رفيق وسعد

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

يسرد التاريخ الأحياء الصغار. أما الموتى الكبار فيصنعونه. ثمة موت لا يموت. موت يتوالد ميتات. كالزلزال تماماً يتوالد هزات. هنا الطبيعة شاءت وقدّرت. وفي 14 شباط 2005 شاء قدر قذر أن يضربنا في منعطف أمل، فأردانا أحياء، وأحيا شهيداً لا يموت.

رفيق الحريري صانع تاريخ. يبتعد في موته ويقترب في الذاكرة. لعينة هالذاكرة، تستهوي بإرادتها محطات بعينها وتجبرك على العيش فيها.

من أين نقرأ 14 شباط 2005؟ من لحظة الانفجار؟ من الجسد المحروق؟ من سواد الروح في المشرحة؟ من النعش المحمول؟ من دموع المشيعين؟ من صرخات الاستقلال الجديد؟ من انتفاضة 14 آذار؟ من أحلام حرية ولدت وطناً من جديد؟ من سعد الوريث بثقل الأمانة ووعد الربيع؟ من خيبات توالت؟ من حلفاء خونة؟ من حزب أسود فاضت قوته عن دويلة أزاحت الدولة؟ من جنرال وجنرال أهوج مختل بالسلطة؟ من حكيم وصهر تفاهما فخربا وتخاصما فدمرا؟

كل علامة استفهام محطة كبرى في قراءة الزلزال. فلنبدأ من المحطة الأخيرة.

سعد الحريري عند الضريح. هيبة الحزن تحكي الكثير في زمن الصمت. الفاتحة لنبدأ من جديد. دمعة ارتدادية ونستعيد ملامح وجوهنا من التباسات السياسة. نعلّق الكلام ونطلق العنان للبوح الطيب.

إكرام هذا الشهيد يكون بالتفاؤل الذي يليق به وحده. حلم دفناه في 14 شباط فأنبت ثورة في 14 آذار. تلك هي الحقيقة الدائمة ولو تراكمت الخيبات… نعلق الكلام لا الأمل.

كلمات البحث
شارك المقال