فرنجية VS التقسيم

لينا دوغان
لينا دوغان

سمّى الثنائي الشيعي سليمان فرنجية كمرشح لهما لرئاسة الجمهورية، وأعلنا تمسكهما به في وجه مرشح إسمه ميشال معوض سمّاه بعض الأطراف المسيحية ومستقلون لكن لم يعلنوا تمسكهم به للآخر.

صحيح أنهم حضروا كل الجلسات التي خُصصت لانتخاب رئيس للجمهورية وسمّوا معوض، إلا أنهم في المقابل وعندما بدأ حديث الكواليس عن التوجه الى تسمية فرنجية، انتقل الحديث ليس الى التمسك بتسمية معوض بل الى اعادة النظر في التركيبة اللبنانية وبالتالي التقسيم.

آخر تغريدة عن هذا الموضوع كانت لعضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” ناجي حايك قال فيها: “لن تجمعنا إلا الفديرالية”. وفي هذا السياق كان سمير جعجع السباق الى الحديث عن التقسيم إذا تمكن “حزب الله” من الإتيان برئيس كما يريد. أضاف جعجع: “اذا توصل محور الممانعة الى جمع 65 نائباً فسنضع ثقلنا لفرط الـ65، واذا لم نقدر على الاطلاق وتمكّن حزب الله من أن يأتي برئيس له فسنعيد النظر في كل شيء… والله يوفقن مطرح ما هنّي، وكل الخيارات مفتوحة، لن نقبل العيش تحت سيطرة حزب الله”.

صحيح أن المواجهة مع “حزب الله” هي واجهة حديث سمير جعجع، لكن وراء هذه الواجهة هناك الكثير من العوامل التي دفعته الى الحديث وغيره الآن عن هذا الموضوع ألا وهي وبعنوان واحد الوضع المسيحي عموماً بدءاً من الكرسي الرئاسي وصولاً الى القاعدة الشعبية وما وصل اليه حالها. إذ تحدث رئيس “القوات” على ما يبدو بلسان شريحة كبيرة من البيئة المسيحية التي أصبحت تجنح باتجاه العيش وحيدة على أن تقبل فكرة العيش المشترك في ظروف كهذه.

سامي الجميل من جهته تطرق الى نقطة معينة من الموضوع، مشيراً الى أن كل الكتائبيين مقتنعون بأن المشكلة الأهم اليوم هي خطف البلد من “حزب الله” والنقاش حول كيفية مواجهة هذا الأمر، والأساس هو توحيد المعارضة والمواجهة وهذا ما نقوم به من خلال كل الخطوات الانفتاحية على كل الكتل التي نتعاون معها.

وما يؤكد لنا أيضاً أن الحديث عن التقسيم أو ترتيب النظام أو لامركزية أو فديرالية هو مواقف البطريرك بشارة الراعي التي حذرت ولا تزال من مخطط لإفراغ المناصب المسيحية في لبنان، وهذا الموقف طرح علامات استفهام كبرى حول تبني بكركي خطاب بعض التيارات المسيحية وتراجعها عن خطاب سابق نادى بمؤتمر دولي لإنقاذ لبنان بلداً وشعباً بكل طوائفه.

يبدو جلياً أن الخطاب السياسي والكنسي المسيحي تحول في ضوء الموقف من “حزب الله”، ولا ننسى هنا الموقف الأخير بين الحزب و”التيار الوطني الحر” وسقوط ورقة التفاهم بينهما، وتعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل الموقع المسيحي الأول خصوصاً أن الراعي كان ألمح الى هذه النقطة في إحدى عظاته من أن اطالة الشغور في موقع الرئاسة سيتبعها شغور في كبرى مؤسسات الدولة وتحديداً المسيحية منها.

وهكذا تتلاقى التيارات المسيحية المتناقضة مع الحالة المجتمعية المسيحية للترحيب بالتقسيم أو الفديرالية على الرغم من وجود بعض الوعي المسيحي الذي يصر على ضرورة الابقاء على التمسك بالطائف والانخراط الكامل فيه خصوصاً صيغة العيش المشترك.

طبعاً دعوة جعجع وغيرها من الدعوات لاقت ردود فعل من أطراف عدة أهمها الحزب “الاشتراكي” الذي أكد أن اتفاق الطائف نعمة وليس نقمة، وبالتالي نلتقي على ضرورة تطوير النظام السياسي للأفضل وليس للأسوأ.

أما اليوم وقد أعلن الثنائي مرشحهما للرئاسة وهو الموقف المرفوض مسبقاً من معظم المسيحيين أي أن لا يأتي مرشح الحزب الى كرسي بعبدا، هل يبقى التقسيم هو المرشح الأوفر حظاً، أم يذهب المسيحيون الى مجلس النواب بمرشح يواجه فرنجية مرشح الحزب كما يقولون؟

شارك المقال