2022… “دسمة” سياسياً

حسين زياد منصور

على وقع أزمات متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية، وسط حالة من الاستعصاء السياسي، يمضي العام 2022 كغيره من الأعوام على اللبنانيين، أحداث سياسية كثيرة حصلت خلاله، ويعتبر لبنان من أكثر البلدان التي تعاني مشكلات سياسية بصورة دائمة، وتشهد مفاجآات دائمة في هذا الصدد. وخلال 2022 جرت الانتخابات النيابية، وتأجلت البلدية، وتعذر انتخاب رئيس للجمهورية وغيرها العديد من الأحداث البارزة والمهمة التي كانت لها تداعيات عدة على مسار الحياة السياسية اللبنانية.

مع بداية العام، وفي الرابع والعشرين من كانون الثاني، وقبل أشهر قليلة من اجراء الانتخابات النيابية، أعلن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري تعليق عمله السياسي وتيار “المستقبل”، وأدى هذا القرار الى تعقيد المشهد السياسي المتأزم أصلاً.

وفي 15 أيار جرت الانتخابات النيابية بغياب الرئيس الحريري وتيار “المستقبل”، وشكلت صدمة لبعض المرشحين نتيجة المفاجآت التي حملتها بوصول البعض الى المجلس النيابي وخسارة آخرين مقاعدهم، أبرزهم رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال أرسلان ونائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي الفرزلي، وخسارة رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب المعركة على الرغم من كل التجييش والحشد لجمع الأصوات.

ثم كان تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة من دون أن يتمكن من التأليف حتى اليوم، بسبب الخلافات بين الأطراف السياسية والتعدي على دور رئيس الحكومة وصلاحياته، على الرغم من زياراته المتعددة الى القصر الجمهوري في بعبدا للتشاور في عملية تشكيل الحكومة، الا أن الرئيس الشابق ميشال عون وصهره جبران باسيل دائماً ما كانا يضعان العصي في الدواليب.

وفي الأول من أيلول دخل لبنان في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وحتى الآن فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً لميشال عون، بعد عشر جلسات، ومن دون الاتفاق على اسم يتولى هذه المهمة في ظل الظروف التي يمر بها لبنان، ليدخل مرحلة الفراغ الرئاسي وهي المرة الرابعة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان، بعد انتهاء ولايات الرؤساء السابقين أمين الجميل واميل لحود وميشال سليمان، وهذا الفراغ هو للمرّة الثالثة على التوالي.

وبرزت الخلافات أكثر بعد تولي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية ومهامها مع انتهاء ولاية ميشال عون الذي أصدر مرسوماً يقضي باعتبار الحكومة مستقيلة.

وفي 27 تشرين الأول تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي بعد مسار طويل من المفاوضات عبر الوساطة الأميركية بقيادة خبير الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية آموس هوكشتاين بمواكبة فرنسية ومباركة عربية ودولية، وحسمت بصورة نهائية حصة لبنان في مناطقه البحرية الاقتصادية، وبذلك دخل نادي الدول النفطية.

يعلق الكاتب والمحلل السياسي شادي نشابة في حديث لـ “لبنان الكبير” على الأحداث التي مرت خلال 2022، قائلاً: “سنة 2022 محطة بارزة في التاريخ السياسي اللبناني، اذ شهدت استحقاقات وتغيرات مهمة جداً، منذ ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي في لبنان وهو عامل بارز فيه، والتبعات من تشكيل الحكومة ومن يقود هذه المرحلة المستقطعة في ظل غيابه عن السلطة حتى تشكيل الحكومة من الرئيس نجيب ميقاتي ومفاوضات صندوق النقد الدولي وهي محطة أساسية وستكون مستمرة للمرحلة المقبلة لأن صندوق النقد سيكون حاضراً في أي تسوية سياسية قادمة. من ثم ترسيم الحدود البحرية بحيث أصبح لبنان دولة نفطية وإن كان في المستقبل، وهذا الموضوع كان عائقاً منذ أكثر من 14 عاماً أي منذ 2008 وسيكون عنصراً ايجابياً على صعيد الحركة الاقتصادية اللبنانية إن استثمر بالطريقة الصحيحة”.

ويضيف: “هذا الى جانب الانتخابات النيابية التي أفرزت فريقين لا يملكان الغالبية المطلقة مما يؤدي الى كباش سياسي وتوازن سياسي داخلي إن كان على صعيد تشكيل الحكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية أو على صعيد المرحلة السياسية المقبلة حتى انتخاب رئيس في ظل الجمود والفراغ اللذين نعيشهما”.

شارك المقال