الزنزانة

الراجح
الراجح

في اليوم الأول في الزنزانة المنفردة كان المكان بارداً ورطباً ينزُّ عفناً وقبحاً. وفي آخر الليل بدأت الأصوات تصل بعيدة وكأنها تخرج من بئر عميقة. ثمة بكاء وغناء وأنين يتسلّل إلى آذان الموقوف (المخطوف) من بعيد. في الصباح أخذ قطعة طبشور تركها من كان قبله في المكان نفسه ورسم على الجدار باباً كبيراً ونافذة تعلوها شمس مشرقة تزاحم كتابات مائلة تركها أصحابها وغادروا – للموت ربما – أو لزنزانات أخرى. في الأيام التي ستلي لن تبقى الزنزانة منفردة بل ستصبح سهلاً فسيحاً وشاطئاً جميلاً قابلاً لإضافة ما يريده الإنسان الحر وما يحتاجه؛ فالطباشير والجدار كفيلان بكل ذلك.

بلادي تمطر أساطير، ففي مقابل كل حفنة رمل حكاية، وتحت جذع كل شجرة قصة مدفونة، أبطالها أنا وأنت في نسختنا المليون أو الخمسة ملايين، لا فرق.

عندما تطاول الملك الآشوري الضحّاك واستطالت شروره، حلّت عليه اللعنة فطوّقت عنقه الثعابين، ولا تهدأ آلامه إلا باعتصار حياة بشرية قرباناً. كاوا الحدَّاد الكردي يخلّص العالم منه. وما تزال أسئلة المحققين مفتوحة، من هو كاوا؟ ومن هو الضحّاك؟ وما هي قصة البلاد التي تمطر أساطير وحكايات؟… في الوقت الذي تعلن وسائل الاعلام كافة نبأ دعوة رئيس مجلس الوزراء الى اجتماع لحكومة تصريف الأعمال! والزهور تملأ مكتب دولته…

مهما ربح الضحّاكون من جولات فالحرية في النهاية هي قدر الأحرار.

شارك المقال