إنتظار التسوية الخارجيّة أسهل من الحوار الداخلي؟

رامي الريّس

ثمّة أسئلة جوهريّة في السياسة غالباً ما تتفاوت الاجابات عنها بحسب الموقع والموقف السياسيين. من أبرز تلك الأسئلة: هل الحوار هو نقيض الدستور والمؤسسات خصوصاً في بلد مركب ومتعدّد مثل لبنان؟

لا شك أن انتظام العمل الدستوري والمؤسساتي هو في قمّة ما تطمح إليه الأنظمة الديموقراطيّة لأنها تتمكن عندئذٍ من تحقيق أهدافها في التنمية الانسانيّة والرفاه الاقتصادي والاجتماعي الذي يُفترض أن يكون في صلب البرامج السياسيّة للقوى المتنافسة (ديموقراطيّاً بطبيعة الحال).

يوفر الانتظام الدستوري والمؤسساتي الاستقرار السياسي والتشريعي، كما أنه يؤمن المناخات التي يمكن من خلالها النفاذ نحو التقدم والتطور والازدهار. ولكن، ماذا عن الدول التي تعجز، بحكم تكوينها وتركيبتها المعقدة وتشابك عناصرها المحليّة مع تلك الخارجيّة عن بلوغ ذاك الهدف؟

هذه المقدمّة “النظريّة” ترمي الى القول بأن “الديموقراطيّة اللبنانيّة” ليست مثاليّة مقارنة بنظيراتها الغربيّة، ولو أن التمسك بها والسعي إلى تطويرها يفترض أن يقع في صلب الاهتمامات السياسيّة لا سيّما لناحية استكمال تطبيق “اتفاق الطائف”. ولكن لها طابعها التوافقي الخاص الذي يحتّم على “المشتغلين” بها وتحت لوائها أن يتجرعوا جرعات من البراغماتيّة والواقعيّة في مقاربة الأمور قياساً إلى موازين القوى السائدة في البلاد.

إذا كان الأفق الرئاسي بات مسدوداً إلى أجل غير مسمّى بفعل هذه التوازنات القائمة، وإذا كان مبدأ الحوار لا يرمي إلا الى الخروج من عنق الزجاجة بمعزل عن النقاش النظري المتصل بمدى ملاءمته مع أحكام الدستور؛ فلماذا الاستنكاف عن القيام بذلك؟ ولماذا الاصرار على إلباس الاستحقاق الرئاسي لبوساً طائفيّاً على الرغم من أن الرئيس العتيد هو رئيس لجميع اللبنانيين من دون استثناء؟

واستطراداً، هل أن إنتظار تسوية خارجيّة يتم “إسقاطها” على اللبنانيين أكثر سهولة من إجراء حوار داخلي لاجتراح المخارج المطلوبة من هذا المأزق بما يؤدي إلى تقصير أمده والمباشرة بإنقاذ اللبنانيين من الحفرة التي وقعوا فيها؟ يبدو كذلك!.

شارك المقال