صانع المعجزات رفيق الحريري

أحمد الشيخ
أحمد الشيخ

رفيق الحريري ذكراك العطرة خالدة في قلوبنا، في عقولنا، في وجداننا. لن ننسى الرفيقَ المحاربَ من أجل قضية الاعمار والبناء والتنمية والذي دَفع دَمَهُ ذوداً عن هذه القضية ودور لبنان ومستقبله، رفيق الذي عَمّر البلد المُدَمّر، رفيق الغني والفقير، رفيق الحريري.

ها هي الذكرى الثامنة عشرة تمرُ يا رفيق ولا نستطيعُ أن ننساكَ ولو للحظة. نذكركَ كلَّ يوم وكل ساعة وكلَّ دقيقة، وفي كلِّ أمورِ حياتنا التي كانت مزدهرة ومتطورة ومليئة باللحظاتِ الجميلة، ثُمّ فجأة تحوّلَت بعد كابوسِ اغتيالكَ الى ظلامٍ ودمارٍ وجحيم.

نتذكّرُكَ عندما نسمعُ عبارة “العهد القوي” التي تُطلَقُ جزافاً على عهدِ رئيسٍ قادَ وطنه الى جهنّم، وتحول الى أسوأ العهود “لعيون الصهر” في حين كنتَ تقول: “المناصب بتروح وبتجي المهم كرامة البلد وسلامته”.

كانَ عَهْدُكَ الأقوى بالانجازاتِ والمشاريعِ من إعادة إعمار قلب بيروت التي دَمّرها أربابُ القتلِ والاجرامِ، الى وصلها بشبكة متطورة من المواصلات والاتصالات هي الأولى من نوعها على صعيد الشرق الأوسط، مروراً بالمستشفيات حتى أصبحَ لبنان يُعْرَفُ بـ “مَشفى العرب”، وبالمدارسِ والمعاهدِ والجامعات التي لا يزالُ أثرُك مغروساً فيها حتى يَومِنا هذا، وأنبتَ الغرسُ أجيالاً وأجيالاً من الخريجين والخريجات على امتداد لبنان بمختلف أطيافه وطوائفه.

يتذكرُك الحجَرُ قبل البشر، ولا يزال طيفُكَ يُخَيِّمُ على كل شيء، وفي أصعبِ المِحَن وأشدِّ الظُروفِ كانت أعمالُكَ وإنجازاتك الحلَّ الوحيد للخروجِ من الأزَمات والتغلُّب على الصِعاب، من مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي كانَ الأول وشِبه الوحيد الذي قاد حملة مواجهة فيروس كورونا، الى وَسَط بيروت التِجاري الذي يُعتَبَر أحد المداخل الاقتصادية الرئيسة للبلد، وغيرها من الأعمال التي يسعى أصحابُ النُفوسِ المريضة الى القضاءِ عليها ظناً مِنهُم أن باستطاعتهم القضاء على لمسات الرفيق الخالدة والمحفورة على مساحة الوطن.

وَسط بيروت الذي دمَّرهُ المُغرضون بحِقدهم وخُبثهم أصبح ظلاماً حالكاً وخالياً من الحياة التي بعثتها فيه، يبكي اليوم على غيابك ويفتقد لمساتك التي أعادت اليه نبض الحياة بعد الحرب، ويُنادي أين رفيق الحياة ونبض الوطن؟

كنت يا رفيق صانع المعجزات وباعث السعادة والأمل وباني الأوطان ومُلهم الشباب وعرّاب التسامُح والوطنية لبناء جمهورية العيش المسالم، إذ كنت القائل ان مقياس الوطنية هو العطاء والبناء وإزالة آثار الحرب عن اللبنانيين ومناطقهم.

أنت الذي حاربت ودفعت الغالي في سبيل عيشِ الانسان بعزة وكرامة، كيف ننساك وننسى كِفاحك ورَفضَك القاطع أن ينام المواطن اللبناني وفي جيبه ٧٥٠ ألف ليرة لبنانية والتي كانت تساوي ٥٠٠ دولار ليستيقظ صباحاً ويَجِدها تُساوي ١٠٠ دولار فقط لا غير والانخفاض مستمر؟ مع غيابك اليوم تدهور الوضع الاقتصادي الى الأسوأ، وأصبحنا نعيشُ في الجحيم.

كَمْ يفتقدك الوطن اليوم رجلاً رشيداً تتمتع بالحس الوطني الرفيع وتركض وراء آمال الشباب وأحلام أبناء الجمهورية. كم تفتقدك السياسة رجلاً رصيناً ومُدافعاً شرساً عن الدستور والطائف الذي كنت عرّابه، وصانع العيش المشترك، كنت الباحث الوحيد عما فيهِ خير الوطن والأمة ومنذ أن فارقتنا فقدنا الوطن.

صحيح يا رفيق قد غادرتنا جسداً ولكن بقيَ نهجُك راسخاً فينا بوصلةً تُرشدُنا الى الصواب والى طريق قيامة لبنان وازدهاره، وسنبقى ندافع عن نهج رفيق الحريري، نهج العيش والحرية، نهج الدولة والمؤسسات، نهج لبنان أولاً، لبنان أولاً الى يوم الدين.

الرحمة لروحك الطاهرة يا رفيق.

كلمات البحث
شارك المقال