الصديق الحقيقي لا يترك صديقه وحده… وهذا ما حدث مع الصديق الوفي للرئيس الشهيد رفيق الحريري، الوزير والنائب باسل فليحان الذي استشهد معه في عملية الاغتيال نفسها، فهو من رافق الرفيق وكان الى جانبه في الأوقات الحلوة والمرة. كان مدرسة في الأخلاق وموسوعة في الخبرات الاقتصادية، التي قرر توظيفها بعد العودة من الخارج لمصلحة لبنان، قدم دماءه وضحى بنفسه من أجل إعمار هذا البلد وازدهاره.
تولى فليحان مهام ومناصب عدّة فمن النيابة الى الوزارة، بالاضافة الى كونه مستشار الرئيس الشهيد، وحاول بكل ما أوتي من قوة تحقيق الخطط التي رسماها معاً من أجل إنهاض وبناء لبنان الجميل الذي يشبههما. وضع الكثير من الخطط والأفكار التي تعيد لبنان مجدداً سويسرا الشرق، لكن أياً منها لم يبصر النور لأن استشهاده كان أسرع على أيدي المجرمين الذين باعوا البلد بسبب حساباتهم الضيقة والخاصة، وكان من أبرز إنجازاته “باريس 2” الذي من خلاله حصل لبنان على منح وقروض ومساعدات بمليارات الدولارات.
واللافت أن ذكرى من ضحوا بكل ما يملكون من أجل الوطن، باتت تمر اليوم مرور الكرام من دون أي جهد أو إحياء لها، فماذا عن الذكرى الثامنة عشرة لاغتيال الشهيد باسل فليحان؟
حرب: رجل إستثنائي
في ذكراه، فضّل المقربون منه عدم فتح جراحهم مجدداً لأنهم لم ينسوه طيلة 18 عاماً، وقال صديقه الصحافي موفق حرب لموقع “لبنان الكبير”: “في حال أردنا الخير لشخص ما نحبه نتمنى أن يكون مماثلاً لباسل فليحان، فهو أستاذ في الأخلاق والعلم والمعرفة. كان مثالياً ورجلاً إستثنائياً في العمل العام والخاص وعلى المستوى الشخصي بالاضافة الى سيرته الأكاديمية والمهنية، ونتذكره كل يوم ليس لكونه صديقنا وحسب، بل في كل لحظة نرى ماذا حلّ بلبنان نشعر أن انجازاته الوزارية تعطلّت ولم تتحقق منذ تاريخ إستشهاده”.
أضاف حرب: “في هذه الأوضاع نقول وينك يا باسل فليحان وأين أنت أيها الرئيس رفيق الحريري. وفي كل مرة عندما أغلق عيني وأريد أن أحلم بشكل لبنان الذي أتمناه تظهر في وجهي بصورة دائمة صورة باسل فليحان”.
الحجار: مميز بطروحاته وأفكاره
أما النائب السابق محمد الحجار فأكد أن “هؤلاء الكبار استشهدوا من أجل هذا البلد وبصماتهم لا تزال موجودة في مختلف نواحيه ومحفورة في وجدان اللبنانيين، ولأنهم آمنوا بمشروع قيامة البلد استشهدوا. والمؤسف أن ذكرى اغتيالهم واستشهادهم باتت تمر اليوم من دون أن يكون هناك الجهد اللازم لاحيائها لأن الشعب أصبح ينتقل من مأساة وأزمة الى أخرى وهمه المعيشي والاجتماعي بات طاغياً وضاغطاً على الجميع من دون استثناء ما يجعل الذكرى تمر من دون أن نفيهم حقهم”.
وأشار الى أن “الوزير باسل فليحان رافق الرئيس الشهيد رفيق الحريري في كل المحطات، باريس واحد واثنين، وعمل بكل ما أوتي من قوة وخبرة وكان في كبرى المؤسسات الدولية لكنه غادرها وعاد الى لبنان تلبيةً لطلب الرئيس الشهيد. حاول بكل جهد في وزارة الاقتصاد، وفي موقعه النيابي كان رجلاً مميزاً بطروحاته وأفكاره والخطط التي وضعها للنهوض باقتصاد البلد ولعودة التوازن الى المالية العامة”، لافتاً الى أن “من يدخل في عمق ما حدث في ذاك الوقت يدرك جيداً أن فليحان كانت له اليد الطولى في الكثير من الأمور والخطط التي وضعها بناء على طلب الرئيس الشهيد وكل الالتزامات التي تعهد بتنفيذها وتطبيقها وفي مقدمها مساعدات باريس، فكل هذه الاصلاحات القطاعية والادارية لم تر النّور بعد استشهاده”.
وقال الحجار: “من المؤكد أننا لو قمنا بما كان يريده الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهيد باسل فليحان لما كنا لنصل الى ما وصلنا إليه اليوم”.
لبنان بأمس الحاجة الى نخبة هؤلاء الرجال والمسؤولين الذين لم يبخلوا يوماً على بلدهم وقدموا حياتهم في سبيله، وأقل الواجب أن نذكرهم بالخير في كل مناسبة، ومحاسبة القتلة عن هذه الجريمة الزلزال وليس إبقاءهم فارين من وجه العدالة. رحم الله شهداء هذه القضية الوطنية الشريفة، ورحم الله الشهيدين رفيق الحريري وباسل فليحان.