الاتفاق الاقليمي تم… والمحلي تعطّله المصالح الخاصة

محمد شمس الدين

لا تزال السياسة تشهد سكوناً نوعاً ما بسبب العطل المتكررة من الشهر الماضي حتى اليوم، لم يخرقه بصورة جدية إلا زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان، الذي وضع المسؤولين السياسيين في جو الاتفاق السعودي – الإيراني، وأكد لهم أن المطلوب هو شرق أوسط هادئ، وهناك عملية تقارب ضخمة بين كل الأطراف في المنطقة، تقودها السعودية وإيران، ولم ينس لبنان الذي شدد على أنه جزء من النسيج الشرق أوسطي، ويجب العمل على استعادته أفضل مما كان، مبدياً امتعاضه من الخلاف والتباعد المستمر في البلد، علماً أن الاتفاق الأصعب حصل، فلمَ لا يتفق اللبنانيون في ما بينهم؟

لا أحد يمكن أن ينكر أن الأطراف في لبنان، تنقسم بين المحورين السعودي والايراني، وهي إما تنتمي كلياً الى أحد هذين المحورين، أو تتماهى معه، ولذلك من المستغرب استمرار الخلاف، مع تشديد القوى الاقليمية على عدم التدخل مباشرة في الشأن اللبناني، والاصرار على أن يحل اللبنانيون أزماتهم بأنفسهم، تحديداً في ظل مستقبل من المفترض أنه مليء بالانفراجات الاقتصادية، استناداً إلى ما سيحققه البلد في أواخر أيلول مع تركيب أول منصة لاستخراج البترول، المدعومة دولياً، في حقل قانا اللبناني.

المتحمسون لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية يشيدون بصورة شبه يومية بسياسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واعتبرت مصادرهم في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن سياسة تصفير المشكلات التي ينتهجها الأخير، والايجابية المفرطة من إيران، تدل على أن الاتفاق مع ايران يسير على أسس متينة جداً، ولا يمكن لأي قوة أن تقف في وجهه، وهذه السياسة بتصفير المشكلات، من الطبيعي أن يكون لبنان من جملتها، تحديداً كون “حزب الله” موجوداً فيه، وبالتالي لن تكون هناك مواجهة سعودية – إيرانية في لبنان، ومن المؤكد أن المسألة اللبنانية ستأخذ منحىً توافقياً.

وأشارت المصادر إلى أن “هناك خصوصية لحزب الله في الجو الايراني، ومن الطبيعي أن يطلب ضمانات تريحه، ولن تقف السعودية في وجهها ما دام الاتفاق يشمل لبنان، ولذلك لن يكون عندها هواجس أو حذر من أي رئيس جمهورية حتى لو كان من صلب 8 آذار، لأن الاتفاق كبير وتاريخي، ويشمل كل هذه الأمور، وبالتالي أي شخص يظن أنه يستطيع الوقوف في وجهه، يكون واهماً، ولبنان لا يمكن أن يكون خارج الجو الاقليمي”.

ولفتت المصادر إلى أنهم “كانوا يحذروننا من أنه إذا وصل فرنجية الى الرئاسة، فسيتعرض البلد لمقاطعة عربية، وبعد الاتفاق الايراني – السعودي هذا الكلام سقط، عندها بدأوا بحجج جديدة، أن هناك فيتو داخلي عليه، كأن من يتحدثون بهذه الطريقة، حصلوا على عدد النواب في كتلتهم، من قوتهم وحدهم، ولم يكونوا مسنودين إلى الداعم الاقليمي، الذين ينتمون إليه”.

أما عن تسويق عودة الـ “س.س” عبر فرنجية، فأكدت مصادر مطلعة على الجو السوري أن الرئيس السوري بشار الأسد “يرفض رفضاً تاماً الغوص في الشأن اللبناني بأي شكل كان، وقد فوّض حزب الله، بالحرص على مصالح سوريا في لبنان”، موضحة أن “اهتمام الأسد اليوم هو بتحسين وضع بلده، وخروجه من أزماته الاقتصادية، وعودة سوريا إلى الجو العربي، ولا يعنيه الشأن اللبناني بتاتاً، إلا في بعض الملفات، التي لا تحتاج إلى تدخله بصورة مباشرة، ويمكن أن يديرها حزب الله، حتى من دون التنسيق معه”.

المصالح الخاصة هي التي تقف في وجه التوافق اللبناني – اللبناني، جبران باسيل يخاف أن يأتي رئيس جمهورية، من دون أن يحظى بتوقيع ميرنا الشالوحي، ويكون عهده مزدهراً، في ظل التوافق الاقليمي، وقرب استخراج الغاز، مما يثبت التهمة على عهده وعمه، بأنه فاشل. أما سمير جعجع، فيبدو أنه فقد الاهتمام بالشأن الرئاسي فعلياً بعد الاتفاق الاقليمي، ويعلم تماماً أنه لن يمكنه إيصال المرشح الذي يريده هو، وأن أجنداته الخاصة لا يمكن أن تنفذ في المرحلة الحالية، بل أن الكفة تميل الى الخصم، ولذلك يعمل على تكريس نفسه في الشارع المسيحي، من أجل الاستحقاقات التي تلي الانتخابات الرئاسية، ليضمن أكبر حصة ممكنة، تكون من حقه وفق تقسيمة النظام اللبناني.

شارك المقال