دفتر شروط للرئيس… والفرنسي ينصح فرنجية بالتريث؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

١٤ يوماً مرت على ولادة الاتفاق السعودي – الايراني برعاية صينية، بدأت المتغيرات الاقليمية على ايقاعه تتحرك تباعاً وبصورة متسارعة نسبياً مقارنة مع التحولات التي كانت تحصل في السابق، ما يعني أن العمل الجدي لوضع الاتفاق حيز التنفيذ بدأ ومهلة الشهرين وضعت لها أجندة مليئة بالخطوات التي ستكرّس الاتفاق. وجدول الأعمال هذا أصبح معروفاً بالتراتبية: اليمن أولاً ثم العراق فسوريا ورابعاً اذا كان لبنان قد أنجز المتوجب عليه يأتي دوره والا فهو نقطة عند التقاء المحيطات، ولن يُنشل ما دام التخبط وسوء القرار لا بل غيابه يحكمان سياسته، وعليه الاتكال على رحمة من الله طبعاً في البداية وعلى تطورات يمكن أن تأخذنا معها، عدا ذلك تكهنات غير واقعية أو أضغاث أحلام.

لقد أصبح معروفاً أن مفتاح حل الأزمة اللبنانية يبدأ من الرئاسة، والرئاسة رهينة التوافق على اسم، والاسم يجب أن يحظى ببركة سعودية، والسعودية لن تسمّي بل تطلب مواصفات ولا تزال رافضة لسليمان فرنجية وتعتبره مرشح “حزب الله” الذي لن يتخلى مع حركة “أمل” عنه، وفرنجية لن يرضى بالترشح الا برضا السعودية، و”يا دارة دوري فينا”…

“وحلّا اذا فيك تحلّا” تقول مصادر الثنائي لموقع “لبنان الكبير”، اذ حتى الآن لا حوار حقيقياً بين الثنائي والسعوديين وأبعد من ذلك حتى لدى الفرقاء الآخرين والحلفاء. من يبحث مع السعوديين؟ لا أحد يناقش معهم في الملف اللبناني تقول المصادر، حتى الفريق الآخر والممثل بالوزير السابق وائل أبو فاعور عن وليد جنبلاط والوزير السابق ملحم رياشي عن سمير جعجع، الاثنان لا يناقشان طروحاً جدية وحقيقية ولا يدخلان في تفاصيل لها علاقة بتكوين الرأي، فالوسطاء أو الموفدون يقاربون الملف الرئاسي بصورة سطحية من دون الدخول في العمق، خصوصاً أن المملكة قامت بنقلة نوعية لجهة توحيد السياسة ووضوح الديبلوماسية بعكس فرنسا التي تعد رمز الديموقراطية في العالم (مؤسسات وقانون) ليست موحدة على رأي، فالرئيس الفرنسي على رأي ومستشاروه وموفدوه كل على رأي. اما في المملكة فالسياسة مختلفة، اذ شكل ولي العهد محمد بن سلمان فريقاً خاصاً وأبلغه أن ملف لبنان مثله مثل أي ملف آخر، هذه خطوطه العامة وليذهب كل على طريقته في البحث والتحرك، اما الموقف العام فيتقرر ضمن اطار اللجنة المؤلفة من خمسة أشخاص أوعز اليهم التحرك والتعاطي ضمن الاطار المرسوم وتحت السقف، لكن في النهاية يعودون اليه بقرار موحد وليس بتعدد تقارير .

واللجنة مؤلفة من: رئيس اللجنة وزير الدفاع خالد بن سلمان (شقيق ولي العهد)، الوزير مساعد العيبان (مستشار الأمن القومي وهو الأكثر تواصلاً مع ولي العهد)، خالد حميدان (مدير المخابرات العامة)، نزار العلولا (مستشار في الديوان)، ومنذ أشهر انضم اليها السفير وليد بخاري وأصبح عضواً فيها بصورة رسمية كونه يترأس أيضاً لجنة في الخارجية السعودية تعنى ببعض الملفات وعلى تواصل مع وزير الخارجية.

وتضيف المصادر: نحن نعلم أن هناك توجهاً عاماً سعودياً برفض سليمان فرنجية لأنه محسوب على “حزب الله”، لكن لم يناقش أحد مع المملكة بصورة جدية أسباب هذا الرفض على قاعدة أننا بالفعل نريد أن نكون شركاء ونحدث تحولاً في الوضع الداخلي. وعلم موقع “لبنان الكبير” أن الثنائي اقترح مؤخراً تحييد كل الأسماء ووضع دفتر شروط يتضمن مواصفات وضمانات، أي بصريح العبارة ماذا نريد من الرئيس العتيد وما هو المطلوب منه داخلياً (الملف السياسي والاقتصادي)؟ وعربياً (اتفاق الطائف، الاستراتيجية الدفاعية، الملف السوري…)؟ وسنرى من هي الشخصية المرشحة التي يمكن أن تلبي هذه الشروط. بالتجربة سيقول السعودي ان تجربته سيئة مع لبنان بعد التسوية بين سعد الحريري وميشال عون، والنقاش يجب أن يتركز على الفارق بين الماضي والحاضر. سنقول اننا متمسكون بفرنجية كثنائي ونريد التسويق له بقوة ونضع في الوقت نفسه خارطة طريق لادارة المرحلة السياسية والتنفيذية المقبلة، ليس على شاكلة صفقة أو تسوية تأتي بأسماء محددة انما مشروع انقاذي وخطوات مواكبة لانجاح الرئاسة، فهذا البلد تقول المصادر أصبح في القعر، انقسامات سياسية، ادارة انهارت وتفككت، الأنظمة الصحية والتربوية والاجتماعية تحتضر، والأمنية على كف عفريت، العلاقات العربية مهشمة، والدول لا تثق بنا ونحن عاجزون عن الحديث مع صندوق النقد.

فما هي العناصر الأساسية التي يجب الاتفاق عليها للخروج من هذه الدوامة (شكل الحكومة السياسة العامة…)؟ فإذا فتح النقاش على هذا المستوى يمكن أن نقترب من بعضنا البعض ونتفق أو لا نتفق، المهم أن نبدأ بهذا النقاش.

في النهاية، هناك وقائع داخلية يجب أن تؤخذ في الاعتبار وحتى الآن لا شيء ناضج وبالتالي نحن أقله أمام شهرين (ميتين) لن نتراجع عن فرنجية تؤكد المصادر، وتراجعنا غير مطروح وكل ما نقوله الآن إن الرئيس في الظرف الراهن ليس مسألة أرقام انما مشروع ومهمة ودور وقدرة على ادارة البلاد، فحتى لو تمكنا من ايصال فرنجية بالـ ٦٥ صوتاً وتأمين النصاب الـ٨٦، فعملياً لا يناسبنا أن نقوم بخطوة تشكل امتداداً للأزمة. ولا ننسى أنه قبل ستة أشهر كان لدينا رئيس فماذا كان وضعنا؟ انهيارات متتالية، لا حكومة وتدهور على كل الأصعدة. نحن مرتاحون جداً ومطمئنون الى عقل فرنجية السليم في القضايا الأساسية والاستراتيجيات، وهو مقتنع تماماً بأنه لن يقبل الوصول الا بتفاهم مع السعوديين وعلى استعداد للتلاقي معهم والتفاهم ومقتنع بأنه لن ينجح الا بالتعاون معهم.

وفي معلومات “لبنان الكبير” أن الفرنسي طلب من فرنجية التريث في الظهور على الاعلام واعلان الترشح والبرنامج حتى انضاج الأمور، خصوصاً أن الاجتماع الباريسي الأخير بينه وبين السعودي لم يأتِ بجديد.

شهران ميتان ولكن يمكن أن يوقظهما حراك داخلي من فرنجية تجاه القوى الممانعة له في الداخل، وخصوصاً الأقطاب المسيحيون حلفاء المملكة لتبديد الهواجس وتفكيك الألغام الداخلية تمهيداً لتفكيك اللغم الأكبر.

شارك المقال