نقاط على حروف النصاب

الياس الزغبي

كثرت في الآونة الأخيرة الحسابات والأرقام و”البوانتاجات” حول من يملك الأكثرية المطلقة في مجلس النواب (النصف زائداً واحداً)، أي ٦٥ صوتاً، لانتخاب رئيس الجمهورية.

وتم الترويج أن الرئيس نبيه بري، ووراءه “حزب اللّه” والمنضوون في “فريق الممانعة”، باتوا يملكون هذا الرقم، قياساً على رقم مماثل حصل عليه بري حين انتخابه رئيساً لمجلس النواب قبل ٨ أشهر.

وفي حسابهم أن نواب كتلة جنبلاط و”تكتل الاعتدال” الشمالي وعدد من النواب السنّة المستقلين وودائع “الحزب” داخل “التكتل العوني” سينضمون إلى كتلتَي بري وحسن نصر اللّه، فيشكّلون معاً ما لا يقل عن نصف المجلس زائداً واحداً، ما يكفل انتخاب “رئيس ممانع” من قماشة سليمان فرنجية أو سواه.

والواضح أن الاستناد إلى رقم بري لدى انتخابه لم يعُد واقعياً، والرهان على انضمام كتلة جنبلاط والآخرين ليس في محلّه.

والواضح أكثر أن مشكلة “الممانعة” ليست في تجميع ٦٥ صوتاً وحسب، بل في استمرار حفاظها على “الثلث المعطّل” داخل مجلس النواب أي ٤٣ صوتاً.

فبحساب بسيط نرى أن كتلتَي بري ونصر اللّه معاً، بمن فيهما السنّيان من بعلبك والسنّي من العرقوب والكاثوليكي من الزهراني (٣١ نائباً)، إضافةً إلى ٤ لتكتّل فرنجية (في حال لم يخرج منه أحد)، و٤ أو ٥ على الأكثر محسوبين في الأصل على المحور السوري الايراني (كرامي، الصمد، ناصر، نائبا الأحباش على الرغم من تمايزهما)، يبلغ المجموع ٤٠ نائباً، أي أقل بثلاثة من الثلث المعطّل.

وكان عدد الأوراق البيض في الجلسة الحادية عشرة الأخيرة (٣٧) خير إثبات على عجز “الثنائي” عن تأمين الثلث، إلّا في حال حصول صفقة جديدة مع “العونيين”، فكيف لهما أن يؤمّنا أكثر من النصف؟!

هذه الأرقام تُثبت أن سائر الكتل، مع النواب المستقلين، تستطيع في حال اتحادها، أن تكفل انعقاد الجلسة بنصاب الثلثين، وبأكثر من النصف للانتخاب. وهذا ما يُقلق ويُربك “الثنائي” الذي يتهربّ ويهرّب النصاب من جلسة إلى أخرى.

وليس التلويح بأنه مرتاح إلى جمع أكثر من النصف لمرشحه سوى قنبلة دخانية للتعمية على الحقيقة والتغطية على التعطيل.

فإذا كان واثقاً من أرقامه لماذا لا يبادر إلى عقد جلسة سريعة ويفرض الرئيس الذي يريد؟

في الحقيقة، إن تحقّق “حزب اللّه” من عجزه عن فرض “رئيسه”، يجعله يكرر نغمة التوافق.

ولكن التوافق لا يعني هذه المرة تكرار تجربة الرئيس السابق ميشال عون، بل الاتيان برئيس إنقاذي سيادي، متحرر من الالتزامات المسبقة، غير مرتبط بـ”أوراق” خطّية تكبّله، وغير معادٍ لانتماء لبنان العربي والدولي.

وفي هذا السياق، واهم من يظن أن حركة وليد جنبلاط هي تمهيد لاستدارة نحو مرشح “الممانعة”، بل هي ترشيد لموازين القوى، وعقلنة للاستحقاق الرئاسي، بما يُعيد مصالحة لبنان مع ذاته أولاً، ومع بيئته العربية ثانياً، ورحاب علاقاته الدولية ثالثاً.

وعلينا جميعاً أن نثق بأنفسنا،

وأن نعلن بالفم الملآن:

إلى رئيس يشبه لبنان بتاريخه وحاضره ومستقبله… ذاهبون. فلنوقف لغة اليأس والتيئيس.

شارك المقال