التجارة بين إيران وروسيا في بحر قزوين

حسناء بو حرفوش

يزداد الاهتمام المنصب على التجارة عبر بحر قزوين في ظل الصراع في أوكرانيا والعقوبات الغربية ضد روسيا والقيود المفروضة على العبور الروسي إلى أوروبا الشرقية واستمرار العقوبات الأميركية أحادية الجانب ضد إيران وعدم اليقين بشأن عملية إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، عدا عن تركيز حكومة إبراهيم رئيسي في إيران على “سياسة الشرق” واتفاقية التجارة التفضيلية بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي.

وباتت التجارة بين إيران وروسيا جزءاً لا يتجزأ من ذلك، وفقاً لمقال في موقع Financial Tribune الالكتروني، بحيث ارتفعت شحنات حاويات التصدير بنسبة 120٪ في بحر قزوين في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالعام السابق. وتمتلك إيران وروسيا العديد من الموانئ النشطة في الأجزاء الشمالية والجنوبية من بحر قزوين. وتعتبر ماخاتشكالا وأوليا وأستراخان وسوليانكا ولاجان الموانئ الروسية الرئيسة في بحر قزوين بينما موانئ أستارا وأنزالي وقزوين ونوشهر وأمير أباد هي الموانئ الايرانية.

وعلى الرغم من أن تاريخ التجارة البحرية بين موانئ البلدين طويل جداً منذ القرن الخامس عشر، شكل عام 2022 بلا شك “نقطة تحول” في تطور التجارة البحرية بين البلدين. وكانت آخر مرة رست فيها سفينة روسية كبيرة في ميناء نوشهر في العام 2001 عندما أفرغت “ميركوري” حمولتها في الميناء الواقع على طول الساحل الأوسط لبحر قزوين. شكل ذلك خطوة رائعة في التجارة البحرية بين إيران وروسيا. وهناك تطور مهم آخر هو الاتفاقات بين إيران وروسيا لبناء السفن في بحر قزوين.

وفي 17 تموز 2022، توصلت إيران وروسيا الى اتفاق مبدئي لانشاء مشروع مشترك لبناء السفن في منطقة بحر قزوين خلال اجتماعات عُقدت في إطار منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الخامس والعشرين في روسيا. وفي 7 تموز 2022، وقعت حكومة منطقة أستراخان الروسية ومؤسسة Mostazafan الايرانية، إحدى أكبر التكتلات الايرانية، اتفاقية لانشاء شركة شحن لتطوير ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

كما أكدت روسيا وإيران استعدادهما لتطوير التعاون في مجال التصنيع المشترك للسفن كبيرة السعة في ترسانات بناء السفن الايرانية وسفن الشحن في أحواض بناء السفن الروسية، وفقاً لبيان صادر عن موقع الحكومة الروسية على الانترنت عقب اجتماع للجنة. وعلى الرغم من أن التعاون بين إيران وروسيا لبناء السفن في بحر قزوين لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه تطور جديد ومهم في العقود الثلاثة الماضية.

النقل متعدد الوسائط

وشكل ظهور “النقل متعدد الوسائط” بين روسيا وإيران والهند في بحر قزوين تطوراً مهماً بدوره. ومرت شحنة عبر “طريق متعدد الوسائط” عبر ميناء أستراخان ومنذ عقد مضى، اشترت خطوط الشحن في جمهورية إيران الإسلامية 53٪ من أسهم Solyanka في أستراخان. استثمرت في هذه العملية، خطوط الشحن التابعة لجمهورية إيران الاسلامية 10 ملايين دولار في ميناء سوليانكا. وأنفق جزء من هذا الاستثمار الممول من خلال قروض مصرفية روسية، على شراء سفينة بسعة 270 حاوية. كما أصلحت أرصفة الميناء والطرق الداخلية.

وتعتبر سوليانكا مهمة لأن الجزء الرئيس من التجارة البحرية الايرانية يقع في بحر قزوين مع ميناء أستراخان. وليس اهتمام إيران بميناء أستراخان بجديد، وفي العقد الماضي لم يقتصر على شراء 53٪ من أسهم سوليانكا. وتمتلك إيران قنصلية وفرعاً لـMir Business Bank في أستراخان، والتي تعد، جنباً إلى جنب مع فرعي موسكو وكازان، ضرورية لتسهيل التحويلات المصرفية والمالية بين إيران وروسيا. وبالمثل، افتتح مركز التجارة الايراني في أستراخان في 25 تشرين الثاني 2017. وأغلق هذا المركز البالغ عمره 200 عام بعد الثورة الروسية عام 1917.

في السنوات الأخيرة، استثمرت العديد من الشركات الايرانية في منطقة لوتس الاقتصادية الخاصة في أستراخان، وتم توقيع اتفاقية ثلاثية في بحر عمان. ولعب ذلك دوراً مهماً للغاية في تعزيز “المسار متعدد الوسائط”. وفي إطار عملية توسيع التعاون بين إيران وروسيا في بحر قزوين، سمح للسفن الايرانية بالمرور عبر نهر الفولغا، وهذه خطوة أساسية لم تكن مسموحة من قبل. وتعتبر السلطات الروسية هذا النهر ممراً مائياً داخلياً، وبسبب اعتبارات الأمن القومي، لم تسمح موسكو للسفن الأجنبية بالمرور عبر نهر الفولغا والقنوات الموجودة داخل الأراضي الروسية. لكن إذا أصبحت هذه الاتفاقية نهائية وتم تنفيذها، فسيكون لإيران باب يسمح لها بالوصول إلى أطول نهر في أوروبا، وستتمكن السفن الايرانية من استخدام قناة الفولغا – دون، التي توفر أقصر اتصال صالح للملاحة بين بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط، عبر بحر آزوف والبحر الأسود”.

شارك المقال