السعودية ريانة برناوي تقود المملكة الى الفضاء

حسين زياد منصور

قبيل انطلاق المهمة العلمية للمملكة العربية السعودية إلى محطة الفضاء الدولية، استقبل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي ورئيس المجلس الأعلى للفضاء، رواد الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني ومريم فردوس وعلي الغامدي، الذين تمكنوا من اجتياز البرنامج التأهيلي بنجاح. اذ ما إن أعلن عن موعد الرحلة حتى بدأ الرواد بخوض تدريبات مكثفة استعداداً لمواجهة أي حالة طارئة خلال رحلتهم الأولى الى الفضاء.

وتعد هذه الرحلة التي ستنطلق في أيار المقبل من الولايات المتحدة إلى محطة الفضاء الدولية، أول رحلة تضم أول رائدة فضاء سعودية وعربية مسلمة هي ريانة برناوي، وعلي القرني الذي يعد أيضاً أول رائد فضاء سعودي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، وسيلتحق هؤلاء بطاقم مهمة AX-2 الفضائية “بهدف بناء القدرات الوطنية في مجال الرحلات المأهولة لأجل البشرية، والافادة من الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالمياً، والاسهام في الأبحاث العلمية التي تصب في صالح خدمة البشرية في عدد من المجالات ذات الأولوية مثل الصحة والاستدامة وتقنية الفضاء، وذلك وفق اطار رؤية 2030”.

وكانت الهيئة السعودية للفضاء أعلنت أن شهر أيار المقبل سيشهد إطلاق رحلة تقل أول رائدة فضاء سعودية إلى المحطة الفضائية الدولية، مؤكدة أن الرحلة هي بداية لعصر جديد من الاستكشافات السعودية للفضاء. وفي نيسان الماضي احتفت الهيئة باليوم العالمي للرحلة البشرية الى الفضاء أكدت خلالها أن رحلة رواد الفضاء السعوديين ستكون بمثابة استكمال للمسيرة والمساهمة في خدمة الانسانية.

السعودية الأولى

في الوقت الذي لن يكون فيه علي القرني أول رائد فضاء سعودي لأن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز كان أول رائد فضاء عربي وسعودي وذلك في العام 1985، ستكون ريانة برناوي المولودة في العام 1990، أول امرأة سعودية تذهب إلى الفضاء بعدما اختارتها الهيئة السعودية للفضاء في شهر شباط الماضي ضمن طاقم مهمة AX-2 الفضائية، وستكون أول رائدة فضاء سعودية وعربية مسلمة.

وبرناوي حاصلة على بكالوريوس في علم الانجاب والهندسة الوراثية وتطوير الأنسجة من جامعة أوتاغو في نيوزيلندا، وهي اخصائية في الأبحاث المخبرية ولديها خبرة في مجال الخلايا الجذعية السرطانية.

وفي نيسان الماضي قالت برناوي: “كفريق رواد الفضاء السعوديين، نحمد الله على منحنا فرصة المشاركة في أن نكون جزءاً من هذا المشروع العلمي والحضاري ونعد بالعمل الجاد لتحقيق آمال وطننا الغالي”.

اما علي القرني فحاصل على البكالوريوس في علوم الطيران من كلية الملك فيصل الجوية في الرياض، وهو نقيب طيار مقاتل يعمل على مقاتلات “اف 12 اس أي”، ولديه 12 سنة خبرة في الطائرات المقاتلة ويبلغ 31 عاماً.

الرحلة والبرنامج التدريبي

وكانت وكالة “ناسا” أعلنت أن برناوي والقرني سيقلعان باتجاه محطّة الفضاء الدولية من مركز كيندي الفضائي في فلوريدا، على متن صاروخ تابع لشركة “سبايس إكس”، وسيرافقهما شخصان آخران هما بيغي ويتسون، وهي رائدة فضاء سابقة في “ناسا” ذهبت إلى محطة الفضاء الدولية ثلاث مرات حتى الآن وستتولّى قيادة المهمّة، في حين سيكون الشخص الرابع رجل الأعمال الأميركي جون شوفنر، لفترة 10 أيام.

وفور الاعلان عن الرحلة استعرضت الهيئة السعودية للفضاء تدريبات برناوي والقرني، للاستجابة لحالات الطوارئ ضمن برنامج محاكاة لإظهار قدرات طاقم المهمة على اتخاذ الإجراءات المناسبة لمختلف الحالات الطارئة. ويتم توفير سلسلة من التدريبات المخصصة لرواد الفضاء تحاكي الواقع لضمان نجاح المهمة الفضائية، ومن ضمن التدريبات خلال رحلة الرواد للفضاء: عمليات الإطلاق والهبوط، تجربة الأنظمة ومحاكاة الاهتزازات والحركات والضوضاء، وسيكون هناك رائدان سعوديان آخران متدربان هما مريم فردوس، وعلي الغامدي، يشاركان في التدريبات من دون أن يكونا جزءاً من المهمة إلى الفضاء.

وستعد هذه الرحلة تاريخية، لأنها ستضع المملكة ضمن سياق الدول القليلة في العالم التي تجمع رائدي فضاء من الجنسية نفسها على متن محطة الفضاء الدولية في التوقيت ذاته. 

المرأة السعودية

اختيار ريانة برناوي لتكون أول رائدة فضاء سعودية، هو نتاج رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتدل على الانفتاح الكبير الذي تعيشه المملكة الى جانب تمكين المرأة السعودية، وتحقيق التكامل بين الجنسين، واحترام المساواة بينهما، وتعزيز حماية حقوق الانسان. هذه الخطوات وغيرها تدل على ثقة المملكة بالعنصر النسائي وقدراته، وذلك بعد اعلان خطوط السكك الحديدية عن تخريج 32 سيدة لقيادة قطار الحرمين في تجربة هي الأولى من نوعها في المملكة. كل هذا التطور والتقدم يدل على نجاح أهداف رؤية 2030، مع العلم أن المرأة في السابق كانت تسعى الى الحصول على رخصة قيادة سيارة، اما الآن فها هي تشغل مناصب متقدمة على المستويين الديبلوماسي والوزاري، والآن في طريقها الى الفضاء.

وسبق للسعودية أن أطلقت 16 قمراً اصطناعياً إلى الفضاء بين العامين 2000 و2019، وذلك بإشراف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وفي 6 شباط 2019، سجل القمر السعودي للاتصالات “SGS1″، حاملاً توقيع الأمير محمد بن سلمان.

وكانت السعودية أعلنت إنشاء “المجلس الأعلى للفضاء” برئاسة ولي العهد، وتعديل هيئة الاتصالات لتكون تحت اسم “هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية”، الى جانب برنامج المملكة لرواد الفضاء الذي يهدف الى تأهيل كوادر وطنية متمرسة لخوض رحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى وتأهيل رواد الفضاء السعوديين للمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء، وهو ما يظهر التوجه السعودي للافادة من اقتصاد الفضاء باعتباره قطاعاً مستقبلياً عملاقاً تتقاطع فيه رؤى عالمية نحو الاستدامة والتكنولوجيا، وما له من عوائد على الناتج المحلي، ومساهمته في توفير البنية التحتية الداعمة لتمكين القطاع وازدهاره وهو ما أشار اليه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي سابقاً بأن التركيز سيكون على صناعة سوق الفضاء وتحفيز البحث والابتكار فيه ثم الانتقال نحو مرحلة تنظيمه وحوكمته، الى جانب الهيئة التي ستلعب دوراً محورياً في استحداث التنظيمات والتراخيص والتنسيق والتعاون مع منظمي الفضاء محلياً وعالمياً.

شارك المقال