التعيين لا الانتخاب، وليس بالضرورة أن يكون محصوراً بأسماء المرشحين الأربعة.

قبل الدخول في تفاصيل المرشحين، كنا قد ذكرنا في المقال السابق عن إنتخابات الافتاء نقلاً عن مصدر أن المرشح القاضي عبد الرحمن شرقية تقدم بترشحه بناءً على طلب جهة سياسية مقربة من الجانب السوري، ولكن بعد عدة اتصالات مع مسؤولين مطلعين على أجواء الانتخابات وأصحاب السماحة من البقاع، أكد مصدر موثوق من دار الفتوى – البقاع عبر موقع “لبنان الكبير” أن “كل ما صدر في وسائل الاعلام غير صحيح بالمطلق، وأن معركة الافتاء قائمة بين إخوة يتسابقون على خدمة أمتهم، وليس سعياً إلى مركز، وما سُرّب عن زيارة مسؤول حزبي للقاضي شرقية بهدف الضغط عليه غير صحيح، فهذا الشخص أساساً يتردد بصورة دائمة على جميع المحاكم الشرعية بصفته محامياً لمتابعة قضايا موكليه، ولو أن الزيارة كانت خاصة لحصلت في منزل القاضي وليس في المحكمة الشرعية التي تعج يومياً بعشرات المراجعين بحيث لا يتسنى لك حتى الكلام مع الموظفين”.

أضاف: “المرشح المقصود الدكتور عبد الرحمن شرقية خدم في جهاز المحاكم لمدة أربعين عاماً، بنى الأزهر إلى جانب المفتي الراحل خليل الميس، وهو عضو دائم في مؤسسات دار الفتوى في البقاع وعضو في المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى في لبنان منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وأحب أن ينهي عمله بخدمة الأمة والشعب في الفترة المتبقية لبلوغ السبعين من عمره، وهو لم يقم بأي جولة على أحد من الأئمة للترويج نفسه وكان يقول لمن يلتقيه بالصدفة من الناخبين (إنتَ ودينك)، وهو يبني ثقته على علاقته بالناس والفعاليات التي لطالما سلّفها مسبقاً مواقف ومصالحات وفضّ خلافات، وبالتالي فإن فضيلته مستعد للانسحاب من الترشح في حال توافق المرشحون الأربعة على مرشح واحد للتزكية ومن دون معركة إنتخابية”.

إذاً، القاضي شرقية لا ناقة له ولا جمل في كل التسريبات السلبية التي بحسب عدة مصادر لم تنصفه أبداً وهو المعروف بقربه وانفتاحه على كل الجهات، والواجب المهني الذي نتغنى به هو إيصال المعلومة الصحيحة. والمرشح الشيخ علي الغزاوي المعروف بـ “آدميته” وعدم دخوله في دهاليز السياسة إلا لما يفيد المسلمين ومؤسسات أزهر البقاع، وانفتاحه على الجميع، طالته أيضاً عدة شائعات كان أبرزها أنه مدعوم من النائب حسن مراد المعروف بقربه من الجانب السوري، وذلك طَمَعاً في أن يكون المفتي أيضاً من بلدة غزة إلى جانب النائبين مراد وياسين ياسين. هنا يُمكن ملاحظة التناقض في التسريبات الخبيثة، فكيف لجهة سياسية واحدة أن تدعم مُرشحَين اثنين على المركز نفسه؟ لذا، فلتتكلم هذه المصادر خيراً أو فلتتوقف عن إشعال الفتنة التي لا وجود لها بين إخوة همهم مصلحة الأُمة أولاً بدليل دراسة خيار التوافق اليوم على منصب إفتاء زحلة والبقاع.

لم تقف الشائعات عند هذين المرشحين، فالقاضي طالب جمعة أيضاً كان ضمن اللائحة المستهدفة، ونسبت المصادر ترشحه الى طلب من تيار “المستقبل” بسبب قربه منه، وأنه يقوم بجولات على الناخبين المحسوبين على التيار لانتخابه، وهذا ما يثير السخرية، أولاً لأن الجميع يعرف أن تيار “المستقبل” خارج سرب التدخلات في أي أمور محلية منذ إعلان الاعتكاف، ولم تحصل أي زيارات وجولات لتبني مرشح معين. من جهة ثانية، أي مرشح لمنصب ما بغض النظر عن إنتخابات الافتاء يحق له القيام بزيارات لدعمه وإظهار صورته للرأي العام، وعليه فان الهدف من تلك التسريبات الشبيهة بالفقاعات هو الاساءة إلى مرشحين لمركز عظيم يصعب عليهم زعزعته.

والمرشح الرابع هو الشيخ خالد عبد الفتاح، الذي رقّي إلى رتبة بروفسور في العام ٢٠١٩، ولديه ١٤ مؤلفاً في الفقه والفكر والارشاد الأسري، ومعروف عنه أنه كان في الصفوف الأولى في “انتفاضة ١٧ تشرين” للدفاع عن حقوق الناس. وتوجه برسالة الى الجميع عبر موقع “لبنان الكبير” قال فيها: “نحن مشايخ وقدوة للناس والمنافسة هي منافسة شريفة ومن يفوز ندعو له بالتوفيق، ومن لا يكلف بالمنصب ينبغي أن يكون في خدمة المسلمين واللبنانيين وهذا ما يوجبه الاخلاص لله. والتوافق أمر طيب ومشكور كل من يسعى إليه، ولكن ينبغي أن يكون على معايير وليس منحازاً”.

ترك غياب مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس فراغاً كبيراً في منطقة البقاع تحديداً على المستويين الديني والسياسي، وأصبح ضرورياً وجود شخص يُكمل هذه المسيرة، وبين الانتخاب والتعيين، الخياران لا يفسدان في الود قضية، فالمنصب أساس وأولوي للشارع السني البقاعي، والمرشحون “أوادم”، ومَن سيأتي الى هذا المنصب يلتف حوله الجميع ويكون خيراً للأمة، لذلك فليربط أهل الفتنة ألسنتهم وليتجمّلوا بالسكوت!

شارك المقال