ديموقراطية “حزب الله”

الراجح
الراجح

ماذا بعد أن نجحت ميليشيا “حزب الله” في تفكيك الدولة إلى أشلاء عبر تغييب دورها وسلبها سيادتها على أراضيها وعلى شعبها، وحتى على مرافقها وحدودها، والاستحواذ على إيراداتها من خلال إقامة اقتصادها الموازي لاقتصادها، والحلول محلّها في قضايا الأمن والقضاء والتعاطي مع الناس، فضلاً عن فرض ثقافتها وقيمها؟

وما كان بإمكانها تفكيك الدولة اللبنانية من دون العمل على تقويض مجتمعها وضرب قواه الّتي يمكن أن تقف أمامها. فبعدما قرصن “حزب الله” دور الدولة ذهب الى تجاوز الزّبانية القديمة للقوى السياسية عبر ربط فئات من المجتمع به بأشكال “الزّبانية الأمنيّة” و”الزّبانية التنمويّة” و”الخدماتيّة”. ومَن عجِزت ميليشيا الحزب عن إغرائه، عملت على ترهيبه وترويعه، وبالتالي ترويضه أو دفعه إلى الهجرة من دون نسيان طريق الموت أحياناً.

ان انهيار الأحوال الاجتماعيّة والاقتصاديّة، الّتي أصابت المواطنين وأفقرتهم، والاغتيالات والخطف والعنف والقتل أسطع أمثلة على ما آل إليه حال المجتمع من تصدّع.

ولا ننسى الصراعات الدّاخليّة بين القوى السياسيّة التي جعلت من الناس وقوداً لها وضحايا. من هنا لم تتعدَّ التحركات الشّعبية منذ 17 تشرين الأوّل، ومروراً بانفجار المرفأ، أن تكون أكثر من صرخة في واد ميليشياوي صمّ آذانه عن الاستماع إلى معاناة الناس لصالح المكاسب والأرباح والريوع المستحوذ عليها.

وأمام هذا الواقع أيضاً صدر “قرار الخلافة” التي تمَّتْ بمقتضاه تسمية سليمان فرنجية مرشحاً لرئاسة الجمهورية!

لم يكن سليمان فرنجية أميراً عاطلاً عن العمل في قصر بنشعي، عفواً “مرشَّحاً”، بل كان يبحث بنفسه عن حقائق حاول أن يستوعبها. ولم يكن وقت الإنتظار ضائعاً ولا مملًّاً بل كان سعيد الحظ بمجموعة من المستشارين – عسكريين ومدنيين – وكل من كانوا حوله عرفوا حدودهم والتزموها. وبالعلاقة مع “حزب الله”، “معرفة الحدود أهم شيء”.

ما لا يعرفه “حزب الله” أن الرئيس المقبل سيكون ولفترة غير قصيرة كعسكري المرور (شرطي السير) لأن هناك ازدحاماً شديداً لا بد له أن يتحرك. لا بد أن يقف عسكري المرور عند تقاطع الطرق في هذه الفترة من الزحام ويكون موقعه أمام كل الناس وكل القوى من كل الاتجاهات، وأمامهم جميعاً يحرّك السير بالاشارات والصفارات حتى تنتظم الحركة وتتدفق خطوطها، وفي الوقت نفسه، لا يحدث صدام. فهل يستطيع مرشح الحزب أن يلعب هذا الدور؟ بالتأكيد لا.

ما لا يعرفه “حزب الله” أن الانتقال في لبنان من الديكتاتورية إلى الديموقراطية وكأنه سفر من بلد إلى بلد أو من قارة إلى قارة ليس فيه غير مخاطر الطيران هو وهم أكيد.

شارك المقال