مخطط منهجي تدميري للكيان… والآتي أعظم!

هيام طوق
هيام طوق

لا يختلف اثنان على أن البلد لم يعد على شفير الهاوية بل أصبح في قعرها غير المتناهي حيث كل المؤسسات في حالة شلل، والبلد في حالة خطر، والناس في حالة يرثى لها حتى أن الجميع بات على قناعة بأن الحلول مستعصية لدرجة أنها تتطلب تدخلاً سماوياً.

يقال “اشتدي أزمة تنفرجي”، لكن يبدو أن هذه المقولة لا تنطبق على الوضع اللبناني الداخلي الاستثنائي الذي تشتد منذ سنوات أزماته المتنقلة من السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية، ولا تزال، كأنه كتب على الشعب أن يمر في صعوبة فاقت كل تحمل، وكل تفسير منطقي بسبب المنظومة التي لم تحرك ساكناً على الرغم من الأوجاع، ومن كل التحذيرات الداخلية والخارجية التي تتحدث عن هلاك وسواد وعن الغضب الساطع الآتي حتى أن كثيرين باتوا ينتظرون تلك اللحظة الصعبة بفارغ الصبر لأنهم تعبوا جداً من الستاتيكو القائم، ويشعرون بأنهم يتأرجحون بين الحياة والموت، ويريدون الخلاص والانتهاء من هذه المرحلة السوداوية، والانطلاق نحو الحياة التي تعودوا عليها وتليق بهم.

إذاً، التأزم ثم المزيد من التأزم بعد أكثر من ثلاث سنوات من المعاناة، ولا بصيص أمل في الأفق حتى أن عدداً كبيراً من العارفين والمحللين يؤكدون أن الفوضى مقبلة والارتطام الكبير حاصل، لكن لا أحد يمكنه تحديد توقيته وشكله وحدته، ومعظم الجهات السياسية مقتنعة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن بوادر الانفجار الاجتماعي تلوح في الأفق، وتدرس خياراتها، وتتخذ احتياطاتها، ولا تخفي قلقها من انزلاق الأمور الى خلل أمني لا يمكن ضبطه واحتواء تداعياته.

على أي حال، وفي ظل هذا الاستعصاء لايجاد أي حل لأي مشكلة، بتنا نسمع أحاديث عن أن هناك مخططاً لتدمير البلد وتفتيته، ولم تعد العقدة في انتخاب رئيس الجمورية أو تشكيل حكومة أو عودة المجلس النيابي الى عمله الطبيعي أو عودة المؤسسات المهمة مثل المصارف والمدارس والجامعات والعديد من القطاعات والمهن والعمال والمستخدمين الى أماكن العمل، بل في امكان إفشال مثل هذ المخطط الذي يقضي على الأخضر واليابس قبل فوات الأوان.

وفي هذا السياق، اعتبر الوزير السابق مروان شربل أن “هناك مؤامرة خارجية”، سائلاً: “طالما المجتمع الدولي يعلم أن السلطة أهدرت أموال باريس 1 و2 و3، ولم تقم بالاصلاحات، لماذا استمر في إرسال الأموال الى لبنان؟ ما المطلوب وهم يهددون اليوم بانتخاب الرئيس أو فرض العقوبات؟”. وأشار الى أن “المؤامرة تقضي بوضع لبنان تحت الدين بمليارات الدولارات ثم يشترطون لتقليصها أو شطبها التطبيع مع اسرائيل. هذه الدول تعمل لمصلحة اسرائيل وليس لمصلحة لبنان باستثناء فرنسا”.

ورأى أن “تجويع الشعب يهدف الى دفعه الى الانتفاضة لتحقيق هدفين: التطبيع مع اسرائيل والحد من نفوذ حزب الله. لذلك، يهم الحزب عدم حصول الفوضى”، مؤكداً أن “لا أحد يعلم ماذا سيحصل في البلد ومن يدعي المعرفة يكون يتكهن لا أكثر. وما يخيف أن الخارج ليس مهتماً بنا في ظل الحرب الأوكرانية – الروسية اذ من الممكن الوصول الى حرب عالمية ثالثة، وحينها نسقط من حسابات الدول. نحن دائماً النتيجة، اذا تأزمت في الخارج تتأزم في الداخل، واذا فرجت تنفرج عندنا”.

أما السياسي والاعلامي علي حمادة فقال: “منذ أعوام عدة، ونحن نعرف ونلمس يومياً من خلال مراقبتنا للأحداث في لبنان أن ثمة مخطط منهجي مستمر، ومتواصل أقله منذ العام 2005 أي منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا المخطط يهدف الى إحداث تغييرات بنيوية وعميقة في البلد على المستويات السياسية والديموغرافية والثقافية ووظيفة لبنان ودوره في المنطقة وارتباطه ببيئته العربية وأسلوب عيش اللبنانيين. هناك مخطط، وهناك جهة واحدة معروفة وهي حزب الله وما يمثله مشروعه اقليمياً ومحلياً في لبنان من خطر على وجود هذا الكيان”.

وأكد “أننا اليوم في عين العاصفة وفي قلبها وفي مرحلة المخاض الطويل والعسير، وفي مرحلة الاستهداف المتواصل الذي يتعرض له لبنان الكيان والصيغة والطائف والتوازنات الدقيقة. ما يحصل من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي نتيجة لهذا الاستهداف. لبنان مستهدف منذ أن اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري لوقف مسيرة النهوض ومسيرة الاستقلال. ومع ذلك، نحن لسنا في نهاية المطاف انما لا تزال طريقنا مع العذابات طويلة”، مشدداً على أن “انتخاب رئيس الجمهورية أمر ضروري، لكنه ليس الحل وليس حلاً للمشكلة أو للأزمة الكبرى التي يعاني منها البلد. أزمة البلد ليست في هوية رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس النيابي أو رئيس الحكومة وحسب، انما المشكلة تكمن في هذا المخطط الذي يستهدف لبنان، وهو مخطط منهجي، وينفذ بصورة دائمة بلا كلل أو ملل. اذا انتخب رئيس غداً أو بعد شهر أو شهرين، فلن يكون حلاً انما جزء بسيط من الحل أو خطوة بسيطة نحو الحل اذا أحسنا الاختيار، ولا يكون على شاكلة الرئيس السابق ميشال عون”.

وأوضح أن “الحل أولاً بانتخاب رئيس للجمهورية بسرعة. رئيس حقيقي وسيادي واصلاحي وليس مرشحاً لحزب الله. ثانياً، تكليف رئيس حكومة جديد وتشكيل حكومة جديدة مع ما يلحقها من بيان وزاري متوازن وليس بياناً يعيد تشريع السلاح غير الشرعي اضافة الى برنامج اصلاحي يتم تنفيذه ولا يبقى حبراً على ورق. ولا بد من أن تكون هناك ارادة وطنية جامعة وأن نتمكن ربما من اقناع الجهة التي تدمر لبنان بصورة منهجية بأن الوقت حان لتتلبنن، وتكون جزءاً من الحل وليس سبباً في خراب لبنان الذي نعرفه وتدميره”.

شارك المقال