هذه خريطة طريق العشائر في خلدة لحل مسألة الموقوفين

علي الشاهين

قد يكون يوم أمس الاثنين 24 نيسان نقطة تحول مفصلية تؤدي الى انهاء ملف أحداث خلدة بين العرب و”حزب الله”، بحيث نظمت العشائر في خلدة لقاء عشائرياً سياسياً ضخماً لافتاً حضره وشارك فيه نواب من عدة كتل نيابية (9 نواب) وأحزاب وشخصيات مسيحية اضافة طبعاً الى الحضور اللافت للرمز السني الديني المتجسد بمفتي الجمهورية اللبنانية (تمثيلاً) ومفتي المناطق ووجهاء عشائرية نوعية من كل المحافظات اللبنانية.

حول هذا اللقاء الذي بث مباشرة على أكثر من قناة تلفزيونية، تعددت الآراء وتنوعت في تقويم الكلمات التي ألقاها المشاركون وبلغت عشر كلمات، وقد تمحورت عملية التقويم حول أربع نقاط أساسية هي التالية:

١- هناك إجماع من المتحدثين على رفض الأحكام.

٢- طرح الغاء المحكمة العسكرية أو حصر صلاحياتها بالسلك العسكري فقط.

٣- تضامن المشاركين مع العشائر في قضيتهم المحقة.

٤- قد يكون بعض المشاركين المتحدثين بنواياهم وحساباتهم السياسية اعتبروا أن هذه المسألة فرصة لهم لاعلان مواقفهم تجاه مسائل داخلية أخرى يعاني منها البلد، واعتقد هؤلاء أن منبر العشائر هو منصة لهم لاطلاق هذه المواقف، وهنا أيضاً يقف بعض العرب كثيراً عند بعض من رفع لهجة التصعيد من المتحدثين في هذا المؤتمر (؟!).

٥- العرب من جهتهم، أهل نخوة وكرم وضيافة وفي الوقت نفسه هم أهل حكمة ودهاء وفطنة، ناهيك أن وضعهم الصعب الحالي يشبه الغريق الذي يجاهد لينجو من اليم والغرق، وهدفهم فقط هو فك أسر أولادهم لا أكثر ولا أقل، وهم لديهم الوعي السياسي ويدركوا تماماً أن بعض السياسيين لديهم مآربهم ومشاريعهم، لكن العرب يتساءلون في ديوانيتهم كيف العمل لحل عادل لقضيتهم وهم في بلد مصاب بطبقة سياسية فاسدة؟

اذاً، العرب هم الآن في مأزق والأحكام الجائرة قد صدرت بحق أبنائهم، ولا بد من التحرك المكثف والجهد الدؤوب لاخراجهم من الحبس. وكما قال أحدهم لكاتب هذه السطور: “حتى مرجعياتنا لم تفلح في اعادة أولادنا الى البيت، ومرجعيات المنطقة (الجبل) ولحسابات عديدة عجزت أو قصرت عن قصد أو غير قصد، لا نعلم في مساعدتنا، لهذا استقبلنا (أشرف) ريفي من الشمال و(ميشال) معوض من زغرتا والكتائب والقوات والتغييريين وهذا ما قد يشكل حساسية لنا وإرباكاً مع (وليد) جنبلاط و(طلال) أرسلان”.

من هذا المنطلق كله، استقبلت العشائر العربية هذه القوى السياسية المتنوعة في ديوانيتها امس، آملة أن يكون هؤلاء شركاء لها (في مكان ما). ويذكر أحد نخب العشائر أن “مسألتنا راقية وحضارية وسامية، وهي رفع الظلم عن شباب خلدة، والتي بدأت تتحول الى قضية رأي عام وطنية كبرى، ولن نسمح لأحد أن يحولها الى سوق عكاظ سياسي مهما تشابكت وتعقدت أو حتى لو تلاقت الأمور”.

ويضيف: “نحن نقدر ونثمن كل من يقف معنا، لأي بيئة انتمى أو لأي هوية سياسية وايدولوجية، ولأي مشروع سياسي يحمل… وبصراحة، أمنياتنا كعشائر عربية لو كان لقاؤنا اليوم هو لبحث وتبادل الآراء والأفكار لاستيلاد صيغة وآلية عمل ننقل بها بلادنا من بيداء معاناة المواطن وعذاباته التي طال ليلها ولم يأتِ حتى الآن فجر الانتهاء منها”.

ويتابع: “انما شاء القدر أننا خسرنا منذ سنتين في خلدة فتى بسبب تفلت السلاح وانتشار اللااستقرار في هذه المنطقة، وحيثيات الأحداث ووقائعها معروفة للجميع… كما أن منسوب الظلم والاستعلاء والبهتان ولج مكاناً غير مقبول وغير طبيعي ومرفوضاً كلياً، وهو ما تجسد في ما صدر من أحكام ظالمة ووقحة وفجة وفاقعة، ولا تمت الى العدالة بصلة، وهي الأحكام التي طالت 37 شاباً من خيرة شباب عشيرتنا”.

اذاً، في عمق المسألة وصلبها يتلمس المراقب أن الراي العام عند العرب يدرك تماماً مدى التعقيد والانسداد السياسي الذي يعاني منه البلد، وما يزيد الأمر اهتماماً وتأثيراً وتعقيداً وحساسية هو موقع خلدة الجيوسياسي عند كل الأطراف، حيث لموقعها الجغرافي انعكاس على مواقفها في مسألة خلدة التي تعتبر بمثابة بوابة لخمس هي التالية: بوابة العاصمة، بوابة الجبل، بوابة الجنوب، بوابة لبنان للعالم من خلال وقوع المطار على أرضها، وفي الخمسينيات كان يسمى بمطار خلدة الدولي، ولذا، في هذا السياق تأمل العشائر أن تصبح لخلدة بوابة خامسة “بوابة العدالة والسلم الأهلي، وذلك باقرار العدالة والانصاف تجاه شبابها القابع ظلماً في السجون، لتكون عندئذ فعلاً بوابة العدالة والانصاف والنزاهة، وهذا يتجسد في نجاح الجهود المنشودة في رفع الظلم عن شباب خلدة.

تأسيساً على ما جاء أعلاه، وبعد لقاءات وحوارات مع صنّاع رأي وتأثير من نخب ووجهاء العشائر في خلدة الذين يؤكدون “نحن لا نطالب بالغاء المحكمة العسكرية، فهذا الأمر له ناسه (القوى السياسية واللجان المختصة في المجلس النيابي)، انما نحن فقط نطلب من المحكمة العسكرية الغاء الأحكام الجائرة واطلاق سراح الشباب فوراً”.

هذه النخب العشائرية ومن مناقشاتها وحواراتها التي تنظمها في الديوانيات يستخلص الباحث والمتابع عناوين عريضة لخارطة طريق تطرحها العشائر تؤدي الى حل مسألة خلدة جذرياً مع “حزب الله”، وهي التالية:

1- انهاء ذيول الأحداث جذرياً.

2- حفظ الحقوق والكرامة والخصوصية.

3- اطلاق سراح كل الموقوفين العرب.

4- الحرص على السلم الأهلي.

5- تعزيز العيش المشترك وميزة التنوع.

6- سيادة القانون (وروحية القانون).

7- اعتماد لغة الحوار.

8- العشائر لن تسمح لأحد اطلاقاً بالتوظيف السياسي أو الابتزاز الانتخابي لمسألتها المحقة.

9- العشائر العربية في خلدة تدرك حقيقة حسابات كل القوى والأطراف ونواياها واستراتيجياتها.

10- انجاز المصالحة العادلة والنزيهة والمتماسكة والمتوازنة مع الآخر، تحفظ الكرامة الانسانية.

اما رسالة العشائر الى قيادة الجيش والأجهزة المعنية، فقد أشار اليها المتحدث باسم العشائر الشيخ علي موسى بأنه “لا بد من أن تتدارك الأمور وذلك بانهاء الملف جذرياً، قبل أن ينزلق الوضع الى هاوية لا يعلم أحد خطورتها الا الله تعالى”.

تأسيساً على ما جاء، تؤكد جهات متابعة أن الحكمة والوعي والجدية والمسؤولية والشفافية والصراحة تشير كلها الى أن الكرة الآن في مرمى المعنيين وخصوصاً أربعة (مفتي الجمهورية – شخصياً؛ و(نبيه) بري و”حزب الله” وأرسلان، ان الميكانيزم والعلاقات التاريخية بين بري وجنبلاط هي بوابة حيوية تجاه “حزب الله”)، الا اذا هناك حسابات خفية ومكتومة.

هذه أعلاه خلاصة الرؤية عند العشائر، وإلا لا سمح الله، هناك باب عريض سيفتح لخيارات لا يعلم أحد عواقبها، وهي – بالتأكيد – تبقى في دائرة المجهول، وهذا ما يرفضه كل مسؤول عاقل ومخلص.

شارك المقال