المساعي البطريركية… ماتت قبل أن تولد؟

هيام طوق
هيام طوق

في ظل اقتناع الكثيرين بأن المسؤولين يمررون المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسارة والفوضى الى حين نضوج التسوية الاقليمية – الدولية التي لا تبدو قريبة على الرغم من بعض بشائرها الايجابية، تبدو الحركة الداخلية أو الدينامية الرئاسية فاترة على الرغم من التواصل واللقاءات والتشاور بين بعض الأطراف الا أن النتائج لا تزال سلبية وفي المربع الأول.

وفي سياق محاولة حلحلة التعقيد الرئاسي، تسعى بكركي مع مختلف الأطراف وخصوصاً المسيحية منها، الى تقريب وجهات النظر والتوافق على أرضية يمكن أن تسهل انتخاب رئيس الجمهورية، اذ أرسل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي موفداً عنه الى القيادات المسيحية للبحث معها، بعيداً من الأضواء، في الشأن الرئاسي .

وأشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن هذه الزيارات هدفت الى تكوين تصور واضح وشامل ودقيق لدى البطريرك عن مقاربة القوى المسيحية للملف الرئاسي، فيقرّر في ضوئها، شكلَ وطبيعة أي مبادرة يمكن أن يطرحها في المرحلة المقبلة لمحاولة كسر المراوحة الرئاسية السلبية، وليس هناك من قرار نهائي بعد في هذا الاطار، لكن لا يجوز التكهن أو الحديث عن ايجابية أو سلبية كما يتم التداول في الصحف. مع العلم أن فكرة حصول لقاء للقادة المسيحيين كان مستبعداً منذ البداية من معظم هؤلاء لأنهم يعتبرون أنه سيكون بمثابة فك عزلة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل كما أن من الصعب الالتزام بأي اتفاق يتوصل اليه اللقاء. واقترح البعض على الموفد البطريركي عقد لقاءات ثنائية في بكركي للتباحث في الملف الرئاسي، وعرض كل منها بعض الأفكار والصيغ للخروج من حالة التعطيل والجمود. في حين لا يحبذ البعض فكرة اللقاء من الأساس لأن التجارب الماضية في عدم الالتزام بما يتم التوافق عليه غير مشجعة. وبالتالي، يمكن الاستنتاج من اللقاءات أن صيغة اجتماع النواب المسيحيين لم تلق تجاوباً، كما أن اجتماع الأقطاب مستبعد ليبقى احتمالاً صعباً لكن في السياسة ليس هناك من مستحيل، يتمثل في زيارة باسيل الى معراب، والتوافق على النائب ميشال معوض أو من يشبهه خصوصاً بعد أن انتكست علاقته مع “حزب الله” اذ ربما سيتموضع في مكان آخر. على أي حال، لا يمكن الجزم بأي خيار، والبطريرك الراعي بانتظار التقرير الذي سيرفعه اليه موفده راعي أبرشيّة أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم ليبني على الشيء مقتضاه. ومن المتوقع أن يصدر قرار عن بكركي في هذا الشأن الأسبوع المقبل.

وأكد النائب السابق وهبي قاطيشا في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن “ليس هناك من اعتراض على الاجتماع بقدر ما أن البعض يريد الاجتماع للاجتماع فقط أو لتعويم نفسه وفك عزلته. معظم الاجتماعات يحضّر لها مسبقاً بحيث يتفق المجتمعون على ورقة عمل، وعلى الخطوط العريضة كما والنقاش والتفاهم حول النتيجة المتوقعة من الاجتماع”.

وقال: “ما الجدوى من اللقاء اذا اجتمعنا واختلفنا؟ الأفضل عدم الاجتماع اذا لم نتمكن من التوافق على اسم لننتخبه في المجلس النيابي. اللقاء السلبي، يساهم في تأزم الأوضاع في ظل الظروف الصعبة. الخروج من اللقاء بزيادة الخلافات والمناكفات، وزيادة الشرخ بين المسيحيين، ستكون نتائجه سلبية عليهم أولاً وعلى الوطن ثانياً لأن الرئيس الماروني هو رئيس لكل لبنان وليس لطائفة معينة”.

وتوقع قاطيشا “عدم وصول مساعي البطريركية الى الهدف المنشود، ويبدو أن مبادرتها ماتت قبل أن تولد على الرغم من أن البطريرك يحاول بشتى السبل ايجاد الحلول لأن هناك جهات لا تريد من الاجتماع سوى تأمين مصالحها الخاصة”، مؤكداً “أننا حريصون على مقام رئاسة الجمهورية كما على مقام البطريركية، ولا يجوز تحميل وزر التعطيل للمسيحيين الذين لديهم تنوع فكري وحضاري وديموقراطي. نحن لا نريد أن يقال ان البطريرك لم يتمكن من تحقيق التوافق بين المسيحيين”.

وأوضح أن “ليس هناك أي معطى او جواب من البطريركية حول حصيلة المحادثات التي أجراها المطران بو نجم انما تسرّب أجواء غير ايجابية. نحن نريد رئيساً حراً وغير مرتبط لا بالسلاح ولا بمنظومة الممانعة، فهل يقبل الفريق الآخر بهذه المعادلة؟”.

واعتبر أن “البعض يتعاطى في الشأن السياسي بوقاحة”، مستبعداً “أي لقاء بين باسيل وجعجع. هم يقولون انهم يريدون النقاش والتحاور مع القوات، لكن على ماذا؟ لقد جرّبناهم على مدى سنوات وسنوات، ولمسنا النتيجة، وما آلت اليه الأوضاع. التيار يريد تعويم نفسه فقط، وايصال الرسائل الى حزب الله. وعندما يقول انه تموضع الى جانب قوى 14 آذار، فحينها تدرس الأمور وكيفية التعاطي معه”.

أما النائب السابق شامل روكز فأشار الى أن “البطريرك يحاول ايجاد مخرج ما في الملف الرئاسي وتسريع انتخاب الرئيس الذي هو مسيحي لكنه وطني ولكل لبنان بحيث أن الوضع سيء جداً، ولم يعد يحتمل المزيد من الأزمات. عدم انتظام العمل المؤسساتي أدى الى ما نحن عليه اليوم”، موضحاً أن “البطريرك لم يلق تجاوباً أو ردوداً ايجابية من الأقطاب المسيحيين، اذ أن كل طرف يفتش عن مصلحته كما أن قرارات البعض ليست في يده، وينتظر الاشارات من المرجعية الاقليمية أو الدولية التي يرتبط بها”.

ورأى أنه “اذا اجتمع المسيحيون من دون تحقيق نتيجة، تكون التداعيات سيئة. اذا لم يوضع برنامج عمل والتوافق عليه قبل الاجتماع، فسينعكس سوءاً على الوضع أكثر مما هو عليه حالياً”، مشدداً على أن “البطريرك لن يوقف مساعيه كما مختلف الشخصيات الحريصة على البلد التي تعمل بتجرد لأجل المصلحة الوطنية، لكن على من لديهم حسابات ضيقة أن يقتنعوا أو يلتزموا أخلاقياً ووطنياً ودستورياً بهذا الاستحقاق الدستوري. المسؤولية كبيرة، ولا يجوز الاستمرار في التعطيل”.

شارك المقال