كيف يمكن لأوكرانيا الفوز في الحرب؟

حسناء بو حرفوش

كيف يمكن لأوكرانيا الفوز في الحرب؟ وفقاً لقراءة للمحللة جيزيل دونيللي، “أضافت المساعدات الجديدة التي قدمتها الحكومات الأميركية والفرنسية والألمانية قطعاً جديدة إلى الأحجية الخاصة بالقدرة على الردع الذاتي والتضامن الغربي الذي يهدف الى مساعدة أوكرانيا على تحقيق هدفها وإخراج الغزاة الروس من أراضيها. ولكن هناك قطع مهمة أخرى يجب وضعها في مكانها قريباً إذا أراد الأوكرانيون تحقيق النصر.

في الحقيقة، لا يقتصر الأمر على المركبات القتالية ودبابات القتال الغربية الرئيسة المحمية بشدة والدفاعات الجوية المتنقلة والخدمات اللوجستية والمدفعية بعيدة المدى مثل نظام الصواريخ التكتيكية للجيش والطائرات. فبالتوازي مع هذه المساعدات المتنوعة، تبرز الحاجة الى الوقت أي الى بضعة أشهر حتى يتمكن الأوكرانيون من إتقان استخدامها ودمجها ضمن قوة أسلحة مشتركة متماسكة. وحين ينجح المقاتلون في ذلك، ستترجم النتيجة بصورة أقوى من مجموع هذه الأجزاء العديدة وحدها.

ولا يحيط أي شك بقدرة الجيش الأوكراني على القيام بذلك. وفي حين أن فطنة الجنود العملياتية اتضحت منذ الأسابيع الأولى من الحرب، لا يزال العديد من المراقبين الغربيين مترددين في الاعتراف بأدائهم اللوجستي. وعلى الرغم من عدم توافر الكثير من المعلومات مفتوحة المصدر حول معدلات جاهزية أنظمة الأسلحة، تمكن الأوكرانيون من تحقيق تأثيرات جيدة من مجموعة كاملة من الأنظمة الغربية السوفياتية القديمة والمتنوعة على نطاق واسع.

ويشكل الاعلان هذا الأسبوع عن صواريخ جديدة أحدث مثال على البراعة الفنية والتكتيكية الأوكرانية. وسيشكل الحفاظ على مثل هذه الأسلحة المتباينة، خصوصاً خلال أشهر القصف الروسي المتواصل، تحدياً كبيراً للجيش الأميركي ناهيك عن أي قوة أوروبية غربية حالية. ومع ذلك، ليس هناك سبب للاعتقاد بأن الأوكرانيين لن يكونوا قادرين على استخدام الأسلحة الغربية الحديثة. بالطبع، من الأفضل أن يكون هناك نظام قتالي موحد بصورة أكبر، لكن هذه مسألة تتعلق بدمج أوكرانيا في الناتو بعد الحرب.

وتزداد أهمية تزويد الأوكرانيين بهذه القدرة الهجومية المضادة مع تحول ساحة المعركة خلال فصل الشتاء. وعلى الرغم من تعدد الاقتراحات حول كل من الهجمات الروسية والأوكرانية خلال فصل الصقيع، تدفع بعض الأسباب الى الشك في حجم (حرب الشتاء) هذه. بادئ ذي بدء، من شبه المؤكد أن الروس يفتقرون إلى العناصر على الأرض، والأهم من ذلك كله، هم يفتقرون إلى الأسلحة اللازمة لشن الهجمات. ويمكن القول إن الجهد الروسي الرئيس موجه نحو بناء دفاعات أمامية لحماية شبه جزيرة القرم من هجوم أوكراني جنوباً من زابوريزهزيا. لذلك، من الحكمة أن يركز الروس المدفعية والاحتياطيات المتنقلة هناك، وليس في بيلاروسيا أو لوهانسك. عدا عن ذلك، تحوم شكوك حول قدرة الجيش الروسي على نقل التشكيلات الكبيرة من جبهة إلى أخرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثيرات المدفعية الغربية في أيدي الأوكرانيين. ربما تكون (حرب الشتاء) في روسيا بمثابة إعادة ضبط للشتاء نفسه.

وأظهر الأوكرانيون، طوال فترة الصراع، صبراً استراتيجياً ملحوظاً، حتى عندما تعرضت عاصمتهم ومدينتهم الثانية وميناء البحر الأسود الرئيس للخطر. ولدى الأوكرانيين العديد من الخيارات، لكن من الواضح أيضاً أن الحرب لا يمكن أن تنتهي من دون استسلام شبه جزيرة القرم، التي تعني أنها تحسم كلاً من انتصار أوكرانيا وهزيمة روسيا.

وقبل أي هجوم مباشر، تقتضي الخطوة الأولى فرض حصار أوثق على شبه جزيرة القرم؛ ويشكل هذا بحد ذاته تحدياً صعباً. ومن المؤكد أن الاستراتيجية الأوكرانية قد أعدت لذلك على ما يبدو، كما يظهر من الضربات على جسر مضيق كيرتش والهجمات الدورية على المطارات والقواعد في شبه جزيرة القرم. لكن الروس ما زالوا يحتفظون بمساحات كبيرة من زابوريزهزيا وخيرسون وربما لا تزال عشرات المجموعات التكتيكية من الكتيبة الروسية في شبه الجزيرة. علاوة على ذلك، قد تجبر أي تحقيقات روسية واسعة النطاق في الشمال والشرق الأوكرانيين على تحويل الهدف بعيداً عن شبه جزيرة القرم.

وسيمثل التقدم الأوكراني إلى عنق شبه الجزيرة بحد ذاته فوزاً كبيراً للعلاقات العامة لكييف، وسيتيح استعادة الشعور بالزخم الذي أنتجته هجمات خاركيف المضادة في الخريف. وسيمثل ذلك أيضاً فوزاً كبيراً لجو بايدن وإيمانويل ماكرون وأولاف شولتز، مما يعزز الدعم الغربي للمساعدات العسكرية لكييف. ولكن قد يستحيل إحراز المزيد من التقدم الأوكراني الدراماتيكي في أي اتجاه، وفي أي حال سيترتب عن الأمر تكاليف أكثر من حيث العتاد والذخيرة والوقت والأرواح في حال لم تحصل أوكرانيا على أسلحة أكثر تقدماً بسرعة”.

شارك المقال