fbpx

من أعواد المشانق حتى الرصاص والتفجير… استشهدوا لتبقى الكلمة حرة

حسين زياد منصور
تابعنا على الواتساب

بين الثّالث من أيار تاريخ الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة والسّادس منه إحياء لذكرى شهدائها، أكثر من 100 عام مضت، والصحافة اللبنانية تلعب دوراً وطنياً منذ الثورة والنهضة العربية في مواجهة العثمانيين والفرنسيين. الكثير والكثير من شهداء الصحافة والقلم الحر سقطوا، منذ أن علقوا على أعواد المشانق التركيّة بين آب 1915 وأيار 1916، وما تلا ذلك من أحداث مروراً بالانتداب الفرنسي والحرب الاهلية حتى الاغتيالات في حاضرنا هذا.

ولطالما عرف لبنان وتميز عن بقية الدول المجاورة بإعطائه مساحة حرة للصحافيين، خصوصاً في ظل حكم الأنظمة الديكتاتورية في هذه الدول التي سعت الى استخدام شتى أشكال القمع وكم الأفواه وإسكات الأقلام الحرة. 

القصيفي: الحرية نبراس يقود خطانا

وفي حديث مع موقع “لبنان الكبير” يشير نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي الى “أننا نواجه في اليوم العالمي لحرية الصحافة والاعلام تحديات كبيرة ومسؤوليات خطيرة في الاستمرار بالعمل على قاعدة مهنية وسط التطور الهائل في وسائل الاتصال والاعلام”. ويقول: “هذه التحديات تهدد المهنة كمهنة حرفية إذا لم نحسن التعامل معها ونفيد منها كي نعزز دورها ونطورها خصوصاً للحفاظ على الصحافة الورقية التي تشكل ذاكرة الأوطان والمجتمعات الموثقة بالحبر والورق”.

“ان هذا اليوم هو الشرفة التي نطل منها على قضايا الاعلام لنؤكد على ضرورة العمل الدائم للحفاظ على حريته وأن يكون في خدمة المجتمع وقضايا الانسان وحقوقه”، بحسب القصيفي، الذي يوضح “أننا في نقابة المحررين لنا نشاط خاص يوم الأربعاء في الثالث من أيار لمناسبة هذا اليوم ولنتحدث فيه عن مصير الصحافة وهل هي مهنة في مصير الزوال؟ وهذا العنوان الذي طرحناه من باب التساؤل ليفتح امامنا باب التفكير في كيفية تطوير المهنة”. وعن ذكرى شهداء الصحافة في السادس من أيار، يؤكد القصيفي أن “هذا واجب نؤديه تجاه شهداء الصحافة اللبنانية الذين كرّت سبحتهم منذ السادس من أيار 1916 بحيث أن ما يزيد عن ثلث الذين علقوا على أعواد المشانق هم من الصحافيين وقادة الرأي، ولم يتوقف الأمر عند هذا التاريخ بل استمر حتى أيامنا هذه، ونستذكر بالمناسبة الشهيد نسيب المتني الذي كان نقيباً لمحرري الصحافة اللبنانية في العام 1957 وفي الثمانينيات سقط نقيب الصحافة الشهيد رياض طه، والكثير من القامات والهامات الصحافية والاعلامية التي سقطت اما برصاص الغدر واما بالتفجير أو الخطف وأبشع أنواع القتل”.

ويضيف: “نستذكر هؤلاء ونتخذ من سيرتهم عبرة ونصر على حمل المشعل من أجل أن تبقى راية الصحافة مرفوعة، وأن تبقى الحرية هي النبراس الذي يقود خطانا في عالم المهنة”.

أكثر من 100 عام وقائمة الشهداء تطول

تطول قائمة شهداء الصحافة عبر السنوات الماضية، فمن لم يقرأ في كتاب التاريخ عن المحاكم الصورية التي أنشأها والي الشام العثماني آنذاك جمال باشا الملقّب بـ”السفاح” من أجل اصدار أحكام الاعدام بحق الوطنيين في بيروت ودمشق واعدامهم شنقاً على دفعتين الأولى في 21 آب 1915 والثانية في 6 أيار 1916 في ساحتي البرج (ساحة الشهداء) في بيروت وساحة المرجة في سوريا، بعد اتهامهم بالتآمر على الدولة العثمانية والسعي الى التخلص من الحكم العسكري التركي والتحضير للثورة العربية لنيل الاستقلال. وكان معظم الذين أُعدموا من أهل الصحافة والاعلام، وأبرزهم الشيخ أحمد حسن طبارة وعبد الغني العريسي والأمير عارف الشهابي وسعيد فاضل عقل وجرجي موسى الحداد.

لم تنتهِ قائمة اغتيال الصحافيين هنا، بل بدأت، ففي 27 أيار من العام 1958 اغتيل الصحافي نسيب المتني، وفي أيار من العام 1966 اغتيل المفكر والصحافي كامل مروه مؤسس جريدتي “الحياة” و”دايلي ستار”.

وخلال الحرب الأهلية عام 1980 وفي شهر شباط اغتيل مؤسس مجلة “الحوادث” الصحافي الكبير سليم اللوزي الذي وجدت جثته ملقاة في أحراج عرمون، ومن بعده نقيب الصحافة اللبنانية رياض طه في 23 تموز 1980.

وخلال هذه الفترة أيضاً فشلت عدة محاولات اغتيال لصحافيين معروفين وناشري صحف أيضا كمحاولة اغتيال ناشر صحيفة “السفير” الصحافي طلال سلمان عام 1984.

كان عهد الوصاية السورية وما تلاه من قوى الأمر الواقع دموياً جداً، والصحافيون اللبنانيون على موعد مع الخطف والاحتجاز والاعتقال الى جانب الاغتيالات والتصفيات بسبب مواقفهم وآرائهم. وبدأت السبحة في العام 2004، بمحاولة اغتيال الصحافي والنائب مروان حمادة.

بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتفجر ثورة الأرز، والمواقف التي أطلقت خلالها على الرغم من معرفة الكثير منهم أنها ستودي بحياتهم، كان الموعد مع الصحافي سمير قصير الذي لطالما واجه سلطة الوصاية السورية والنظام الأمني اللبناني حينها ودافع عن بيروت واللبنانيين والشعوب العربية، ليسقط شهيداً في الأشرفية في الثاني من حزيران 2005 بانفجار داخل سيارته.

وفي أيلول من العام نفسه تعرضت الاعلامية مي شدياق لمحاولة اغتيال إثر تفجير عبوة ناسفة بسيارتها في جونية فأصيبت بجروح خطيرة وفقدت يدها وساقها اليسرى.

تبع ذلك في 12 كانون الأول 2005 اغتيال الصحافي جبران تويني ومرافقيه اندريه مراد ونقولا الفلوطي إثر تفجير سيارته في المنطقة الصناعية في المكلّس. كان جبران قد هز عرش الوصاية بقسمه الشهير في 14 آذار 2005، ليعود في 8 كانون الأول ويكتب في افتتاحية “النهار”: “ليت الوزير فاروق الشرع (وزير الخارجية السوري) يفهم ويقتنع بأن عهد الوصاية السورية على لبنان قد ولّى، وبأن اللبنانيين يعرفون مصلحتهم ويغارون عليها أكثر مما يغار عليها النظام السوري الذي يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، من أجل معاودة وضع اليد على لبنان وفرض وصايته عليه، بينما هدف اللبنانيين هو تحصين استقلال بلادهم وحماية سيادة وطنهم ووحدته بعد انتفاضة الاستقلال وانسحاب القوات السورية منه”.

واستمرت عمليات الاعتداء على الصحافيين ولم تتوقف وكان آخرها اغتيال لقمان سليم في 4 شباط 2021.

تجدر الاشارة الى أن الثالث من أيار هو اليوم الذي اختير لاحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحافيين الأفريقيين الذي نظّمته “اليونيسكو” وعُقِد في ناميبيا في 3 أيار 1991، لتعلن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 موافقتها على اعتبار الثالث من أيار اليوم العالمي لحرية الصحافة.

أما السادس من أيار فتحول هذا اليوم من كل عام مناسبة يحتفل بها لبنان وسوريا بعيد الشهداء تكريماً لذكرى من أقدمت السلطات العثمانية على تنفيذ حُكم الاعدام بحقهم في ساحة البرج وسط بيروت وساحة المرجة في دمشق، بعد أن اتّهمهم جمال باشا السفاح بالتخابر مع الاستخبارات البريطانية والفرنسية والتخطيط لتدمير الدولة العثمانية ودعم الثورة العربية.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال