زيارة الحزب لبكركي… تعاون مع “الخصوم” و”تطنيش” باسيل

آية المصري
آية المصري

تقوم وفود تابعة لـ “حزب الله” بين الحين والآخر بزيارات الى الصرح البطريركي وتحديداً في المناسبات والأعياد، لتبيان صورة العيش المشترك من جهة والدلالة على العلاقات الطيبة التي تجمعه بخصومه الأساسيين في الحياة السياسية من جهة أخرى.

عظات الأحد للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي أكبر دليل على الخلافات الجوهرية والسيادية بينه وبين الحزب، ولكن ما باليد حيلة فالأخير يمثل طائفة لا يمكن الاستهانة بها، ما يستوجب منه القيام بلقاءات دورية لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في المعادلة، وتبقى الصورة التذكارية مع الراعي جوهر اللقاء عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” السيد إبراهيم أمين السيد بعد لقائه مع وفد من الحزب البطريرك الراعي في الصرح البطريركي في بكركي أمس، الى أنهم قدموا التهنئة بالأعياد وتمت مقاربة الأمور الأساسية في البلاد وعلى رأسها إنتخاب الرئيس، لافتاً الى أن “المطلوب الاسراع في انتخاب رئيس وأن يجري حوار حقيقي خصوصاً في مجلس النواب”.

وعن إمكان إنتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، أكد السيد أن “لا فيتو على أحد وندعو الى التوافق”، لكن المثير للانتباه قوله إن “النائب جبران باسيل لم يكن يوماً تحت مظلة حزب الله”. من هنا تطرح تساؤلات: ماذا قصد الحزب بهذه الرسالة لباسيل خصوصاً وأنه الداعم الأول له وشكل رافعة انتخابية لـ “التيار الوطني الحر”؟ وكيف تقرأ زيارة الحزب الى بكركي؟

مصادر مطلعة على سياسة “حزب الله” أكدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الاتصالات بين الحزب وبكركي قائمة وإن كانت هناك مواقف متنوعة من بكركي لا يحبذها الحزب. وصحيح أن هناك اختلافات واضحة وحتمية في مقاربة الأمور بين الجهتين لكن أسلوب الحزب بالتطنيش وعدم الرد يساعد كثيراً في المحافظة على ديمومة هذه العلاقات”، مشيرةً الى أن “الحزب يسعى بصورة متواصلة الى التفاهم مع خصومه السياسيين من أجل التوصل الى حل جذري في الملف الرئاسي، وهذه الزيارة كانت ضرورية من حيث حيثية البطريركية المارونية”.

وأوضحت المصادر أن “زيارة الحزب الى الراعي أتت لمناسبة الأعياد وهي تحمل طابعاً دينياً وإجتماعياً اضافة الى أبعادها السياسية وتحديداً من أجل التأكيد على ضرورة انتخاب رئيس للبلاد في أسرع وقت ممكن من جهة، ولبرهنة إستعداد الحزب للتعاون مع جميع الأفرقاء حتى خصومه السياسيين من أجل إنجاز هذا الاستحقاق من جهة ثانية”.

وعن القول إن الحزب لم يشكل يوماً مظلة لباسيل، لفتت المصادر نفسها الى أن “الحزب تعاون مع التيار الوطني الحر إنتخابياً وشكل رافعة له ودعم جبران باسيل، لكن هذا لا يعني أن قرار الوطني الحر عند حزب الله والمعنى من هذا التصريح أن قرار باسيل ليس قرار الحزب، فهو حليف مستقل وليس بلاجئ سياسي عند الحزب”.

أضافت: “أصبح هناك الكثير من الخلافات بين الجهتين في العديد من النقاط وتحديداً بعد ثورة 17 تشرين، لكن الحزب سيبقى يميل الى البناء على المساحات المشتركة بينهما خصوصاً في ما يتعلق بالملفات الاستراتيجية المعني بها تماماً حزب الله”.

في المقابل، وصفت مصادر معارضة لسياسة الحزب زيارته الى بكركي بأنها “حركة للعلاقات العامة من ضمن حركاته المعتادة ومن أجل تليين الأوضاع”، مؤكدة أن “زيارته الى بكركي ليست يتيمة ولكن لا ينتج عنها شيء سوى فكرة الزيارة الخالية من المضمون الحقيقي، وبالتالي لا تُترجم أي نوع جدي من الحوار الذي يوصلنا الى نتائج معينة ملموسة لأن حزب الله يتفادى أي حوار جدي وفاعل داخلياً، ويفضل الحوارات الخارجية وهو يريد عقد صفقة خارجية دولية من أجل الإتيان بالرئيس المناسب، لكن حتى هذه الصفقة لم تتضح معالمها بعد”.

وشددت المصادر على أن “الراعي لا يسعى الى مصالحة الحزب والنائب جبران باسيل ومشكلته أكبر من هذه المصالحة، فخطابه يضيء على مشكلة أساسية وجوهرية تتعلق بمستقبل البلد المجهول نتيجة التخبطات السياسية الموجودة، وبالتالي الحزب أيضاً غير مكترث لباسيل لأنه يعتبره تفصيلاً صغيراً من المعادلة كلها خصوصاً وأنه ضمن ماكينة الحزب وليس العكس”.

ورأت أن الزيارة “كانت من أجل فتح نافذة لايجاد رئيس توافقي بحسب تقديرات الحزب، لا سيما وأنه غير مستعد للتنازل عن شيء، والمسألة عبارة عن تأمين موازين قوى لا أكثر ولا أقل”.

زيارة الحزب الى بكركي روتينية تتكرر في كل مناسبة دينية أو إجتماعية، ويبدو أنه قرر إستخدام أسلوب التجاهل مع الحليف من أجل إظهار حجمه الحقيقي، ورسالته الى باسيل ليست سوى لوضعه تحت خانة الحليف المسيحي المستقل والذي يؤمن الغطاء المسيحي الشرعي للحزب خصوصاً في المواضيع الاستراتيجية.

شارك المقال