إنشاء مبنى جديد للمسافرين: بالارقام والتفاصيل والمستندات… لا اعباء على الخزينة

لبنان الكبير

إطلاق مشروع إنشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي، اثار الكثير من الضجة، لا سيما حول قانونية العقد، منها ما قد يكون محقا نظرا للتجارب المريرة في لبنان، ومنها ما يأتي من باب الحملات غير المبنية على اي اسس.

وفي هذا الاطار، يقول مرجع قانوني رسمي مواكب ان العقد مع الشركة (daa Intl) الإيرلندية المتخصصة في إدارة وتشغيل المطارات الدولية والإقليمية التي ستقوم بتشغيل مبنى المسافرين 2، لا يشكل سابقة اطلاقا، بل هناك العديد من العقود المماثلة المنجزة سابقاً، من ابرزها:

– العقد المنشأ مع شركة طيران الشرق الأوسط بتاريخ 28/01/2011 والهادف إلى بناء هنكار للشحن (قرية البضائع) سندًا لأحكام قانون رسوم المطارات عبر إشغال مساحة مكشوفة وإقامة البناء وتشغيله وإدارته واستثماره ثم إعادته لاحقاً ونقل ملكيّته إلى الإدارة وبعد سريان العقد الاستثمار الموقع بتاريخ 28/01/2011 تنتهي فترة استثماره الممتدة لغاية 21/08/2026.

– العقد المنشأ مع شركات النقل السريع في لبنان (AXAL) لإشغال مساحة مكشوفة لإقامة مبنى للشحن السريع وتشغيله وإدارته واستثماره عدد 266/2021.

– العقد المنشأ مع شركة DHL رقم 2/97 لإشغال مساحة مكشوفة وإقامة البناء وتشغيله واستثماره لمدة عشر سنوات.

– العقد المنشأ أيضاً مع شركة DHL تاريخ 22/12/2003 لإشغال مساحة مكشوفة إضافية وإقامة البناء وتشغيله واستثماره لمدة عشر سنوات.

 

وبالتالي يلفت المرجع الى ان كل المناطق المكشوفة تخضع للتعاقد الحر ولا تحتاج الى مناقصات، مشيرا الى ان سبب الحملة قد يكون مرتبطا بوجود اطراف كانت تطمع بحصص ما في المشروع ولم تحصل على مبتغاها لا سيما وان الشركة الايرلندية التي انشأت العديد من مطارات العالم “لا تعمل وفق الطريقة اللبنانية”، سائلا: هل شركة في هذا الحجم والمستوى ليس لديها مستشارين قانونيين ومكتب قانوني للاطلاع على تفاصيل المشروع تصل تكلفته الى 120 مليون دولار، قبل الدخول فيه؟

اضاف: اذا كان البعض يريد التصويب على وزير الاشغال علي حمية، فلا بدّ من التذكير ان المشروع مطروح منذ عدة سنوات، وكان قد جمّد بسبب الاحداث المتسارعة التي حصلت في السنوات الاخيرة، ومنها اجراء الوقاية من تفشي وباء كورونا، وبالتالي يمكن القول انه صودف راهنا ان حمية هو وزير الاشغال.

واذ اعتبر المرجع ان الحملة التي انطلقت في الايام الاخيرة، ليست مبينة على اساس، بل لاثارة الغبار، سأل: هل يريدون سقوط الهيكل بشكل تام، ألا يريد الشعب اللبناني الغارق بالازمات بارقة امل، علما ان سقوط هذا المشروع، سيساهم ايضا في ضرب الثقة وينعكس سلبا على اي رغبة لشركات اجنبية في الاستثمار في لبنان، في حين ان وجود هذه الشركات الكبرى في لبنان يعطي نوعًا من الثقة ويقدم حوافز للشركات المماثلة.

وهنا تحدث المرجع القانوني عن آلية إنجاز العقد، موضحا أن الشركة اللبنانية للنقل الجوي (شارتر) ش. م. ل. (LAT) تعمل في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت منذ أكثر من أربع وستين سنة وهي شركة متخصصة في قطاع النقل الجوي وخدماته ولها خبرة في هذا المجال، كما انها مستوفية لكل الشروط المفروضة بموجب القوانين المرعية الإجراء لاسيما أحكام قانون رسوم المطارات الصادر بتاريخ ‎19/03/1947 وتعديلاته، الذي يلحظ هذا النوع من الإشغال ضمن مندرجاته والذي يجيز قيام الشركات في المطار وعلى نفقتها الخاصة وعلى الأراضي المكشوفة المشغولة من قبلها بإقامة المباني والمنشآت واستثمارها وإعادتها لملكية الإدارة على أن تحدد بدلات الإشغال.

ولفت المرجع عينه إلى أن وزير الأشغال العامة والنقل– وبهدف المزيد من الشفافية والدقة في إعداد حيثيات العقد وحرصًا على إتمام مندرجاته وفقًا للأصول وحيث أن المشروع بحاجة لأعمال إنشائية وتشغيلية وتجهيز وتأهيل وصيانة وخلافه- طلب من المديرية العامة للطيران المدني تكليف مكتب استشاري لإعداد دراسة تفصيلية تتضمن تكلفة المشروع وإيراداته المتوقعة ليبنى على الشيء مقتضاه.

وتابع المرجع: استناداً إلى التقرير المرفوع من مكتب الاستشاري دار الهندسة للتصميم والاستشارات الفنية – شاعر ومشاركوه المتضمن دراسة تكلفة المشروع وإيراداته المتوقعة وتكاليف الأعمال الإنشائية والتجهيز والتأهيل والتشغيل والصيانة وخلافه الذي يشير إلى إمكانية تشييد مبنى جديد للمسافرين في المنطقة المذكورة بتكلفة تقديرية أولية تقّدر بحوالي مئة وعشرين مليون دولار أميركي، وحدد التقرير الفترة المتوقعة لإسترداد التكلفة بين 29 سنة كحد أدنى و34 سنة كحد أقصى من تاريخ بداية التشغيل.

بناء على ذلك، ووفقاً للإحالة عدد 30/ن/2023 الصادرة عن وزير الأشغال العامة والنقل، تم تخفيض عدد سنوات الاستثمار إلى 25 سنة وبموجب ذلك تم إعداد العقد واُعتبر تقرير الاستشاري دار الهندسة (الذي يتولى منذ أكثر من 25 سنة كافة أعمال الدراسات والإشراف والمراقبة – مخطط توجيهي – تشغيل – تأهيل – صيانة في المطار من قبل مجلس الإنماء والإعمار وشركة MEAS) جزءًا لا يتجزأ من العقد شرط التقيّد بعدد السنوات التي حددتها الوزارة.

وما هو السند القانوني للإجازة بعقد الإنشاء والتجهيز والتشغيل، شرح المرجع القانوني الاتي:

أ- ‏إن أحكام قانون رسوم المطارات الصادر بتاريخ 19/03/1974 وتعديلاته أجاز لشركات الطيران وشركات الخدمات الأرضية الوطنية:

1. إشغال مساحات مكشوفة (لقاء دفع رسم سنوي بالمتر المربع).

2. إقامة إنشاءات ومباني على نفقتها الخاصة على المساحات المشغولة. وبعد انقضاء مدة العقد (التي يعود للإدارة تحديده حسب نوع وطبيعة وقيمة الاستثمار) على إقامة تلك المنشآت والمباني بعد توصيفها وتحديد وجهة استعمالها (يتم وضع رسم على كل متر مربع محدد بالقانون) يتم إعادة كامل هذه المباني والمنشآت وتسجيلها ضمن ملكية الإدارة.

ب- إن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل وبموجب الرأي عدد 231/ ر/95 تاريخ 06/07/1995 قد أبدت الآتي:

“إن صلاحية الترخيص بإشغال وإنشاء وإدارة واستثمار المنشآت النفطية وسواها من المنشآت ضمن مطار رفيق الحريري الدولي– بيروت والأملاك العامة التابعة له والملحقة به، تحقيقاً لمرفق المطارالتي تتولاه الدولة، تعود لوزارة الأشغال العامة والنقل – المديرية العامة للطيران المدني أن تمارسها وفقاً لأحكام القوانين الخاصة بها (قانون إنشاء وزارة النقل – قانون رسوم المطارات)”.

ج- إن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل وبموجب الرأي عدد 885/2010 حول موضوع طلب بيان الرأي بشأن إشغال الأراضي المكشوفة من شركات النقل الجوي وأقامت إنشاءات ومبانٍ على نفقتها الخاصة أوردت الآتي:

“…وحيث أن المادة 25 من قانون رسوم المطارات تاريخ 19 اذار 1947 (موازنة العام 1947) المعدل بقوانين موازنة العام 1948 و1950 و1952 قد ميّزت بين ثلاث فئات من المساحات في مطار بيروت على الشكل التالي:

– الأولى: المكاتب (سواء كانت في مبنى المطار أو قاعدة المسافرين أو خارج المبنى) والحظائر والمستودعات التي تؤجر من شركات النقل الجوي أو وكلائها لأعمالها الخاصة.

– الثانية: الأراضي التي تشغلها شركات النقل الجوي وشركات بيع الوقود لأعمالها الخاصة.

– الثالثة: سائر المباني والأراضي التي تشغل لغايات أخرى، وهي تؤجر بالمزاد العلني وفقاً لأحكام القرار 275 تاريخ 25/05/1926.

وحيث أنه من الملاحظ أن المادة 25 المذكورة لم تحدد أصولاً خاصة لإبرام العقود التي تخول أشغال الفئتين الأولى والثانية من المساحات بل أوجبت فقط، فيما خص الفئة الثالثة، حصول التأجير بالاستناد إلى القرار رقم 275/1925 أي المادة 60 منه أي عن طريق المزاد العلني.

وحيث أنه من الملاحظ أيضاً أن تأجير المساحات من الفئتين الأولى والثانية لا يمكن أن تستفيد منه إلاّ شركات النقل الجوي (بالنسبة للفئة الأولى) وهذه الأخيرة وشركات بيع الوقود لأعمالها الخاصة (الفئة الثالثة) دون سواها.

وحيث أن هذا التمييز يجد مرتكزه في طبيعة المهام التي يؤديها شاغل مساحات الفئتين الأولى والثانية أي شركات النقل الجوي أو شركات بيع الوقود. ذلك أن هذه المهام تؤدي بشكل مباشر إلى تسهيل حركة الطيران المدني، في حين أن إشغال المباني والمساحات الداخلة في إطار الفئة الثالثة يؤدي إلى تقديم خدمات غير مباشرة لحركة الطيران المدني.

وحيث أنه ولهذه العلّة لم تخضع المادة 25 اشغال المساحات المعدد لها في الفئتين الاولى والثانية إلى آلية المزايدة العلنية بل أبقته في إطار التعاقد الحرّ في حين أخضعت اشغال المساحات المعدد لها في الفئة الثالثة إلى وجوب حصوله بواسطة المزايدة العلنية.

الى ذلك، وردا على سؤال حول التمويل والجهة المشغلة، لفت المرجع عينه إلى إن الشركة اللبنانية للنقل الجوي (LAT) المكلفة وفقًا لمندرجات العقد- والتي تتوافر لديها كافة الشروط المتوجبة في قانون رسوم المطارات ستقوم بتمويل كامل مقومات المشروع. أما لناحية التشغيل- فستتعاون مع شركةdublin airport authority International المملوكة بالكامل لحكومة إيرلندا والمتخصصة في إنشاء وإدارة وتشغيل مطارات عالمية حول العالم في دبلن وكورك في جمهورية إيرلندا ومطار الملك خالد الدولي بالرياض في المملكة العربية السعودية واستثمارات في أكثر من ‎17 مطارا دوليا منها في المانيا وقبرص وكندا والبحرين وسلطنة عمان وقطر والهند وماليزيا وبربادوس ونيوزيلاندا بمعنى ان عدد المسافرين يتجاوز ‎٨٥‏ مليون مسافر في السنة.

اضاف: بناء على ذلك سيتم المباشرة بتمويل وإنشاء وإدارة وتشغيل مبنى المسافرين الجديد في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت RHIA – Terminal 2 المختص بالرحلات العارضة والموسمية ولطائرات شركات الطيران منخفضة التكلفة Low Cost Carriers طبقاً للمخطط التوجيهي العام وسنداً لأحكام قانون رسوم المطارات ثم تعود ملكية المباني والمنشآت والتجهيزات بالكامل للدولة اللبنانية ويتوقع أن يبدأ تشغيل مبنى المسافرين الجديد في الربع الأول من عام ‎2027.

أما عن الفوائد والأهداف التي يحققها المشروع والأهمية الاقتصادية، شدد المرجع على اهمية الرقي بمطار رفيق الحريري الدولي كي يواكب التطور الحاصل في مطارات المنطقة عبر جلب استثمارات خارجية بالعملة الصعبة (Fresh Foreign Funds) وإضافة مبان وإنشاءات وتجهيزات هامة لأملاك الدولة دون التأثير على القدرات المالية المتاحة للخزينة ‏العامة مما يرفع من قيمة أصول الدولة اللبنانية في المطار.

واشار الى اهمية تخفيف الإزدحام الحالي على ممرات التفتيش والكونتوارات وبوابات الصعود إلى الطائرات للمسافرين على طائرات الرحلات العارضة والموسمية والناقلة للحجاج والمعتمرين وزائري الأماكن المقدسة ولطائرات شركات الطيران منخفضة التكلفة (Low Cost Carries).

كما لفت الى ان هذا المشروع يؤمن أكثر من 500‏ فرصة عمل مباشرة ودائمة و2,000‏ فرصة عمل غير ‏مباشرة دون تكبيد خزينة الدولة اية أعباء، وسيمكّن المطار من استقطاب المزيد من شركات الطيران منخفضة التكلفة، ومن زيادة عدد الرحلات المجدولة ويحسن كفاءة ونوعية الخدمة المقدمة لتلك الرحلات مما يشجع السياحة على مدار السنة ويزيد إيرادات الخزينة العامة ويرفد جميع الأعمال المرتبطة بالسياحة.

كما لا بدّ من الاشارة الى ان توسعة المطار تتيح الفرصة للناقل الوطني (شركة طيران الشرق الأوسط) للتوسع وزيادة عدد رحلاته على الخطوط الحالية وزيادة وجهات السفر إلى مطارات أخرى مع الاحتفاظ بمستوى الخدمة المتميز المقدم من قبله.

وفي الخلاصة، ذكر المصدر ان المبنى الحالي لمطار بيروت تم افتتاحه سنة ‎١٩٩٨‏ بطاقة استيعابية قدرها ستة ملايين مسافر سنويًّا ومنذ ذلك الوقت لم تُقَم أي توسعة في المطار. وفي سنة ‎2013 تجاوزت حركة المسافرين الفعلية لطاقة المطار الاستيعابية، ووصلت الى ذروتها بعدد 8,8 مليون مسافر في سنة ‎٢٠١٨‏ (قبل جائحة كورونا) ويتوقع أن تصل الى 7,2 مليون مسافر في سنة ‎2023‏ الحالية ومن الممكن أن تتزايد هذه التوقعات في السنوات القادمة في حال تحسنت الظروف العامة مستقبلاً. وهذه الارقام تؤكد اهمية العودة الى قرار مجلس الوزراء الرقم 68 تاريخ 16/05/2018 الذي وافق على المخطط التوجيهي العام لتطوير وتوسعة المطار بهدف معالجة الاختناقات الناتجة عن شدة الازدحام في مبنى المسافرين الحالي.

ولفت المرجع الى ان المشروع سيقام مكان مبنيي الشحن والجمارك القديمين المنشآن سنة 1954 الواقعين في الجهة الشرقية من أملاك المطار، وكان قد تم إقفالهما وإخلاؤهما من قبل شاغليهم إلى مبنى الشحن الجديد الذي أنشأته شركة طيران الشرق الأوسط.

علما ان الهدف الاساسي وراء المخطط التوجيهي العام لتطوير وتوسعة المطار هو بناء مبنى جديد للمسافرين مستقل عن مبنى المسافرين الحالي (Terminal 1) ويؤمن حركة انسيابية للمسافرين وجميع الخدمات لهم وللطائرات ولشركات الطيران بطريقة منفصلة عن المبنى الحالي عبر تشييد مبنى جديد للمسافرين في المنطقة المذكورة بطاقة استيعابية حوالي مليوني مسافر سنوياً ومن الممكن زيادتها إلى أربعة ملايين مسافر سنويًا بهدف استيعاب الارتفاع الكبير في عدد المسافرين.

وختم المرجع مشيرا الى ان قرار مجلس الوزراء رقم 68/2018 لم يلحظ أو يحدد المصادر المالية اللازمة للتمويل من أجل المباشرة بالتنفيذ وجدولة العمل في حين ان تنفيذ هذا المخطط يتطلب اعتمادات مالية ضخمة جداً غير متوفرة في الوقت المنظور، لذا اخذت وزارة الأشغال على عاتقها المبادرة إلى التطوير والنهوض بهذا المرفق الذي يُعدّ دعامة أساسية من دعائم الاقتصاد الوطني، فكان القرار باللجوء إلى استقطاب التمويل والاستثمار والتشغيل من الخارج وفق قانون رسوم المطارات ودون أن تتحمل الخزينة العامة أي أعباء سواء تمويل أو قروض.

المصدر: أخبار اليوم

شارك المقال