الاجتماع الخماسي الاثنين… خارطة طريق للانقاذ؟

هيام طوق
هيام طوق

حراك رئاسي داخلي يتولاه أكثر من طرف على أمل تحقيق تقدم أو تأمين بيئة حاضنة لدفع الأمور باتجاه انتخابات رئاسية، وآخر خارجي ينتظر أن تشهده باريس يوم الاثنين المقبل بعقد اجتماع مخصص للبنان بحضور ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر في “محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط فيها لبنان”.

وبغض النظر عن المختلفين في الآراء بين من يقول إن الحراك الداخلي ينتظر نتائج الحراك الخارجي ليبنى على الشيء مقتضاه، وبين من يعتبر أن الخارج يريد أن يلمس على الأقل أن هناك رغبة لبنانية في انتخاب رئيس جديد، وأن المسؤولين يسعون وجديون في هذا الاتجاه، فإن الأكيد أن الاجتماع الخماسي اكتسب أبعاداً مغايرة للاجتهادات والتفسيرات في الداخل التي كانت تقول انه يغلب عليه الطابع الانساني والمساعدات الاجتماعية للشعب اللبناني وليس له أي طابع سياسي، لكن بعد اعلان وزارة الخارجية الفرنسية أن “الهدف من الاجتماع، تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود”، بالتزامن مع الزيارة المهمة التي تقوم بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى المملكة العربية السعودية الشريكة الأساسية لفرنسا في تولي الملف اللبناني، معطوفين على مهمة السفير المكلف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان، في بيروت والمنطقة وصولاً إلى واشنطن، يعني أن فرنسا أطلقت صفارة الحلحلة في لبنان. وينتظر أن تصدر عن الاجتماع توجهات بارزة ومؤثرة في الأزمة السياسية عموماً والرئاسية خصوصاً، مع العلم أن الدول المشاركة، أصبح لديها هاجس ليس من تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية وحسب، انما أيضاً من الزعزعة الأمنية التي قد تؤثر على المنطقة ككل.

إذاً، بات مؤكداً أن الاجتماع سيعقد يوم الاثنين المقبل بعد تأجيله سابقاً، في وقت يعوّل كثيرون على نتائجه بينما يعتبر آخرون أنه لن يصل الى مرحلة الخرق في الجدار الرئاسي والأزمة اللبنانية ككل.

رأى الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر أن “الايجابية من انعقاد المؤتمر أنه يؤكد على اهتمام دولي بما يجري في لبنان خصوصاً من دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة ودولة اقليمية مهمة جداً وصديقة تاريخية للبنان مثل السعودية، وأكبر دولة عربية مثل مصر وقطر التي تنشط باتجاه لبنان. كل ذلك، يؤشر الى اهتمام بالدولة اللبنانية وبمصيرها ومصير الشعب والمؤسسات الأمنية. انها ايجابية كبيرة تخلق نافذة أمل للبنانيين بإمكان ايجاد الحل بعدما فقدوا كل أمل في هذه الطبقة السياسية التي تعيش حالة من الانكار ضد بعضها البعض، وتقوم بخدمة مصالحها ومصالح القوى الخارجية المرتبطة بها خصوصاً ايران وحزب الله الذي يلعب دوراً أساسياً في عملية تعطيل اعادة بناء الدولة”.

وأشار الى أن “المجتمعين يمكن أن يقدموا النصيحة للسياسيين اللبنانيين بأن يعودوا الى ضمائرهم والى حسهم الوطني والحكمة حول ما يجب أن يقوموا به تجاه وطنهم واعادة بناء الدولة بدءاً بانتخاب الرئيس. لكن ليس هناك من أمل كبير في التجاوب لأن التجربة في السابق وتحديداً المبادرات الفرنسية والنصائح العربية والمبادرة الكويتية، وكل ما جرى منذ العام 2019 الى اليوم لا يؤشر الى أن الطبقة السياسية ستعود الى رشدها وتقوم بالاصلاحات اللازمة أو بأي خطوة ايجابية على طريق انتخاب رئيس للجمهورية في المستقبل القريب”.

واعتبر أن “من المنتظر أن ينتج عن الاجتماع ما يشبه خارطة الطريق التي تضع اللبنانيين أمام رؤية جديدة لامكان اعادة بناء الدولة عاجلاً أم آجلاً كما يمكن أن تتوافق الدول المجتمعة على امكان التعاون في ما بينها لتقديم مساعدات مالية وعينية للبنان تساعد الشعب والمؤسسات العسكرية والأمنية”، لافتاً الى أن “الخوف الكبير يبقى من مستوى التمثيل لهذه الدول الذي اقتصر على المساعدين أو المستشارين أو السفراء، وبالتالي، لا يعطي الضمانة الكافية أن هذا الاجتماع يمكن أن يؤدي الى عملية خرق كبير في ادارة الأزمة اللبنانية، وكان بالامكان أن يكون على مستوى وزراء الخارجية، ويؤدي الى ضمانات أكبر”.

وأكد أن “ايران تعيش فترة تتعرض فيها الى مقاطعة دولية شبه كاملة مع فرض المزيد من العقوبات عليها، وهناك شكوى عربية ودولية من تصرفاتها سواء في مشروعها النووي أو دعمها لروسيا في حربها مع أوكرانيا أو لقمع المظاهرات والتدابير التعسفية ضد المتظاهرين. كل ذلك، يمنع بصورة قاطعة امكان حصول أي مشاركة لايران في أي مؤتمر دولي ليس في ما يتعلق بلبنان وحسب، انما في أي أزمة اقليمية ودولية أخرى”.

ورأى مدير “المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات” حسان قطب أن “الاجتماع، على الرغم من أنه على مستوى مستشارين، يؤشر على الاهتمام الدولي والعالمي بلبنان والتأكيد أنه ليس متروكاً كما يحاول البعض الترويج له. الاجتماع بمشاركة الدول الأساسية يدل على اهتمام حقيقي، ويأتي بعد مغادرة فريق القضاة الأوروبي الذي كان من المفترض أن يكون اهتمامه مالياً فتحول الى أمني وقضائي حول موضوع المرفأ. كما أن وصول دوكان الى لبنان، وزيارة السفير السعودي الى قائد الجيش، وتطوير الاجتماع من رباعي الى خماسي، كل ذلك يدل على أن هناك خطوات بدأت تنطلق على المستويين الاقليمي والدولي لاخراج لبنان من أزمته المفتعلة. نحن في مرحلة تشكيل تحالف دولي لرعاية لبنان وإخراجه من أزمته، وهذا الاجتماع سيكون بداية لخطوات لاحقة”، معتبراً أن “لقاء على هذا المستوى، يفترض أن تصدر عنه توصيات تقدم للبنانيين الذين إن لم يلتزموا بها فسينتقل المجتمع الدولي الى خطوات أخرى”.

وشدد على أن “ايران تكون دولة مؤثرة عندما تكون مرتاحة لكنها اليوم في أسوأ حالاتها، ولديها أزمة مالية،وأزمة علاقات مع الدول العربية، والمسارب التي كانت تستفيد منها للتأثير على الدول المجاورة تتقلص، وهذا التقلص يخفف من قبضتها. وبالتالي، هي عاجزة اليوم عن دعم حلفائها مالياً وسياسياً، لذلك الحزب يتجه الى التفاوض” .

شارك المقال