جلسة الحكومة… المعترضون اقتنعوا والتمديد لابراهيم يحتاج قانوناً

هيام طوق
هيام طوق

رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جلسة لمجلس الوزراء في السرايا، شارك فيها نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، ووزراء: المال يوسف الخليل، الأشغال العامة والنقل علي حميه، الشباب والرياضة جورج كلاس، الزراعة عباس الحاج حسن، شؤون التنمية الادارية نجلا الرياشي، الصحة فراس الأبيض، الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الداخلية والبلديات بسام مولوي، الاعلام زياد مكاري، التربية عباس الحلبي، الاتصالات جوني القرم، الصناعة جورج بوشكيان، العمل مصطفى بيرم والسياحة وليد نصار.

وأكد ميقاتي في مستهل الجلسة أن “هناك قرارات استثنائية في الظروف الاستثنائية يجب أن تتخذ، ولا يجب أن يفكر أحد أننا نحمي شخصاً أو أفراداً، هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وبالتالي نريد أن تتم تنقية هذا القطاع ومعالجة شؤونه من خلال مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف الذي تقدمنا به من مجلس النواب. وتبقى الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية لكون هذا الانتخاب هو المدخل لاعادة انتظام العمل العام خصوصاً في هذه الظروف الصعبة، واعطاء البلد فترة سماح لاعادة استنهاضه”.

وأعلن وزير الاعلام الذي أذاع مقررات الجلسة عن “إرجاء بت موضوع بدلات النقل والإنتاجية لموظفي الادارة العامة في انتظار أرقام واضحة من الجهات المعنية”، موضحاً أن المجلس “أقر إعطاء 5 ليترات بنزين للمعلمين، والسلفة المتعلقة بموظفي أوجيرو، وتأجيل البنود 2 و3 و4 المتعلقة بالتعويضات، وأقر أيضاً طلب الهيئة العليا للإغاثة استكمال الكشف على الأبنية المتصدعة من البلديات وطلب سلفة لتغطية المصاريف. كما وافق المجلس من خارج جدول الأعمال على تعيين أساتذة مساعدين وأساتذة ملاك في الجامعة اللبنانية”. فيما قال وزير العمل: “الرئيس ميقاتي أبلغنا أن لا مجال للتمديد للواء عباس ابراهيم في مجلس الوزراء لأن الأمر يحتاج الى قانون”.

والسؤال الذي يطرح: لماذا خفتت الأصوات المعارضة لاجتماع الحكومة ومقرراتها؟ وهل تخلّت غالبية القوى السياسية عن اللواء ابراهيم؟

مصدر في “التيار الوطني الحر” أكد أن “موقف التيار من انعقاد مجلس الوزراء لا يزال على حاله ولم يتغير، وبيان المجلس السياسي الأسبوع الفائت ذكر بمخالفات الرئيس ميقاتي، واعتبر أن أي اجتماع لمجلس الوزراء يكون خرقاً دستورياً وميثاقياً”، معتبراً أن “القوى السياسية لم تتخلّ عن اللواء ابراهيم، ونحن نكنّ كل الاحترام له كما كل القوى السياسية الأخرى، لكن التمديد يتطلب آلية معينة عبر مجلس النواب وليس عبر الحكومة، وبما أن ليس هناك من تشريع في المجلس النيابي، فالتمديد للواء ابراهيم صعب على الرغم من الاحترام الكامل له ولدوره في المرحلة السابقة”.

ورأى أنه “لا يجوز الانجرار وراء الحسابات الشخصية أو تعديل القوانين لحسابات شخصية، والحل الأنسب يكون بالتمديد لكل المدراء العامين أو موظفي الفئة الأولى الذين بلغوا سن التقاعد، ونحن قدمنا اقتراح قانون في هذا الاطار لتمديد سن التقاعد الى عمر الـ 68 مع التذكير الدائم بالاحترام الكبير للواء ابراهيم”، موضحاً أن “الاتصالات التي أجريت للتمديد، وصلت الى حائط مسدود لأن ليس هناك من مخرج قانوني له خارج اطار المجلس النيابي”.

وأشار الصحافي والكاتب السياسي توفيق شومان الى أن “ًهناك نوعاً من التكيف مع الأمر الواقع السياسي والأمني والاجتماعي أيضاً، وكل السجالات التي سبقت الجلسة الأولى لحكومة تصريف الأعمال كانت خلافات سياسية وليست دستورية”، معرباً عن اعتقاده أن “معظم القوى السياسية باتت على قناعة بأن حكومة تصريف الأعمال ضمن النطاق الضيق الذي تعمل به، لا بد من تلبية احتياجات الناس، وترك الأمور باتجاه تعطيل كل المؤسسات الدستورية من رئاسة الجمهورية الى الحكومة الى المجلس النيابي الى القضاء الى القطاعات التربوية والصحية وغيرها، السائدة بهذا الشكل، سيسرع في عملية الانهيار. هناك نوع من التكيف بحيث غابت السجالات السياسية الى حد كبير. الا أن هذا التكيف يجب ألا يدفع الى اهمال توافق اللبنانيين على ضرورة انتخاب عاجل لرئيس الجمهورية، وبالتالي، عودة المؤسسات العامة الى الانتظام العملي والفعلي”.

واعتبر أن “ليس هناك من تموضعات جديدة، لكن أظن أن التيار الوطني الحر في الجلسات السابقة حاول أن يقوم بما يراه مناسباً من وجهة نظره، التي لم توافق عليها معظم القوى السياسية. وبالتالي، فإن السجال الذي كان بدأه التيار بصورة صاخبة خفتت حدته لأنه لا طائل من استمراره. في الوقت نفسه لم يعد يستطيع العودة الى الوراء بمعنى اعطاء غطاء لجلسات الحكومة، وبالتالي، أصبح يرى أن الاستمرار في هذا السجال السياسي فيه نوع من العقم وعدم الفائدة، لذلك تراجع عن حدة الاشكالات السابقة، وهو يركز اليوم على مجموعة من القضايا منها المسألة القضائية وانتخاب رئيس الجمهورية”.

ولفت الى أن “القوى السياسية لم تتخلّ عن اللواء ابراهيم، لكن بحسب المعلومات المتوافرة التي لا نعلم الى أي حد يمكن أن تكون يقينية، فان هناك اتصالات مكثفة بعيدة عن الأضواء، وربما في اللحظات الأخيرة يصار الى التوافق حول التمديد له لأنه مع انتهاء ولايته نصبح أيضاً أمام فراغ في مؤسسة أمنية أساسية، وبالتالي، قد ينسحب على قطاعات أخرى أي مرة جديدة، نحن أمام فراغ مدوٍّ”، معتبراً أنه “كان يمكن أن يطرح التمديد من خارج جدول أعمال جلسة الحكومة، لكن على ما يبدو ترك الأمر لاتصالات اللحظة الأخيرة اذ يبدو أن المسألة ملقاة على عاتق رئيس الحكومة ووزير الداخلية، والتمديد يمكن من خلال قرار من رئيس مجلس الوزراء ومن وزير الداخلية، هذا هو المخرج الذي يعمل عليه الآن”.

أما الخبير الدستوري سعيد مالك فأوضح أن “هناك قانوناً يجب أن يحترم بغض النظر عن الشخص المستفيد أو المستهدف من خلال تطبيق القانون. نصت المادة 68 من قانون الموظفين على أن الموظف يحال على التقاعد عند بلوغه السن القانونية أي 64 عاماً، يجب أن يطبق على الجميع من دون استثناء. مع الاحترام والتقدير لدور اللواء ابراهيم وما أنجزه وما يمكن أن ينجزه أو يرسم له مستقبلاً في اطار أدوار يمكن أن يلعبها، لكن اليوم لا يجب عندما يحين موعد احالة أي موظف على التقاعد أن نذهب الى تجميد الدولة والى ابتداع الحلول واستنباط المخارج من أجل التمديد له”، مؤكداً أن “هذا التمديد مناف ومخالف لأحكام المادة 12 من الدستور اللبناني التي تنص على أن الوظيفة العامة هي حق لكل مستحق من جهة ولا تمييز بين شخص وآخر الا من حيث الجدارة والاستحقاق. وبالتالي، السعي اليوم الى الابقاء على مدير عام في الادارة على الرغم من بلوغه السن القانونية، يعتبر تجاوزاً لنص المادة 12 من الدستور”.

وقال: “اذا كان هناك من قرار سياسي للتمديد، فهذا الأمر لا يجري الا من خلال قانون وتشريع يصدر عن مجلس النواب أما وقد أقفل باب مجلس النواب، فالحكومة عاجزة عن ايجاد المخرج القانوني والملائم الذي لا يمكن الطعن به. اليوم، الحلول التي طرحت من أجل التمديد للواء ابراهيم، معرضة للطعن أمام مجلس شورى الدولة، إن كان لناحية استدعائه من الاحتياط واعادة تسليمه قيادة الأمن العام كونه الضابط الأعلى رتبة والأقدم، معرض للابطال كونه يستند الى قوانين تعليق المهل اضافة الى أن التذرع بالظروف الاستثنائية معرضة أيضاً للطعن أمام مجلس شورى الدولة، والتعاقد معه من خارج الملاك كمستشار يسلم مهام الأمن العام، معرض أيضاً للطعن كون الفقرة 5 من المادة 68 من قانون الموظفين تمنع التعاقد مع أي محال على التقاعد. وبالتالي، مبدئيا لا امكانية قانونية خارج الاطار التشريعي عن مجلس النواب يمكن اتباعها للتمديد للواء ابراهيم الذي يمكن أن يكون له دور في المستقبل إن كان على الصعيد النيابي أو الوزاري أو في أي موقع مسؤولية، لكن ليس عن طريق تسخير القوانين واعادة تحريف النصوص من أجل الوصول الى هذه الغاية”.

أضاف: “لنتفق على أن الحكومة ليس لها دور، ومجلس النواب لا يشرّع، واذا كان هناك من حل، فهو عبر وزير الداخلية، لكن هذا الحل سيكون معرضاً للطعن أيضاً. اضافة الى ذلك، السؤال المطروح: هل يقبل اللواء ابراهيم السير بمخرج قانوني ممكن أن يكون عرضة للابطال أمام مجلس شورى الدولة؟ على قدر أهمية اللواء وما أنجزه بحيث هناك قلة قليلة من الرجال الذين أنجزوا ما أنجزه، لكن هل بهذه الطريقة نحافظ على هذه القامات؟”. وأشار الى أن “مخرج وزير الداخلية يمكن أن يكون اما عبر استدعاء اللواء ابراهيم من الاحتياط مع الارتكاز على قوانين تعليق المهل، أو يكون هناك تذرع بالظروف الاستثنائية، ويصدر قراراً بالابقاء عليه مع عدم امكانية عقد جلسة في مجلس النواب للتمديد له. كما يمكن أن يكون المخرج ضمن اطار عقد استشاري يوقعه وزير الداخلية مع اللواء ابراهيم، لكن كل هذه المخارج معرضة للطعن”.

شارك المقال