صدحت الجماهير… لا بديل عن الحريري

د. نسب مرعب
د. نسب مرعب

إتخذت ذكرى 14 شباط هذا العام طابعاً إستثنائياً، فمع الألم الذي يعتصر القلوب لفقدان الرفيق، عبّر كل لبناني زار الضريح عن رسالة وجدانية وسياسية ساطعة سمعها القريب والبعيد على حد سواء.

تدفّقت الحشود بكثافة من كل المناطق للتأكيد للرئيس سعد الحريري أنه ليس وحده، وأنّ تعليقه العمل السياسي لا يعني إبتعادهم عنه، بل إن محبتهم الصادقة الصافية له نابعة من جذور رفيق الحريري، وصولاً إلى مستقبل السعد الذي لا ينضب بتوقف بسيط عن مزاولة الشأن السياسي.

لقد تمّ الإجماع على الرئيس سعد الحريري منذ العام 2005 لإكمال المسيرة، وأصبحت الذكرى السنوية منذ ذلك الحين، بقدر ما تختزل الوجع بقدر ما تمثّل الأمانة التي حملها، وتحمّل بفعلها مسلسل الاغتيالات وفراق الأحبة، وغزوة بيروت في 7 أيار، وقوانين الانتخاب التي لا تهدف سوى إلى إقصائه ومحاولة تحجيمه، وقد شهد بطش الخصوم وغدر الحلفاء، من دون أن يتخلّى عن نزاهته وشفافيته.

دفع الحريري غالياً ثمن إيمانه بلبنان، وتلقّى بصدره الرحب كل المآسي كي يجنّبها لمناصريه. وهم أدركوا ووثقوا أن الساحات والمنابر لا تليق بسواه، وأن الخطاب الناصع لا يصدر إلّا منه. ومهما نبت أقزام الغفلة من هنا وهناك، فلن يستطيعوا بلوغ القمة التي لا يتربّع عليها سوى سعد الحريري. فالانتخابات بدونه باهتة، والمجالس بغيابه واهنة، والحكومات فاشلة، كما أن العمل السياسي والاعلامي كلّه يعاني الشحوب والاضمحلال. ويكفي مراقبة الحركة التي ولّدها قدومه إلى بيروت لنعرف حجم المحبة له، ومستوى الدور الراقي الذي يلعبه.

وعند ملاحظة كل أحداث السنة المنصرمة، تقتنع جماهير سعد الحريري بأن تعليق عمله السياسي كان الخيار الأنسب. نعم تعي العقول ذلك، وتثبت نجاعة الأفكار صوابية القرار المتخذ. ولكن ماذا نفعل بقلوب الجماهير التي لا تنبض سوى بإيقاعه، وتشتاق الى رؤيته كل برهة، لأن القلوب هي من تمتلكنا ولسنا نحن من يمتلكها؟

كلمات البحث
شارك المقال