بداية الحل من لبنان!

رامي الريّس

تحقيق الخرق في الجدار السياسي السميك الذي يحيط بالانتخابات الرئاسيّة اللبنانيّة بات يتطلب ما هو أعمق من بعض الخطوات التي قد ترتدي الطابع الفولكلوري، وتبقى قاصرة عن تحقيق الهدف المرجو منها حتى لو أنها ربما لاقت الاستحسان عند بعض شرائح الرأي العام.

المطلوب هو الانطلاق في الحوار الجدي للخروج من المأزق الذي كلما استطالت مدته كلما زادت تعقيداته، والبداية تكون عبر الإقلاع عن إطلاق المزيد من الشروط لرفض الحوار تارة تحت عناوين دستوريّة، وتارة أخرى تحت مسميّات وصفات طائفيّة ومذهبيّة لإغراق الشارع بخطاب تعبوي لا يخلو من الخطورة.

والمطلوب أن تتقدّم القوى المختلفة والمتناقضة خطوة إلى الأمام بحيث يُفسح المجال لإنضاج سيناريوهات جديدة خارجة عن الدوائر التي تحرّك فيها الاستحقاق خلال الأشهر القليلة الماضية التي تلت انتهاء الولاية الرئاسيّة السابقة.

إن إستمرار رهان بعض القوى المحليّة على تبلور تفاهم دولي وإقليمي كبير يفضي إلى إنتخاب الرئيس بصورة عاجلة دونه العديد من العقبات والعثرات، خصوصاً أن الملف اللبناني لا يحتّل الأولويّة في الأوساط الدوليّة لا بل هو يكاد يغيب تماماً عن النقاشات السياسيّة في المسارات السياسيّة والديبلوماسيّة باستثناء الاهتمام الفرنسي المهم، إنما المتقطع بفعل إنشغالات باريس المحليّة والخارجيّة في الكثير من القضايا.

لعل هذا الواقع الدولي المأزوم، لا سيّما على خلفيّة الحرب التي لا تزال مستعرة منذ أشهر طويلة في أوكرانيا والتي لا يبدو أنها ستضع أوزارها قريباً، يُشكّل حافزاً للقوى اللبنانيّة المعطلّة للانتخاب أن ترتقي بمسؤوليتها الوطنيّة إلى حجم التحدّي الذي تفاقمه الأزمات الاقتصاديّة والمعيشيّة المتراكمة والمتعاظمة وتذهب البلاد نحو حدوث صدمة إيجابيّة تشكّل إنطلاقة حقبة جديدة على مختلف المستويات.

من الواضح أن المواطن اللبناني متروك لقدره وأن قدرته على مواجهة الصعاب تتضاءل في ضوء التفلت الجنوني لسعر صرف العملة الوطنيّة في ظل غياب الحلول السياسيّة، التي تبدأ بانتخاب الرئيس الجديد وتُستكمل بإطلاق أوسع حركة إصلاحيّة ممكنة لتغيير الواقع القاتم وفتح الباب أمام إعادة الدفء الى علاقات لبنان العربيّة والدوليّة التي تعرّضت لاهتزازات كبرى خلال السنوات المنصرمة.

الحلول ليست مستحيلة متى توافرت الإرادة السياسيّة، فهل تتوافر قبل فوات الأوان؟

شارك المقال