لقاء كليمنصو: بين ثقة بفرنجية وموافقة ضمنية على قائد الجيش

رواند بو ضرغم

لو كان القرار الرئاسي بيد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وحده، لمضى بزعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، لاسيما أن الزعيم الدرزي شخصية تسووية، ولديه استعداد للسير في أي اسم ماروني يحصد التوافق. ولكن مشكلة فرنجية تكمن في أن النائب تيمور جنبلاط لا يستطيع أن يدعمه رئاسياً، تماماً كما كان موقفه في انتخابات رئاسة المجلس النيابي برفض دعم الرئيس نبيه بري، تماشياً مع انتفاضة اللبنانيين على قياداتهم وانتهاجاً للتغيير وسيراً في الاصلاح السياسي والاقتصادي.

جلس تيمور جنبلاط ساعة الاستماع الى حوار والده مع “حزب الله” من دون أي مشاركة. تغيّر موقف جنبلاط الأب من ترشيح قائد الجيش جوزيف عون عما كان قد أعلنه سابقاً، يوم قال إنه ضد العودة الى منطق ترشيح قادة الجيش وتكريس طموحاتهم الرئاسية. ولمس موفد “حزب الله” الى كليمنصو ميل جنبلاط الى دعم قائد الجيش من أجل حفظ المؤسسة العسكرية وتثبيت وحدتها وحمايتها من الانقسامات وأجواء الفدرلة المتفشية لدى بعض الأطراف السياسية المسيحية.

الا أن موقف “حزب الله” المطابق لموقف الرئيس بري، أُبلغ به جنبلاط أنه “ليس بالضرورة أن يستمر قائد الجيش بفرض سلطته على الجيش وإدارته بعد أن يصبح رئيساً للجمهورية، والدليل تمرد قادة الجيش على الرؤساء اميل لحود وميشال سليمان وميشال عون”. ذلك أن إدارة الجيش منوطة بالقائد الأصيل حصراً، ورأي رئيس الجمهورية غير ملزم له. لذا، فإن تبرير بعض القوى دعمها لقائد الجيش رئاسياً من أجل وحدة المؤسسة العسكرية غير واقعي ولا يمت الى الأصول والأعراف بأي صلة.

أما موقف “حزب الله” الرئاسي فقيل للمرة الأولى بالمباشر أمام جنبلاط، “لا ثقة سوى بسليمان فرنجية، فبشخصيته الوطنية يستطيع أن يجمع السنة والشيعة والمسيحيين والدروز، ولديه اتصالاته الدولية والاقليمية”.

مع الاشارة الى أن جنبلاط لم يصدر عنه أي موقف سلبي تجاه فرنجية، ولكن موقفه الرافض لترشيح قائد الجيش انقلب فقط الى موافقة ضمنية، في حال التوافق عليه. كما ناقش جنبلاط مطولاً في اسمي جهاد أزعور وصلاح حنين، وشدد على ضرورة كسر المراوحة ووضع حد للشغور الرئاسي.

وتقول معلومات موقع “لبنان الكبير” إن زيارة “حزب الله” الى كليمنصو جاءت بناء على طلب جنبلاط عبر الوزير السابق غازي العريضي، أما مهمة رد جنبلاط الى موقفه السابق من ترشيح قائد الجيش، فسيتكفل بها الرئيس بري من باب حساسية هذا الموضوع عند “حزب الله”، ومن منطلق أن وصول قائد الجيش الى سدة الرئاسة يتطلب تعديلاً دستورياً صعب الإجراء راهناً.

وتقول مصادر المجتمعين إن لقاء كليمنصو كان ايجابياً جداً من ناحية العلاقات الثنائية والتواصل بين نواب الكتلتين، مشددة على أهمية التواصل المباشر بين الحين والآخر وإن كان التواصل الهاتفي لم ينقطع. والتقى الطرفان على أن مفتاح الحلول يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن ليس أي رئيس. كما لاحظ المجتمعون تخوف جنبلاط من دعوات بعض المسيحيين الى التقسيم والفدرلة وتغيير النظام وبروز حركة “جنود الرب”، داعياً الى عدم العودة الى هذه النغمة ووجوب وضع حل سريع لمخاطر الفتنة الطائفية التي بدأت تتجلى في الحديث عن تفريغ المواقع المارونية وتعبئتها بطوائف أخرى.

وعن الجو الخارجي، تقول مصادر متابعة للمشاورات الرئاسية إن الفرنسيين والأميركيين لا يضعون فيتو على أي مرشح، ويعتبرون أن فرنجية متقدم في السباق الرئاسي. ويضاف الى هذين الموقفين، ما أعلنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن عدم تدخل المملكة العربية السعودية في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، ويؤكد أن حواراً داخلياً أو انفتاحاً بين الأطراف اللبنانية يمكن أن يوصلا البلاد الى توافق على رئيس للجمهورية وانتظام المؤسسات الدستورية.

شارك المقال