أشرف… شيمته الغدر

الدوري
الدوري

“بئر الحريرية” اعتادت رمي الحجارة فيها من قبل ناكري الجميل، الذين يغرفون من مائها ليروا عطشاً للوصول والتسلق، حتى اذا تقدموا واحتلوا منصباً توهموا أن هذا بفضل خيالاتهم المريضة.

لكن أشرف ريفي هو الأسوأ بين هؤلاء على الاطلاق. فأقل ما يقال فيه وعنه إن لحم كتافه من خيرهم. فهو لولا الحريرية السياسية لما وصل إلى ما وصل إليه اليوم، بل لم يكن لأحد أن يعرف اسمه. التصق اسم ريفي بالحريري من الأب إلى الابن، إلى أن اشتد عوده، فكان أول ما فعله هو الغدر بولي أمره، متوهماً أنه قادر على تكوين حالة تدغدغ بعض العصب السني، عبر الاستفادة من وجود “حزب الله” في الحياة السياسية اللبنانية، مزايداً في هذا الموضوع، كونه يعلم علم اليقين أن الرئيس سعد الحريري يريد تجنيب لبنان عموماً والسنة خصوصاً، أتون الفتنة في المنطقة، وهو يرفض بشكل قاطع الاقتتال الداخلي.

وبينما قاطع الرئيس الحريري الانتخابات، لأنه كان على يقين أن نتائجها لا يمكن أن تغيّر الوقائع على الأرض، حاول ريفي استغلال هذا الغياب، عبر سعيه مع “القوات اللبنانية”، الى سد هذا الفراغ في القيادة السنية، علماً أن “القوات” ليس مرغوباً بها في طرابلس، بسبب اتهامها باغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي.

لعل من أحسن حسنات تعليق الحريري عمله السياسي، أنه فضح الصغائر في نفوس كثيرين، فحسبوا أن غياب الزعيم فرصة زعامة لهم. ريفي النائب برتبة حاجب في معراب، و”خيال زعيم” في طرابلس، والخصم اللدود لـ”حزب الله” لم يجد حليفاً أفضل من “خيال زعيم” في بيروت فؤاد مخزومي الصديق الودود لـ”حزب الله” ليحاولا معاً ملء فراغ الزعيم.

تميز أشرف بالفشل الذريع في جميع القضايا التي تولاها سواء في مديرية قوى الأمن الداخلي حيث الاستهتار وغياب المحاسبة كانت طريقة عمله وأسلوبه، وهذا لسان حال الضباط ممن عملوا معه والى جانبه. وهذا الفشل انسحب أيضاً على وزارة العدل عندما تسلمها، وكذلك أظهر سذاجة سياسية من خلال تنقله الى أكثر من جهة داخلية وخارجية. ولكن تبقى قلة الوفاء خريطة طريقه. والسؤال الأكبر ماذا كان سيقول اللواء الشهيد وسام الحسن عن أشرف ريفي لو قدر له أن يكون على قيد الحياة؟

وكان لريفي تصريحات تؤكد غدره بالحريرية حين قال: “الحريرية السياسية تحوّلت إلى وبال على الطائفة السنية”، أو أنّ “استمرار سعد الحريري في السلطة كان ليكون كارثياً، ومعه تحوّل السنّة إلى الطائفة الأضعف”، بعدما كان يُصرّح في الأعوام الماضية: “لست في تيار المستقبل إلا أنّني مقاتل في الدفاع عن الحريرية السياسية”… ونعم المقاتل!.

وفي الوقت الضائع سنّياً، ليست المرّة الأولى التي يقوم فيها ريفي بالتهجم على قائد “المستقبل” لكن جرعات سموم تصريحاته باتت أقوى معتقداً أنّ الحريرية ذهبت بلا عودة، الا أنّ هذا الرجل الذي كان استغلّ نفوذ الحريرية في السابق، تغافل عن “حجم إنجازاته” التي قدّمها على طبق من “شوك” لأبناء طرابلس الصامدة أمام مختلف التحدّيات السياسية والاشتباكات العسكرية الدموية التي حوّلت المدينة إلى “محاور”، إذ نستذكر بعض المتاريس والاشتباكات التي خُطّط لها لـ “عيون” ريفي، أبرزها الجولة الـ15 التي فجّرت الوضع الأمني في طرابلس، احتجاجاً على احتمال عدم تمرير بند التمديد للواء ريفي حينما كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي.

على الأرض لا نجد إنجازات للطامح الى الزعامة، إلا منتجع “الميرامار” الذي يعتدي على الآلاف من ملك الدولة العام، ولا يستفيد منه أبناء طرابلس بسبب كلفته العالية، وحتى من يملك القدرة على الاستجمام فيه، يجب أن يكون من غير طابع المدينة الاسلامي، بحيث أن المحجبات ممنوعات من الاستجمام في هذا المجمع، بقرار من الادارة، فشكل المجبة غير جذاب بالنسبة الى الطامح للزعامة السنية.

ابتغى الزعامة بتحريض أبناء الوطن على بعضهم. من عادته اتهام كثيرين باستعمال التعصب الطائفي، وتأجيج الفتن، بينما هو بنفسه كان يزكي نار الفتنة بين أبناء طرابلس، عندما تقتضي مصلحته ذلك، فبدل أن يحاول تقريبهم من بعضهم، حرضهم ضد بعضهم بتصريح ناري قال فيه: “نفخر بأولادنا على المحاور وصغار جبل محسن سيدفعون ثمن تطاولهم”. هل هكذا يكون الزعيم الذي يريد وطناً؟ أليس من المفترض على ابن المؤسسة الأمنية أن يكون مع الدولة وبسط سلطتها بدل أن يشرّع الأمن الذاتي والاقتتال الطائفي؟

اللاهث وراء الزعامة، بتمويل قواتي، عجز عن إدارة بلدية وهي مفعمة بالصراعات والملفات الشائكة بـ “سقطة” إدارية وتنفيذية بعد انتخابات حقّق فيها عام 2016 انتصاراً كبيراً بفوز اللائحة المدعومة منه بـ 16 عضواً، حينها خاب ظنّ الطرابلسيين به مع أعضاء المجلس الذي لم يُحقّق إنجازاً بعد التطمينات والوعود التي أغرقت الأهالي أبرزها مرتبط بالإنماء، ليسحب غطاءه السياسي على عجل عنها قائلاً: لم أعد معنياً بعملها.

إلى ذلك، لا تُخفي مرجعيات طرابلسية أنّ رجل الدّولة ريفي لا يبالي بالقانون بل يستخدمه لمصلحته “وذلك بدعمه بعض الخارجين عن القانون، عبر زجّ بعض قادة المحاور في السجن بعد دعمهم، أو مناصرة بعض العائلات وتغطية تجاوزاتها لدعمه سياسياً”.

وبعد أن أوصله الرئيس الحريري إلى منصب وزير العدل، عام 2014 وقع ريفي في شباك التحدّي الذي يطال ملف الإسلاميين في سجن رومية، والذي يتضمّن تورّط آلاف الشبان الطرابلسيين، لكنّه كما غيره من الوزراء لم يقدم أيّ حلّ لقضيتهم الشائكة، بل استغلها انتخابياً فقط، عبر تصريحات لم تفد أحداً غيره.

الشعبوية بالشعبوية تذكر، فقد عمل ريفي على طمأنة أهالي الشهداء الذين غرقوا بسبب الهجرة غير الشرعية التي لا نرى مثلها في البلاد كما في طرابلس بغواصة لتنتشل الضحايا، فتأخرت وحين وصلت غادرت بلا نتيجة، الأمر الذي أغضب عائلة شمالية كانت تدعمه سياسياً بشكلٍ كبير لكنّ الغضب والندم حينها كانا سيّدا الموقف بسبب موقفه السياسي الذي تخلّى عنهم وكان لا يليق بفاجعتهم.

شارك المقال