هل يقترب بوتين من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

واشنطن وموسكو على استعداد أكثر من أي وقت مضى للاقتراب من تغيير طبيعة الأسلحة المستخدمة في أرض المعركة في أوكرانيا. وسيسهل التنبؤ بالمدة التي ستستغرقها روسيا قبل استخدام الأسلحة النووية ومقدار الضرر النووي الذي سيحدث بمجرد أن تفقد الأسلحة المدمرة الأخرى فعاليتها، وفقاً لتحليل لتيموثي هوبر في موقع “أوراسيا ريفيو” الالكتروني الأوروبي.

وحسب التحليل، “تشير ظروف ساحة المعركة الحالية إلى أن الوقت قد حان لكي تفكر موسكو وواشنطن وتقرران الكيفية التي ستواصلان بها الحرب في أوكرانيا والتي ستحدد إمكان الفوز أو الخسارة في أي حرب نووية محتملة. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتبر بوتين (لاعباً عقلانياً)، إلا أنه يعتقد أن خطر التحول الى النووي بلغ أعلى مستوياته منذ أزمة الصواريخ الكوبية في العام 1962. ومع اقتراب روسيا من الهزيمة، هل يزداد خطر اندلاع حرب نووية؟

بعد فشل الجيش الروسي في تحقيق هدفه المحدد مسبقاً بغزو أوكرانيا بالكامل في غضون أسابيع قليلة، أعلن الكرملين أنه سيستخدم الأسلحة النووية في حال تعرض الوجود الروسي بحد ذاته للتهديد. بدوره، صرح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، بأن موسكو ستستخدم أي سلاح مطلوب للدفاع عن المناطق التي يجب أن تنضم إلى روسيا، وزعم أن لها الحق في حماية حدودها بأي سلاح في ترسانتها، بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية.

وقبل بضعة أشهر، أكد بايدن أن بوتين (يعلم أنه في ورطة حقيقية، مما يجعله أكثر خطورة). وفي مقال لصحيفة (نيويورك تايمز)، قال بايدن: إن أي استخدام للأسلحة النووية في هذا الصراع على أي نطاق سيكون غير مقبول تماماً لنا وكذلك لبقية العالم وستترتب عليه عواقب وخيمة، بالنسبة الى روسيا.

علاوة على ذلك، عندما يهدد بوتين وبايدن باستخدام الأسلحة النووية، يبدو من المرجح أنهما يعدان سكان العالم لاحتمال نشوب حرب نووية. بعد مرور سبعة وسبعين عاماً على أول انفجار نووي على الاطلاق في هيروشيما وناغازاكي، ارتفعت احتمالية استخدام هذا السلاح الفتاك مرة أخرى. تجري الأجهزة العسكرية والاستخباراتية أيضاً عمليات محاكاة حاسوبية في المنشآت النووية. وتستمر هذه القوى في التأكيد على أن لديها مجموعة متنوعة من الأساليب المدمرة لتدمير بعضها البعض، وهذا الأمر ليس بخدعة. وإذا حدث اندفاع وخسرت روسيا المزيد من الأراضي وخصوصاً دونباس وشبه جزيرة القرم، فسيستخدم بوتين الأسلحة النووية لإنقاذ نفسه وروسيا، وإذا قرر استخدامها فيجب على الغرب قبول الهزيمة أو المخاطرة بحرب نووية شاملة. وفي حالة حدوث مواجهة نووية بين القوتين العسكريتين العظميين، سيتعين على الغرب أن يقرر ما إذا كان الانتصار على روسيا يستحق خسارة واشنطن ولندن وباريس وبرلين. وفقاً لشبكة (سكاي نيوز)، تمتلك روسيا القدرة على تدمير مدن مهمة في الغرب، مثل لندن وواشنطن. وبمجرد إطلاق الأسلحة النووية الروسية، ستستغرق حوالي 20 دقيقة لتصل إلى لندن. يوجد ما يقرب من 4477 سلاحاً نووياً في ترسانة روسيا، وفقاً لتقديرات وكالات الاستخبارات الغربية في حين هناك 5943 رأساً نووياً في أيدي التحالف الغربي الداعم لأوكرانيا (مع امتلاك الولايات المتحدة 5428 رأساً نووياً، المملكة المتحدة 225، وفرنسا 290 رأساً حربياً). بالاضافة إلى ذلك، لكل قنبلة نووية قوة تفجيرية من 300 إلى 800 كيلوطن.

ويسعى الغرب الى تحقيق النصر أو الظروف التي تجبر بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتعويض عن الأضرار التي لحقت بأوكرانيا. وقد بدأ الناتو مناوراته العسكرية التي استمرت أسبوعين فوق سماء شمال غرب أوروبا في 17 تشرين الأول رداً على الألغام البحرية الروسية وغواصتها النووية المتقدمة البالغ عددها 58 لضمان سياسة الردع النووي ضد روسيا. وتضمن هذا التمرين ستين طائرة من 14 دولة، بالاضافة إلى طائرات بدون طيار تحت الماء. فضلاً عن ذلك، في 19 من الشهر نفسه، قام الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية، بزيارة إلى (يو إس إس ويست فيرجينيا)، وهي غواصة صاروخية باليستية تعمل بالطاقة النووية تعمل في البحر الأحمر، بينما كان الناتو يجري تدريبات نووية. وتعد هذه الزيارة، التي تمت في مكان مجهول على مستوى سطح البحر، خطوة نادرة تؤكد على أهمية سياسة الردع النووي في وقت يشهد توتراً مع روسيا والصين.

ومع ذلك، بدأت حرب باردة جديدة على الرغم من أنها تختلف اختلافاً جوهرياً عن الحرب الباردة في الحقبة السوفياتية. وحلت التهديدات السياسية محل التهديدات العسكرية للحفاظ على السلام في ذلك الوقت، بينما في وضع الحرب الباردة الجديدة، حلت التهديدات العسكرية محل التهديدات السياسية والحرب النووية ليست بالاحتمال البعيد”.

شارك المقال