الله الساتر

الراجح
الراجح

الحمد لله ثم الحمد لله أنّ القيادات الإيرانية، وعلى رأسها قيادة الحرس الثوري، تلاقت وأحجمت في اللحظة الأخيرة عن تحميل أميركا مسؤولية الضربة العسكرية الأخيرة في أصفهان. فقبل الاجتماعات بعشرين ساعة دق قلب العالم وقلب كبار رجال الأعمال وجميع شركات الشحن البري والجوي والبحري الذين رأوا أن تحقيق التهديد الإيراني لأميركا سيؤدي إلى خراب المعمورة.

وبدأت كالعادة الأسئلة الاستراتيجية التي تواكب أحداثاً كهذه: من أين سيأكل الشعب الأميركي ويشرب إذا قاطعته إيران ووجّهت ضرباتها العسكرية الى بلاده؟

إن في القصة موقفاً إنسانيّاً يصعب تجاوزه، وخصوصاً أن المقاطعة والضربة ستطالان كل ما تحتاجه أميركا من إيران ومن لبنان بحسب الخطاب الأخير للأمين العام لـ “حزب الله”…

أولاً، ستتوقف إيران عن شحن الكتب والموسوعات العلمية وآلات الطباعة مع قطع غيارها، حارمة الشعب الأميركي من القراءة ومن الطباعة أيضاً. والمعلوم أن إيران تصدِّر اسبوعياً، من خلال الدائرة العلمية والثقافية للحرس الثوري، ما بين ثمانية إلى عشرة آلاف كتاب وموسوعة خاصة بالمعاهد والجامعات الأميركية، وذلك بموجب اتفاق موَقّع تحت الماء تيمُّناً بالاتفاق على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

ثانياً، ستُحرَم الولايات المتحدة الأميركية من جميع أنواع التكنولوجيا المتقدمة التي تصدِّرها إيران اليها، بالاضافة إلى قطع غيار السيارات والطائرات كما الصواريخ والسفن الحربية التي تُصَنَّع في مكان ما في إيران وتُشحَن فيما بعد إلى أميركا.

ثالثاً، ستتوقف إيران عن تزويد الشعب الأميركي بالقمح والعلف والأرز بأسعارها المتهاودة، وتُقدر الشحنات الأسبوعية من إيران إلى أميركا الجائعة الباحثة عن كيلو قمح بحوالي المئة ألف طن.

تخيلوا لو حدثت المقاطعة لا سمح الله، ماذا سيحل بأطفال أميركا وشيوخها وعجائزها وهم الأهم؟

خبراء هيئة الأمم المتحدة توقعوا كارثة مميتة آثارها أكثر ضرراً من خمسين قنبلة “نيوترون” ماركة “سيجيل” ليمتد.

رابعاً، لو ثبت أن أميركا وراء الضربة العسكرية وسارت إيران في طريق الرد وأوقفت شحن الأسلحة، بدءاً بقذيفة المدفع وانتهاء بصاروخ “أم إكس” المتحرك وزميله “البولاريس” البحري المعروف بمنهاتن – نيوتن، ستصبح أميركا في وضع عسكري غير متوازن حتى مع نيكاراغوا. وستُقفل أبواب مؤسسة “ناسا” الجوية، ما يعقبه آليّاً سحب جميع الخبراء والعلماء منها، الأمر الذي يحوِّلها إلى “صحراء لا تعرف الأحزان ساحتها”.

على كل حال، كانت حكمة ربانية تغلّبت على عواطف قيادة الحرس الثوري وتأكدت من براءة أميركا من الضربة العسكرية قبل فوات الأوان. لكنّنا لا نستطيع إلا أن نعتبر أن ذلك التهديد كان شبه إنذار نهائي لحكومة بايدن وبلينكن المتحدة علَّ أميركا تعود إلى رشدها وتتفهم دور إيران وتأثيره على اقتصادها وعلى ازدهارها وعلى سلامة شعبها.

بقي سؤال أخير وبريء: أين ستحفظ إيران هذا الملف المتعلّق بالأهداف الواجب ضربها، والّذي لا يجوز أن يتسرب سطر واحد منه إلى أميركا استعداداً للمستقبل؟

أعتقد أن الجواب بسيط، أن يبقى في مكان ما في طهران أو في حي كفرسوسة في دمشق لأنهما بمنأى عن جواسيس أميركا وعملائها المنتشرين في كثرة ما بين كمبوديا وكوريا الجنوبية والسنغال!

والمجد والخلود للشعوب الممانعة المشرَّدة في قارات الدنيا التسع (القارات السبع + قارة إيران وأذرعها)…!

شارك المقال