رفيق الحريري… رمز الوحدة الوطنية

د. نسب مرعب
د. نسب مرعب

عرفنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري عنواناً للإعتدال حتى قبل تولّيه أي منصب سياسي، فقد علّم وبسخاء لا حدود له آلاف الطلاب من مختلف مناطق لبنان وطوائفه ومذاهبه، لأنه أدرك باكراً أن الجهل أسرع طريق للتناحر.

لم يميّز الرئيس الشهيد يوماً بين مسيحي ومسلم، أو بين شيعي وسني، بل كان معيار حب الوطن والكفاءة يطغى لديه على أي إنتماء أو ولاء آخر. وتبلور نهجه المعتدل في كل القرارات التي إتخذها والعلاقات التي نسجها.

ولم يسبق للبنان أن عرف شخصية بهذا العمق الوطني الصافي، بحيث تصبح الهوية اللبنانية وحدها ركيزة التخاطب والتعامل والتفكير.

عندما كان الكلّ في الخنادق، وعلى المتاريس، كان يبني ويصنع وينجز. لقد كان تغريد السلام الذي يرتفع فوق أزيز الرصاص. وبذل أقصى طاقته للتوصّل إلى إتفاق الطائف لأنه أراد لبنان جنةً في قلب الشرق، لا كابوساً مضافاً في سجلّ الحروب والفتن.

ويشهد كل من عرف الرفيق عن قرب، أنه آمن بلبنان وطناً نهائياً جامعاً لأبنائه وشامخاً بهم. رفض التقسيم والتفرقة، بل كان مهندساً في بناء الجسور النفسية والمادية على حد سواء.

وعندما دخل المعترك السياسي، لم يتلطّخ بالطائفية، ولم تجعل منه السياسة رجلاً يستغل الدين لمضاعفة الشعبية، بل على العكس كان أداؤه السياسي من منطلق وطني بحت، ويرنو الى غايات سامية عمادها دعم الانسان لإرضاء الخالق.

إختار المناصفة وحصّنها من خلال كل الاستحقاقات التي خاضها. وحوّل بيروت إلى عروس المتوسط، فارتدت بوجوده أجمل حلّلها بعد أن نفض عنها غبار الخلافات، وزيّنها ببريق الإنسجام.

تميّز الرئيس الشهيد بقناعة راسخة تتجلّى في كون لبنان لا يزدهر سوى بتقدّم كل شرائحه وفئاته بصورة متوازنة. وترجم رؤيته إلى واقع جميل لم يستمر طويلاً بفعل تعرّضه لاغتيال آثم.

وقد ترك لنا الرئيس الشهيد جوهرته وفلذة كبده الرئيس سعد الحريري ليواصل المسيرة معنا. إنّها مسيرة شاقة ومؤلمة، ولكن في نهايتها بزوغ لبنان الجديد الممتد على مساحة القلوب المؤمنة بالوحدة الوطنية، والتي تتصدّى من دون هوادة لهواجس الإلغاء والإنعزال.

كلمات البحث
شارك المقال