الحرب الأوكرانية تعيد رسم خريطة الطاقة العالمية وأميركا في القمة

حسناء بو حرفوش

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عام إلى تحول على مستوى سلاسل إمداد الطاقة العالمية، ووضع الولايات المتحدة بوضوح على رأس الدول المصدرة للطاقة في العالم، وفقاً لقراءة للكاتبة باتي دوم في موقع “سي أن بي سي” الالكتروني الأميركي. وفي الوقت الذي تكافح فيه أوروبا التهديدات لامداداتها من واردات الغاز الطبيعي من روسيا، حسب ما نقرأ في المقال، سارع المصدرون الأميركيون وغيرهم الى تحويل شحنات الغاز الطبيعي المسال من آسيا إلى أوروبا. كما فرضت عقوبات على النفط الروسي، ولم يعد الاتحاد الأوروبي يقبل شحنات موسكو المنقولة بحراً، فأدى ذلك إلى زيادة شحنات الخام والمنتجات الأميركية إلى أوروبا.

“في الماضي، كانت الولايات المتحدة تزود ترسانة عسكرية، وفقاً لجون كيلدوف، الشريك في شركة Again Capital، أما اليوم فتوفر ترسانة من الطاقة”. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، لم تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً جدًأ كمصدر للطاقة. ولكن إدارة معلومات الطاقة كشفت عن تصدير 11.1 مليون برميل يومياً من الخام والمنتجات المكررة في الأسبوع المنتهي في 24 شباط. وهذا أكثر من إجمالي إنتاج المملكة العربية السعودية أو روسيا، وفقاً لسيتي غروب، ومقارنة بـ 9 ملايين برميل في اليوم قبل عام.

مع ذلك، بلغ متوسط الصادرات حوالي 10 ملايين برميل يومياً خلال فترة الأسابيع الأربعة المنتهية في 24 شباط، وذلك بالمقارنة مع 7.6 ملايين برميل يومياً في الفترة نفسها من العام الماضي. يقول دانييل يرغين، نائب رئيس S&P Global: “إنه لأمر مدهش أن نفكر في كل تلك العقود من القلق بشأن الاعتماد على الطاقة لنجد أن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال وأحد أكبر مصدري النفط، وتشكل قصتها جزءاً من إعادة رسم خريطة أكبر للطاقة العالمية. ما نراه الآن هو إعادة رسم مستمرة للطاقة العالمية والتي بدأت مع ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، التي توقعت في العام 2003، أن تكون أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال”.

وأضاف يرغين أن الدور المتغير لصناعة النفط والغاز الأميركية في نظام الطاقة العالمي سيحتلّ موضوع نقاش بين الآلاف من الحضور في مؤتمر الطاقة السنوي CERAWeek الذي تنظمهS&P Global في هيوستن في الفترة من 6 إلى 10 آذار. ومن بين المتحدثين في المؤتمر رؤساء تنفيذيون من شركات Chevron وExxon Mobil وBaker Hughes وFreeport McMoR، وسواهم.

وكانت الولايات المتحدة مصدراً إجمالياً صافياً للطاقة سنوياً منذ العام 2018. وحتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، أنتجت معظم الطاقة التي تستهلكها، ولكن في منتصف خمسينيات القرن الماضي، بدأت الدولة باستيراد كميات أكبر بصورة متزايدة من الخام والمنتجات البترولية. وبلغ إجمالي واردات الطاقة الأميركية حوالي 30٪ من إجمالي استهلاك الولايات المتحدة في العام 2005.

حالياً، تشكل الهند والصين أكبر مستوردي النفط الخام الروسي. ولكن قبل عام، عندما غزت روسيا أوكرانيا، لم يكن من الواضح ما إذا كان العالم سيحصل على إمدادات كافية أو أن أسعار النفط لن ترتفع إلى مستويات أعلى بصورة حادة. هذا صحيح خصوصاً في أوروبا، حيث كانت الامدادات كافية. يقول محللو إستراتيجيات السلع في RBC إن هناك عدداً من العوامل ساعدت أوروبا في التغلب على الأزمة هذا الشتاء.

وكتب الاستراتيجيون: “ساعدت عوامل مثل الطقس الدافئ وتدابير الحفظ الإلزامية والامدادات الإضافية من منتجين بدلاء مثل الولايات المتحدة والنروج وقطر، على تجنب مثل هذا السيناريو الأسوأ لأوروبا هذا الشتاء. وتسابقت الدول التي اعتمدت على الغاز الروسي منخفض التكلفة لتلبية احتياجاتها الاقتصادية، مثل ألمانيا، لبناء بنية تحتية جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال للتحضير لمستقبل خالٍ من جزيئات موسكو”. لكنهم أشاروا أيضاً إلى أن أوروبا ليست في وضع واضح، خصوصاً إذا استمر الصراع العسكري. وفي المحصلة، تثبت الأرقام أن الدور الذي تلعبه أميركا يمهد لحقبة جديدة”.

شارك المقال