لا لقمع العدالة

لينا دوغان
لينا دوغان

القضية ليست وليم نون ولا كسر زجاج قصر العدل، القضية ما زالت انفجار ٤ آب وما يحصل هو لصرف الأنظار عنها.

ما يقارب العامين على حصول هذه الكارثة التي ألمت ببيروت وأهل بيروت ولبنان وأهل لبنان والجرح لا يزال مفتوحاً ينزف دماً ويذرف دموعاً على أحبة قضوا من دون ذنب في جريمة من أبشع الجرائم، وما يوجع أكثر هو عدم ترك هذا الجرح يندمل لعدم السير بالتحقيق في الطريق الصحيح.

يتحرك أهالي ضحايا تفجير ٤ آب على الرغم من المحاولات العديدة لشق صفوفهم وتعثر التحقيق وعدم توصله حتى الآن الى أي نتائج ملموسة، وهم كانوا أكدوا في الذكرى الثانية لانفجار المرفأ أنهم سيواصلون المطالبة بالعدالة ويعتزمون كشف هوية معرقلي التحقيق ومطالبة المجتمع الدولي بالمساعدة في تحديد هوية المسؤولين عن هذه الكارثة.

وكما بات معلوماً فإن التحقيق في هذه القضية تولته بداية الشرطة العسكرية ثم تحول الى المحقق العدلي فادي صوان، الذي تنحى ليتسلم مكانه القاضي طارق البيطار الذي فتح ملف التحقيق وما لبث أن توقف لأسباب محض سياسية.

هنا بدأنا نسمع بفكرة “القاضي الرديف” وهو ما استفز أهالي الضحايا، وهذه الفكرة أتت من وزير العدل هنري خوري المحسوب على “التيار الوطني الحر” طبعاً بمساعٍ من التيار نفسه تصب في إطار الإفراج عن عدد من الموقوفين المحسوبين عليه سياسياً الى حين الفصل بطلبات كف يد القاضي البيطار عن الملف. واعتبر البعض أن فكرة “القاضي الرديف” بدعة وأن المنظومة الحاكمة لا تريد تحقيقاً في جريمة النيترات لأنها متورطة، كما أن اقتراح الوزير معيب وإن استند الى سابقة حصلت في المحكمة الدولية في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

يوم الخميس عادت فكرة “القاضي الرديف” الى الواجهة وتحرك أربعة قضاة لعقد جلسة في هذا الشأن باءت محاولتهم بالفشل بعد أن فقدت الجلسة نصابها القانوني وقاطعها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود والقاضي عفيف الحكيم ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. بالتزامن اعتصم الأهالي أمام قصر العدل لمواجهة هذا القرار والمطالبة بالسير في التحقيق وعلت الأصوات، وكان صوت وليام صارخاً لدرجة الوصول الى أخذ قرار باعتقاله.

تداعى العديد من النواب والكهنة والمشايخ لمساندته، وكان القرار بعدم إطلاق سراحه. وصل الأمر الى تدخل البطريرك الماروني بشارة الراعي شخصياً في الموضوع حتى قضي الأمر وأطلق سراح نون، لكن القضاء كما البلد بات مقسوماً وهو ما ظهر جلياً في بيان مجلس القضاء الأعلى والرد على البيان من رئيس المجلس نفسه.

هل أجهزتم على القضاء نهائياً كما أنهيتم البلد؟ كنا نقول ونطالب باستقلالية القضاء، أظن أننا الآن سنطالب بقضاء حر ونزيه.

عاد الجميع الآن من نواب ومناصرين لقضية أهالي تفجير ٤ آب الى المطالبة بتدويل القضية لأنه لم يعد هناك من حل آخر أمام كل ما يجري، وكان أول من قالها وطالب بها الرئيس سعد الحريري الذي سارع فور وقوع الانفجار الى الحديث عن ضرورة التحقيق الدولي في حادثة كهذه، ولم يقف هنا بل وصل الى المطالبة برفع الحصانة عن الجميع وهو أولهم، فقط حتى لا نصل الى ما وصلنا اليه اليوم من انقسامات في السياسة والقضاء والشارع. وأعود لأقول القضية ليست وليام نون ولكن أخاف أن لا تكون أيضاً “رمانة” وأن تكون قلوب مليانة، كما أن من الأفضل أن تبقى صرخة وليام مدروسة حتى لا تصبح هذه “الرمانة”، عين الرمانة ٢، وتكون فتيلاً لتوترات أمنية، والصيادون في الماء العكر كثر.

شارك المقال