من قلب الكارثة والمصير المجهول… جهود لبنانية جبارة

حسين زياد منصور

مع استمرار عمليات الانقاذ والبحث عن المفقودين في جميع المناطق التركية المنكوبة، إثر الزلزال المدمر فجر الاثنين، والذي أدى الى مقتل وجرح الآلاف، لا يزال مصير عشرات اللبنانيين غامضاً، بعد فقدان الاتصال بهم.

عدد من المتطوعين توجه الى تركيا للمؤازرة في عمليات البحث فضلاً عن دور الدفاع المدني والجيش اللبناني هناك، وشكلت خلية أزمة لمعرفة المفقودين اللبنانيين وكل التفاصيل المتعلقة بهم، ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها، أخبارهم ومناشدات من ذويهم للمساعدة في العثور عليهم.

في حديث مع “لبنان الكبير” يقول رئيس جمعية الصداقة والثقافة اللبنانية “توليب” الدكتور وسيم بكراكي: “ان الجمعية رسمية وموجودة بصورة رسمية على الأراضي التركية، وبالنسبة الى ما يجري الآن، نحن كجمعية لبنانية تركية ننسق مع الحكومة من خلال حزب العدالة والتنمية، الذي نحن أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية فيه، ونسعى الى إيجاد دور لمؤسسات المجتمع المدني التركية وغير التركية في كيفية تقديمها المساعدات في ظل هذه الكارثة الكبيرة”.

ويؤكد أن “هناك فوضى كبيرة في كيفية التعامل مع اللبنانيين، وذلك لغياب مصدر يدلي بإحصاءات دقيقة لمعرفة عدد الموجودين والمفقودين، ممن هم مسجلون أو غير مسجلين في السفارة اللبنانية”، موضحاً “أننا وجدنا أنفسنا كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني نمتلك العتاد البشري وعرضنا على الدولة التركية ارسال ١٠٠ متطوع لأننا نملك فريقاً جاهزاً. الآن توجيهات الدولة التركية للحصول على متطوعين تقنيين ومختصين في مجالات محددة يتم طلبها والاستعانة بها، اذ لديهم عدد كافٍ من المتطوعين، كما أنها تطلب من الناس عدم الذهاب الى المناطق المنكوبة لأنهم سيشكلون عبئاً على الدولة لناحية تأمين مأكلهم وشربهم وبقية التفاصيل الحياتية والمعيشية”.

وعن اللبنانيين المفقودين، يشير بكراكي الى “أننا أنشأنا غرفة عمليات جمعنا فيها كل الأشخاص الذين يريدون المساعدة في هذه الكارثة وهم يسعون الى الحصول على المعلومات من خلال الاتصالات التي يقومون بها. وضعنا لائحة ونشرناها، نذكر فيها المعلومات التي تخص المفقودين ومن تم ايجادهم، من الاسم والمنطقة التي فقدوا فيها، لايجاد الطرق اللازمة في تأمين المساعدة لمن يحتاجونها، إن كان عن طريق فرق الانقاذ التي تتوجه الى هذه المناطق وتأمين مأوى لمن تضرر منزله كي لا يبقى في الشارع. حالياً نسعى الى التركيز على ايجاد جميع المفقودين خصوصاً أن هناك من لا يملكون أي معلومة عن عائلاتهم منذ بداية الزلزال، ونعمل لإيصال أخبارهم الى ذويهم الى جانب أرشفة المعلومات والتدقيق فيها وتوحيد الجهود وايجاد الجميع من خلال عمليات البحث”.

ويصف الصحافي والناشط اللبناني عماد بزي الوضع في غازي عنتاب بأنه “سيء وصعب، على الرغم من أن الضرر في المدينة أقل من غيرها، الا أن الموارد أصبحت شحيحة، لا يوجد بنزين، والغاز مقطوع والمياه خفيفة، الكهرباء تنقطع بين الحين والآخر، والبيوت مشققة، والموجودون في غازي عنتاب يسعون الى تسيير أمورهم الآن”.

ويقول: “منذ يومين ونحن في تنسيق مع الجالية اللبنانية، ولا تزال بعض المجموعات منها تنسق مع بعضها البعض، وعلى الصعيد الشخصي أنا أسعى الى الخروج من غازي عنتاب لغياب أدنى مقومات المعيشة والتوجه الى أضنة ومن هناك سأعود الى بيروت وأنضم الى الطواقم الاغاثية ثم العودة الى غازي عنتاب”.

وتوضح الصحافية ساجدة ميقاتي أن الجالية اللبنانية في تركيا أنشأت غرفة عمليات، والمشرفون هم أعضاء في جمعية “توليب”، ويسعون الى جمع كل ما يتعلق باللبنانيين المفقودين والتواصل مع السلطات التركية، الى جانب التواصل مع “أفاد” المسؤولة الأولى عن البحث عن المفقودين في تركيا، وحصلوا على عدد من أسماء اللبنانيين وتمكنوا من ايجادهم.

وتضيف: “الأمور خلال اليومين الماضيين كانت غير منظمة، لذلك سعينا الى تضافر الجهود وتوحيدها وتجميع المعلومات الصحيحة التي تخص اللبنانيين المفقودين واعطائها للسلطات التركية، وبذلك نكون قد أجرينا مسحاً شاملاً للبنانيين المفقودين في تركيا وعند حصولنا على أي اسم أو معلومة نقوم بتبليغ (افاد) بذلك. وتجدر الاشارة الى عدم وجود داتا موثوقة توضح لنا عدد اللبنانيين الموجودين في المناطق المنكوبة”.

اما أحمد عبد العزيز فمن ضمن الشباب الذين سافروا وتطوعوا للمساعدة في عمليات البحث والانقاذ في تركيا، ويلفت الى أن “دورنا البحث ضمن الأنقاض والركام، عن الأحياء وعن الجثث أيضاً، ونمتلك جميع المعدات والتجهيزات اللازمة لهذه المهمة”، واصفاً المشهد هناك بـ “الدمار الشامل والمحزن والمؤسف”، لا سيما أنه انتشل مع زملائه 11 جثة من مبنى واحد.

ويعد وجود اللبنانيين في تركيا أمراً عادياً، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان في العام 2019، اذ أن عدداً كبيراً منهم سافر اليها بهدف الاستقرار من جهة والتعلم من جهة أخرى.

شارك المقال