الخليج العربي ليس فارسيّاً!

رامي الريّس

ليست المرّة الأولى التي تثير فيها طهران مشكلة حول تسمية الخليج العربي من خلال إصرارها على تسميته الخليج الفارسي، قياساً من وجهة نظرها، إلى “وقائع” أو “حقائق” تاريخيّة كما تسميها، والتي هي موضع جدل ونقاش حتى بين المؤرخين أنفسهم.

وإذا كان الغوص في أعماق الأحداث التاريخيّة التي تتفاوت تفسيراتها بين التسميتين يقع خارج سياق هذا المقال، فالأكيد أن ثمّة قراءة سياسيّة على خلفيّة الموقف الإيراني يمكن أن تقدّم جانباً من التحليل لهذه المعضلة.

الفكرة الأساسيّة أن الاعتراضات الإيرانيّة المتكررة حول هذه التسمية في المحافل الدوليّة تعكس جانباً من الأحلام الإمبراطوريّة القديمة التي استعادتها الثورة الإيرانيّة سنة ١٩٧٩ وذلك من خلال مشروعها التوسعي في المنطقة العربيّة وصولاً إلى آسيا الوسطى. ولم يخفِ قائد الثورة الراحل الامام الخميني مبدأ “تصدير الثورة” الذي إعتُبر ركيزة من ركائز المشروع التوسعي الامبراطوري إياه.

كما أن من خلف الخميني في السلطة لم يتراجع عن استكمال المشروع بل عزّزه وكرّس مساراته، ولو أن استخدامه في الأدبيّات السياسيّة صار أقل تداولاً وذلك في إطار تطبيق سياسة التقيّة التي يمارسها النظام الإيراني بكثير من الهدوء والباطنيّة.

هذا المسار القومي المتعصب الذي تعبّر عنه طهران من خلال كل منعطف يُثار فيه مصطلح “الخليج العربي” (وآخرها كان دورة الخليج العربي لكرة القدم في البصرة)، إنما يبيّن جانباً من الاستهدافات الكبرى للمشروع التوسعي الذي زرع أذرعاً له في العديد من العواصم العربيّة مثل بغداد وبيروت وصنعاء ودمشق.

لقد تناولت العديد من التقارير الاعلاميّة حجم “الامساك” الايراني ببعض الأحياء في قلب دمشق، من دون أن يكون للنظام السوري القدرة على إستعادة زمام المبادرة الأمنيّة فيها، ومعلوم الدور الإيراني في اليمن ولبنان والعراق.

إذاً، القضيّة أكثر عمقاً وتعقيداً من مجرّد تسمية لمصطلح من هنا أو هناك. إنه المشروع برمته الذي يضع المنطقة العربيّة بكاملها على فوهة بركان!

شارك المقال