القطاع التربوي… ألا يستحق جلسة طارئة أسوة بالكهرباء؟

حسين زياد منصور

لطالما كان التعليم في لبنان مميراً، ومدارسه وجامعاته مقصداً للعرب والأجانب، وأعطى هذا القطاع صورة مشرقة عن لبنان في ظل الأزمات السياسية والخضات الأمنية التي عصفت به، وساهم في تصدير اليد العاملة المميزة والعقول والأدمغة الى مختلف دول العالم.

هذا القطاع يعيش اليوم حالة حرجة، فنتيجة اهمال استمر سنوات عدة، وأزمة اقتصادية خانقة تعد الأفظع في تاريخ لبنان، وجائحة كورونا التي فرضت اقفالاً على المؤسسات التعليمية كافة واللجوء الى التعليم عن بعد، ظهرت المشكلات التي واجهتها هذه المؤسسات والأساتذة وأهالي الطلاب على مختلف الأصعدة وأبرزها مالياً، بسبب التضخم المالي وأزمة المحروقات وانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، فأضرت هذه الأزمة بقطاع التعليم كله إن كان على صعيد المدارس أو الجامعات.

أصبح القطاع بحاجة الى حلول جذرية، فلم يعد يحتمل إصلاحات سطحية أو مؤقّتة، اذ لم يعد بمقدوره الصمود أكثر، وسبق أن حذرت “اليونيسف” من كارثة تعليمية في لبنان بسبب انقطاع الأطفال عن التعليم، خلال الأشهر الماضية.

ألا يحق للقطاع التربوي وهو مدماك الوطن أن تعقد لأجله جلسة طارئة لمجلس الوزراء أسوة بالكهرباء، لانقاذ العام الدراسي والجامعي، مع العلم أن الكهرباء استنزفت أكثر من 50 مليار دولار جميعها ذهبت سدى، في حين لا يحتاج هذا القطاع ككل على صعيد جامعة الوطن والمدارس الرسمية وتقديم المعونات للمدارس الخاصة الى أكثر من 70 مليون دولار؟

وبعد مطالبة “اللقاء الديموقراطي” بضرورة وضع حل لذلك، من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب أكرم شهيب ودعا فيه الى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، أشارت مصادر الحزب “التقدمي الاشتراكي” لموقع “لبنان الكبير” الى اجتماع سيعقد مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أجل المطالبة بضرورة الدعوة الى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء بما يخص الملف التربوي.

الجامعة اللبنانية

ولا تزال الجامعة اللبنانية تعاني من المشكلات والأزمات ويبدو أنها لن تجد الحلول في ظل الاهمال الكبير، ومن أبرز مشكلاتها انقطاع التيار الكهربائي وغياب وسائل التدفئة اضافة الى أبسط الأمور التي تحتاجها الكليات لتسيير شؤونها.

وأوضح رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران في حديث لـ “لبنان الكبير” أنهم أوجدوا حلاً لمشكلة المازوت والقرطاسية، “اما المشكلة الكبرى فتكمن في صيانة المجمعات والمباني كي لا تتراجع وتتحول الى مبانٍ غير صالحة للتعليم، والحراسة وتنظيف المجمعات التي يمكن حلها بالليرة اللبنانية”.

اما في موضوع الصيانة، فقال: “أي قطعة يجب دفعها بالدولار، وعلى الدولة إيجاد مصدر بالدولار للجامعة، ومن المشكلات الأخرى رواتب وأجور الأساتذة والموظفين فالدولار تجاوز الـ 50 ألفاً، فعلى الرغم من الرواتب الثلاثة التي منحت للأستاذ، في ظل هذا الانهيار لن تساعده، بل سيكون بحاجة الى من يقف الى جانبه، وفي حال عدم حصول ذلك سيلجأ الى الاضراب”.

وأشار الى أنه “في حال إعطاء أساتذة المدارس، مبلغاً معيناً بالدولار الفريش، واهمال أو تناسي أساتذة الجامعة، فستؤدي هذه الخطوة الى تأجيج المشكلة”، مؤكداً أن “وزير التربية متعاون جداً في ما يخص الجامعة اللبنانية”. وشدد على أن “كل هذا من أجل مستقبل الجامعة والطلاب وألا يكونوا في خطر”.

المدارس

ومنذ أسابيع، أعلن أساتذة المدارس الاضراب بسبب عجزهم عن الاستمرار في التعليم في ظل الارتفاع المتواصل للدولار وتدهور قيمة رواتبهم، التي لم تعد تكفيهم لمأكلهم ومشربهم والوصول الى مكان عملهم.

فالعام الدراسي شهد منذ بدايته عدداً من الاضرابات، خصوصاً بعدما أجل وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي انطلاقة العام الدراسي لأسباب عدة.

وخاض الأساتذة اضراباً لفترة طويلة وتصادموا مع وزارة التربية، بحجة القدرة الشرائية والرواتب المنهارة، ومنظومة التأمين الصحي، وبدل النقل وغيرها من المشكلات التي يعاني منها الناس، وعلى الرغم من ذلك لم يصل الأساتذة إلى نتيجة، وكان الطالب هو الخاسر الأكبر، ولا سيما طلاب المدارس الرسمية الذين يدفعون الثمن.

وأشار الحلبي منذ أيام، الى أن حل هذه القضية ليس بيد الوزارة، إنما بيد الحكومة، لأن مطالب المعلمين من صلاحيات الحكومة، وأن المشكلة “مالية” فإذا توافرت الأموال لدى الحكومة ومنحت للمعلمين، فيمكن إعادة الطلاب إلى صفوفهم في وقت قريب.

وكان الوزير قد وعد الأساتذة مع بداية العام الدراسي بدفع مبلغ 130 دولاراً شهرياً زيادة على رواتبهم كبدل حضور الى المدارس، لكن تبين أن هذا المبلغ غير متوافر.

اليوم وبعد ثلاث سنوات على الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان بعد أن صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850 وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين الذين باتوا عاجزين عن توفير حاجاتهم الأساسية، تبقى قضية التعليم من القضايا الأساسية والملحة التي تحتاج الى المتابعة الدائمة خصوصاً في هذا الوقت لأهميتها الأساسية.

شارك المقال