فرنجية… رجل 8 آذار القادر على التمايز عن محوره

محمد شمس الدين

لم تسجل أي ردود فعل على مقابلة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الأربعاء على قناة “الجديد”، باستثناء رد من “التيار الوطني الحر”، حاول فيه تبرئة رئيسه جبران باسيل من صفقة مرفأ بيروت. مقابلة فرنجية كانت هادئة، والهدف منها إيصال رسائل الى من يعنيهم الأمر خارجياً وداخلياً، عن نهجه الرئاسي كيف سيكون في حال وصل إلى بعبدا، ويبدو أنه سياسة اليد الممدودة، فكيف قرأت مختلف الأوساط السياسية هذه المقابلة؟

المتحمسون لفرنجية أشارت مصادرهم لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الأجواء الاقليمية ناشطة وسريعة، سواء بين السعودية وإيران، أو السعودية وسوريا، وهذا ما يعزز فرص فرنجية، الذي كان واضحاً في الرسائل التي وجهها بالأمس إلى السعودية، مؤكداً أنه ينتمي إلى 8 آذار، ولكن هذا لا يعني أنه ضد السعودية، فخلال الأزمة التي حصلت بين المحورين، لم يكن هناك موقف سلبي واحد لفرنجية تجاه المملكة، وهو أكد في المقابلة أنه لا يمكن أن يكون رئيساً من دون السعودية، حتى لو كان يملك 65 نائباً لانتخابه”. واعتبرت المصادر أن “تمسك زعيم المردة باتفاق الطائف، وعدم الذهاب إلى تغيير فيه، معطى مهم يعزز الموقف السعودي تجاهه، وبهذا التمسك يعطي تطمينات للداخل والخارج”.

ورأت المصادر أن فرنجية شدد في طروحه على أنه “إذا أصبح رئيساً سيكون على مسافة واحدة من الجميع، وسيمد يد الحوار للجميع، وأثنى على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واعتبر أن ما حققه الأخير في سنة لم نكن نحلم بتحقيقه خلال عقود، وبالتالي إذا حالفه الحظ رئاسياً، وبالتوافق مع رئيس حكومة، يمكن أن يكون لبنان مواكباً للسياسة الاقتصاية التي تقودها المملكة العربية السعودية في العالم العربي، بالتكافل والتعاون مع الأمير بن سلمان”. وأشارت الى أن رئيس “المردة” لم يقدم “صورة المنتصر على خصومه، بالعكس، قدم صورة مد اليد، أي أنه في حال انتخابه، يستطيع توفير الضمانات لحكم ديموقراطي في لبنان، وستكون هناك حصص ومكتسبات سياسية لكل طرف، اذ ليس هدفه أن يكون زعيماً في جبل لبنان، ولن يحاول ضرب القوى السياسية في شوارعها، وليس في هواه استقطاب القضاة والضباط، بل هو يسعى الى ترك بصمة في الرئاسة، مستفيداً من التجربة السيئة للعهد السابق”.

وشددت المصادر على أن أهم ما أراد قوله فرنجية هو أنه “لا يمكن تصويره كدمية بيد أحد، وقد عدّد أمثلة على ذلك، مثل تصويته ضد حل حزب القوات اللبنانية عام 1994، وعندما حمى المؤسسة اللبنانية للارسال Lbc حين كانت هناك خطة لوضع اليد عليها، وحتى عندما تولى وزارة الداخلية عام 2004، قال للرئيس السوري بشار الأسد انه يجب إرضاء المسيحيين في لبنان وحل الخلاف المسيحي – السوري، ووقتها اقترح قانون الستين (حلم المسيحيين) وقدمه الى البطريرك صفير، وهذه الملفات كلها كان يختلف فيها مع حلفاء سوريا في لبنان، وبالتالي هو يؤكد أنه ليس دمية أحد عندما يكون في السلطة”.

من جهة أخرى، فند مصدر سياسي وسطي مقابلة فرنجية ووصفه برجل حوار، معتبراً في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن “فرنجية يدرك جيداً التوازنات المحلية والاقليمية، وقوله انه يرفض تبوؤ الرئاسة من دون رضى كل من السعودية وإيران هو نقطة كبيرة لصالحه، وقد دخل المقابلة بكل ثقة، وفي الوقت نفسه ترك الطريق مفتوحاً لخط الرجعة.” ورأى أن أهم ما طرحه فرنجية هو أنه “سينسق مع رئيس الحكومة أي زيارة رسمية الى سوريا، فيما زياراته الخاصة لا علاقة لها بالسياسة العامة للبلد، وهذا أمر تلقفه بإيجابية العديد ممن لديهم خلافات مع سوريا، تحديداً من الشارع السني. وكذلك تطرق فرنجية إلى قانون الانتخاب، فبعكس القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يرى ضرورة في تعديل القانون القائم، الذي تعتبر غالبية المكونات أنه لا يؤمن التمثيل الصحيح، بالاضافة إلى ذلك فقد أكد فرنجية على تمايزه عن المحور الذي ينتمي إليه، بدعمه الاقتصاد الحر والمصارف، عكس ما تفضل إيران”.

ولكن كانت هناك بعض السقطات لزعيم “المردة” وفق المصدر، الذي اعتبر أن “إعلان فرنجية تمسكه بالثلث الضامن هو استعجال واستباق لتكليف رئيس الحكومة، فيما المعارك في التأليف كانت تدور حول الحصص، وهو ما تخلّص منه الرئيس سعد الحريري في آخر تشكيلة اعتذر بعدها عن تأليف الحكومة لعدم موافقة القوى السياسية على صيغة جديدة تعطي الحكومة قوة الكفاءة في معالجة الأزمة”. وقال: “لقد أخطأ فرنجية في المعايير، عندما عدد رؤساء حكومات، واضعاً الرئيس الحريري في مستوى فيصل كرامي، وعوّم (فؤاد) مخزومي الذي لا يرتقي الى مرتبة وزير حتى”. وأوضح أن فرنجية حمّل فرنسا أكثر مما تحتمل، متناسياً أنها أول من طرح عقداً اجتماعياً جديداً للبلد، وهذا يناقض ما أدلى به عن تمسكه بالاتفاق.

ولفت المصدر الى أن “التواصل يبدو مقطوعاً بين بنشعي وميرنا الشالوحي، بحيث كان واضحاً هجوم فرنجية على التيار الوطني الحر، أكثر بكثير من هجومه على القوات، وكان يمكنه تعرية خصومه، إلا أنه استعمل الهجوم الايجابي بدلاً من ذلك، وحاول إرضاء المسيحيين، تحديداً لجهة إعلانه عدم التفريط بصلاحيات رئيس الجمهورية”.

مع زحمة مبادرات دولية وإقليمية، يبدو أن الانتعاش عاد إلى الملف الرئاسي، ولكن الحل كما يظهر لن يكون داخلياً، بل سيكون طبخة خارجية، يلتزم بها الداخل. وقد استبق رئيس تيار “المردة”، كل المبادرات الدولية، وقدم خطاباً هادئاً وجه فيه رسائل الى كل من يعنيهم الأمر في الخارج، وحتى أنه أرسل إشارات الى معارضيه في الداخل، وقرأت الأوساط السياسية مقابلته بإيجابية مفرطة، على الرغم من وقوفها عند بعض ما اعتبرته سقطات، فهل يعبّد أوتوستراد بنشعي – بعبدا؟

شارك المقال