لا جمعيات مسجلة لدمج اللاجئين… والأرقام غير الدقيقة للمزايدة

محمد شمس الدين

لا يزال ملف اللجوء السوري في لبنان موضع نقاش، على الرغم من أن حدته تراجعت في الأيام الأخيرة، إلا أنه بقي على الطاولة ولو بوتيرة أخف. وفجأة خرجت أرقام كبيرة إلى العلن، من لجنة الادارة والعدل النيابية، تتحدث عن وجود 8000 جمعية تعمل لدمج السوريين في لبنان، وصل تمويلها إلى 8.7 مليارات دولار وفق اللجنة. ولكن كيف تم تسجيل هذا العدد من الجمعيات أساساً؟ وهل يعقل أن الوزارة المعنية والحكومة قبلتا بتسجيل جمعيات تعمل لدمج السوريين في لبنان خلافاً للقانون؟

إذا بحثنا في كل الجمعيات التي تعمل في ملف اللجوء السوري، لا نجد جمعية واحدة، تضع في أهدافها دمج السوريين، وأكد وزير داخلية سابق لموقع “لبنان الكبير” أن “من المستحيل إعطاء علم وخبر لجمعية، تكون أهدافها دمج السوريين، لأن ذلك يخالف القانون، وأصلاً وزارة الداخلية تسجل الجمعيات، بعد أن يكون الأمن العام درس الملف، للتأكد من الوضع القانوني للجمعية.”

وبالنسبة الى ما يحكى، قال الوزير السابق: “البيّنة على من ادعى، ألم يتفوهوا بهذا الأمر؟ إذاً عليهم أن يثبتوا أقوالهم، وليسمّوا لنا جمعية واحدة تعمل في هذا الشأن، ومن الوزير الذي أعطاها الرخصة”. وأوضح أن “قانون الجمعيات المعمول به هو من سنة 1909، ولم يتم تعديله، كأن العثمانيين لا يزالون في البلد، وبدل أن يبحثوا في شأن الجمعيات، فليعدلوا القانون”.

وللوقوف على الأرقام الصادمة، تواصل موقع “لبنان الكبير” مع مقرر لجنة الادارة والعدل النائب جورج عطا الله الذي أكد أن “ليس كل الجمعيات تعمل على دمج اللاجئين، ولكن معظمها مستفيد مادياً من وجودهم، ويحصل على المال من جهات خارجية”. ولفت الى أن “هناك جمعيات مررت العلم والخبر، من دون أن تضع مهمة دمج اللاجئين ضمن أهدافها، ولكنها تعمل على ذلك، وليس من السهل معاقبتها، لأنها في الظاهر تقوم بأعمال إنسانية، ومن يموّلها سيحميها. ونحن سنعمل على إدراج لائحة بالأسماء، وسيتم التقصي والاستقصاء حول كل الجمعيات التي تعمل في الشأن السوري”.

وأشار وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، الى أن الوزارة تقوم بمتابعة الجمعيات التي تعنى بعمل اللاجئين وتقويمها، مؤكداً أن “هذا الأمر ليس من مسؤوليتها، وهي لا تمتلك ضابطة عدلية، من أجل ذلك. ومن يتابع العمل هم محافظو المناطق، ونحن نقوم بإدلاء رأينا فقط، وقد أصدرت كتاباً بالتنسيق مع وزارة الداخلية، الجمعية التي تدخل إلى المخيمات، عليها أن ترسل أوراقها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل الاستقصاء أو التقصي حول طبيعة أعمالها”.

وعما يحكى عن وجود 8000 جمعية تعمل لدمج اللاجئين، قال حجار: “ان العدد المحكي عنه لا يدخل العقل. فليشرحوا لنا ويخبروننا كيف اكتشفوا هذه الجمعيات، وماذا تفعل؟ فلبنان لا يتسع لهذا العدد من الجمعيات أصلاً”.

أضاف: “ماذا يعني جمعيات دامجة أساساً؟ وكيف تعمل؟ يجب أن نفهم ماذا يقال. يبدو أن الوقت حان للبعض أن يصعد بالبوسطة، ويحمل العلم، ونتبنى المشكلة، وفي النهاية يفجر البوسطة”.

وتابع ساخراً: “بما أنه ليس هناك رئيس جمهورية أفكر في أن أنشئ قطاعاً للأوسمة في وزارة الشؤون الاجتماعية، ونوزع هذه الأوسمة بين المناضلين في سبيل عودة اللاجئين”.

وختم حجار: “تمي مليان مي”.

إذاً، الأرقام ليست دقيقة، وما ينشر هدفه الركوب على موجة الشعبوية، والمزايدة في سوق عكاظ العنصري، وما يحصل مؤخراً في عدد من الملفات، يدعو إلى الشك، بأن هناك من يريد إثارة “مشكل” أمنياً في مكان ما والهدف هو الرئاسة، فقد تقدمت مؤخراً عدة ملفات فجأة إلى الساحة، أبرزها اللاجئون، وملف خلدة، كأن هناك من يستقصد خلق حالة أمنية معينة، وعلم “لبنان الكبير” أن “الثنائي الشيعي” مدرك لهذا الأمر، ويعمل على إطفاء أي شعلة، قد تنفجر أمنياً.

شارك المقال