هل الاهتمام الخارجي بلبنان يسرّع انتخاب الرئيس؟

زياد سامي عيتاني

تسارعت في الأيام الأخيرة وتيرة الحركة الديبلوماسية، لا سيّما الفرنسيّة والسعوديّة، على مسافة أيام من الاجتماع الخماسي المقرّر عقده يوم الاثنين المقبل، للبحث في الملف اللبناني، لتتقاطع مع دينامية داخلية ملحوظة، تسعى الى محاولة كسر حصرية الأسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية، من خلال محاولة تسويق أسماء غير صدامية، بهدف إمكان الاستعجال في إنتخاب رئيس.

وتحت هذا العنوان تندرج حركة رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الانفتاحية مباشرة أو من خلال ممثلين عنه، والتي شملت كلّاً من بكركي و”حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية”، والمتوقّع توسيع مروحتها بإتجاه غالبية الكتل النيابية.

كما من المقرر أن تشهد هذه الحركة إندفاعة من البطريرك بشارة الراعي عقب القمة المسيحية الروحية، التي فوّضته إجراء ما يراه مناسباً من لقاءات وإتصالات لتسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وبالعودة الى الاجتماع الخماسي، فقد أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية رسمياً، أنّ باريس ستستضيف الاثنين إجتماعاً مخصّصاً للبنان، يضمّ ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر.

وأوضحت مصادر متابعة أن هدف الاجتماع محاولة المساعدة في إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط بها لبنان، والمصحوبة بإنهيار مالي وإقتصادي وتقويض لمؤسسات الدولة، التي أصابت مؤخراً القضاء، عقب إنقسامه على نفسه على خلفية التحقيقات في تفجير بيروت ومرفئها، والذي بات ينذر بفوضى عارمة على كلّ الصعد، مما قد يتسبّب بتفلّت الوضع برمته وخروجه عن السيطرة.

وهذا ما أكدته المتحدثة بإسم الخارجية الفرنسية بأنّ “اللقاء لمواصلة التنسيق مع شركائنا وإيجاد سبل للمضيّ قدماً في تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود”.

وتزامن التحضير للقاء الباريسي، مع زيارة السّفير المكلّف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان الى بيروت، وزيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى السعودية، في وقت زار سفيرها في لبنان وليد بخاري بصورة مفاجئة في توقيته قائد الجيش العماد جوزيف عون، على وقع كلام لافت في الاعلام السعودي عن تقدّمه في السباق الرئاسي.

ووسط هذه “الشُحنة” الديبلوماسية الخارجية للبنان، لتشغيل “أجهزة” التواصل بين الفرقاء اللبنانيين، بهدف الدعم للوصول إلى تسوية داخلية، تفضي إلى التوافق على رئيس للجمهورية، يبرز السؤال عما إذا كان من شأن الاهتمام الخارجي أن يسرّع إنتخاب رئيس للجمهورية خلال الأشهر المقبلة؟

مصادر مطلعة على هذا الحراك، تؤكّد أن لا رغبة لدى الخارج حتى الآن، في الدخول بتفاصيل الملف اللبناني، واللجوء إلى جوجلة الأسماء، إنما سيضع سقفاً واضحاً حول ضرورة إنتخاب الرئيس، لافتة أنّ زيارة السفير بخاري لليرزة، على الرغم مما انطوت عليه من رسائل ومدلولات سياسية، فإنّ ذلك لا يعني أن الرياض حسمت موقفها بشأن الإستحقاق الرئاسي، وهي لا زالت متمسكة بموقفها المبدئي، بعدم التدخّل مباشرة في التفاصيل اللبنانيّة، ما دامت تعتبر أن “حزب الله” يهيمن على الدولة ومؤسساتها، وهو ترجمة عملية للخلافات الجذرية مع طهران، حيال قضايا إقليمية معقدة، والتي تحتاج إلى تفاهمات واسعة معها، لا تزال مستبعدة، مع غياب ملامح إستئناف الحوار مع الايرانيين.

مما لا شكّ فيه أنّ إجتماع باريس الدولي المرتقب، سيحدّد مسارات المرحلة المقبلة ومواصفاتها، من دون الافراط في التفاؤل، في ظل الإنشغال الدولي المتركز على ملفات أهم من لبنان بالنسبة اليه، مما يبقي إلى حدّ بعيد الاستحقاق الرئاسي بمعايير لبنانيّة. وهذا ما يقتضي ضرورة تفاعل وتكثيف الحركة المشهودة داخلياً حيالها بصورة أكثر واقعية، سعياً الى تضييق دائرة الخلاف المستفحل، في محاولة لإمكان التوصل إلى مرشح رئاسي غير إستفزازي، قادر على أن يحصد 65 صوتاً، وإن لم يحظَ بإجماع كامل.

فهل القوى السياسيّة المتصارعة على السلطة في دولة متهالكة، قادرة على الخروج من رهاناتها الانتحارية، لتشجيع الخارج على أن يكون أكثر تأثيراً في اجتراح الحل للمأزق الرئاسي؟!

شارك المقال