هل تقرع طبول الاضرابات؟

سياسة 8 أيار , 2023 ـ 12:01 ص
        اخر تحديث قبل: 3 أسابيع
اضراب

 

على واقع مرير يستفيق المواطنون كل يوم، وهم يحاولون تخليص معاملاتهم في الادارات العامة، فالموظفون لا يداومون إلا يومين في الأسبوع، وهم ينوون المجيء هذه الفترة يوماً واحداً فقط… المواطن محق في طلبه، والموظف أيضاً، وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ في بلد مثل لبنان لا أحد فيه يهتم لمعاملة مواطن يمكن أن تكون مصيرية، ولا لأوضاع موظفين اذا ما استمرت أمورهم على هذه الحال، تذهب مؤسسات الدولة برمتها الى مصير مجهول.

ببساطة، وبكلمة واحدة لبنان يعاني من التضخم، بمعنى أن ما يقبضه الموظف لم يعد يكفيه لشراء السلع الغذائية المدولرة، فقد فاقت نسبة رفع الضرائب والرسوم خلال الأشهر الأخيرة من العام الحالي 2023 كل حدود التصورات المنطقية، في وطن تدهورت فيه مستويات المعيشة الى أدنى المستويات العالمية، فازدادت تعرفة الكهرباء 15 ضعفاً كما تعرفة الخلوي من 15 الى 25 ضعفاً، وتعرفة الإتصالات 10 أضعاف وأسعار الأدوية والأغذية والمحروقات بما لا يقل عن 20 ضعفاً، وازدادت الرسوم الجمركية أيضاً بحدود العشرة أضعاف. لكن رواتب العاملين في القطاع العام تزداد رقمياً بنسبة 3 أو 4 أضعاف الا أنها تراجعت بنسبة لا تقل عن 90% أي أنها تراجعت بنسبة 10 أضعاف على الأقل. لهذه الاسباب يطالب الموظفون بالحصول على جزء من رواتبهم بالدولار فهل تستطيع الدولة تأمينه؟

نظراً الى تفاقم الأوضاع المعيشية وتدني القدرة الشرائية للعملة الوطنية، سبق لمجلس النواب أن أقر بموجب المادة 111 من قانون موازنة العام 2022 بتاريخ 2022/11/15، إضافة راتبين على رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بمختلف تسمياتهم الوظيفية المدنية والعسكرية، ثم قرر مجلس الوزراء بتاريخ 2023/4/18 منح تعويضات إضافية مؤقتة وإستثنائية لكل من يعمل في القطاع العام وهي أربعة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو الملاك في القطاع العام والمتعاقدون والأجراء لديه، على أن لا يقل هذا التعويض المؤقت عن 8 ملايين ليرة شهرياً، وأيضاً زيادة ثلاثة أضعاف الراتب الأساس ومتمماته الذي تتقاضاه الأسلاك العسكرية على أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن 7 ملايين ليرة شهرياً. ويشترط للإفادة من هذه التعويضات الاضافية المؤقتة حضور الموظف 14 يوماً على الأقل شهرياً وفقاً للدوام الرسمي، ما لم يكن الغياب مبرراً بصورة رسمية، وعلى الإدارة تقع مسؤولية تنظيم الدوام بما يؤمن إستمرارية عمل المرفق العام من دون توقف طوال أيام الأسبوع.

في جردة سريعة نرى أن عملية الرواتب الشهرية مع التعويضات الإضافية بما لا يتجاوز الخمسين مليون ليرة شهرياً، توضح أن أعلى الرواتب في القطاع العام لن تتجاوز عتبة الـ ٦٠٠ دولار شهرياً في أحسن الأحوال، كما أن 90% من العاملين في القطاع العام الرسمي لن تتجاوز رواتبهم الـ ٣٠٠ دولار شهرياً في أحسن الأحوال للعاملين في الخدمة الفعلية أو المتقاعدين من مدنيين أو عسكريين. والسؤال هنا ينقسم الى جزأين: من أين ستأتي الدولة بالتمويل لهذه الزيادات للعاملين في القطاع العام من جهة؟ واذا ما حصل عليها العاملون هل تضمن الدولة عدم ارتفاع نسبة التضخم بعد فترة ما سيؤدي الى تبخر قيمتها؟

هذه الزيادات التي أقرتها الحكومة لم تمر اذ وجدوا فيها وسيلة احتيالية جديدة لاخراجهم من الشارع وفك إضراباتهم، وتعتمد خلالها إجراءات ترقيعية لا تلبي مطالبهم في ظل التضخم الكبير وانهيار العملة المحلية.

ودعت الهيئات وروابط القطاع العام والمتقاعدين المدنيين والعسكريين إلى تحديد سعر صرف ثابت لاحتساب الرواتب والمعاشات التقاعدية والتمسك بتوفير الاعتمادات المالية الكافية المطلوبة للطبابة ولاستشفاء الموظفين والمتقاعدين وخصوصاً قوى الأمن الداخلي والجمارك وتعاونية موظفي الدولة وصندوق تعاضد الجامعة.

في هذا الاطار، يرى خبراء اقتصاديون أن الحلول التي تعتمدها الحكومة خاطئة، ولا تعدو كونها إبرة مورفين، إذ لا ترتكز على أي أساس أو خطة اقتصادية إصلاحية شاملة، فهي بدل أن تلجأ إلى الإصلاح وتصغير القطاع العام تعمد إلى رفع الأجور للموظفين الذين يستحقون الزيادة وأولئك الذين لا يعملون وتالياً لا يستحقونها، لافتين إلى أن نصف الموظفين في المؤسسات والادارات العامة لا يعملون، وجرى توظيفهم خلافاً للأصول والقانون.

يضيف الخبراء: "عملة لبنان انتهت ومهما اتخذت الحكومة من إجراءات، فلن تكون لها قيمة، والموظفون سيواصلون المطالبة بزيادة رواتبهم التي تتآكل قيمتها على وقع ارتفاع سعر صرف الدولار. من هنا، لا بداية حلّ إلا بدولرة شاملة، ولو جرى منح الرواتب بالدولار الأميركي، علماً أن هذه الخطوة من شأنها أن تصغر القطاع العام، باعتبار أن الدولة على قدر ما تملك من دولارات ستدفع لموظفيها، وهي لا تملك كفاية لمنح كل الموظفين العاملين وغير العاملين، وما عليها الا السير بمنحى إصلاحي وظائفي، فالدولة بهذا الكم من الموظفين اذا ما أقرت موضوع الدولرة لا تستطيع الاستمرار فيه الا لفترة قصيرة جداً".

الموظفون رفضوا القرارات الأخيرة بزياداتها، وحصلوا على موعد من الرئيس نجيب ميقاتي خلال هذين اليومين لإعادة طرح الملف من جوانبه كافة، فعلى أي جواب سيحصلون وهم الذين أخافهم تمرير الدولار الجمركي، لتتجمرك عليهم هذه التعويضات والتقديمات الاستثنائية؟ على ما يبدو لن يلبي الموظفون واجبهم الوظيفي قبل أن يأخذوا حقهم وأقله وأوله وليس آخره تحديد سعر "صيرفة" لموظف القطاع العام.

شارك الخبر

مواضيع ذات صلة:

Contact Us